Al Jazirah NewsPaper Friday  30/05/2008 G Issue 13028
الجمعة 25 جمادى الأول 1429   العدد  13028
حولها ندندن
قصور الرؤية
د. جواهر بنت عبدالعزيز آل الشيخ

التيار الاتباعي يجرفنا نحو الهاوية، دون أن نتوقّف عن الاندفاع الجنوني لحظة واحدة، فالذوبان يدمجنا في بوتقة الآخرين دمجاً كلياً دون وعي، وليته كان دمجاً إيجابياً معرفياً وتجديدياً فهذا الطريق لن نتبرم منه، لأنّه طريق المسيرة العصرية الجماعية، وإنْ كان يقودها للأسف غيرنا، ممن له طموحات ليست كطموحاتنا المتبخّرة، وله عزيمة تتضاءل أمامها عزائمنا المتهاوية، لذا فإنّ هذا الجانب من الدمج ليس لنا منه إلاّ فضوله وعراشه، بل إننا ندفع له أغلى الأثمان.

أمّا الدمج السلبي فهو اندماج قسريٌّ منهم وطوعيٌّ منا، ولا تظهر من خلاله ملامحنا الإيجابية، بل مسخ مهين نحن عنه راضون بل له منبطحون، ليس في جانب واحد فحسب وهو الذي فرض علينا ولم نستطع منه فكاكا، بل هو التصاق وحميمية من جانب واحد وهو جانبنا بالطبع في كل طرق الاتباع، ونحن مغيّبون مخدرون.

ورغم ازدياد الدعوات نحو حوار الحضارات والتقاء الثقافات، إلاّ أنّ محاورنا مازال يتهرّب من إعطائنا الدور في الحديث والتعبير عن الرأي الذي يدور في خلدنا المتقرّح، إلاّ أنّه حينما تكرّم وفعل ذلك، طالبنا بأن نرسل بطاقات التهاني لمغتصب الأرض والعرض؟ لماذا؟ بمناسبة مرور ستين عاماً على هذا الظلم.

ليس ذلك فحسب، بل يريد القطب الأوحد أن ندور حول فلكه المقدّس، ونقتدي بالتجربتين الديموقراطيتين الرائعتين، أين؟ في بلاد النعمة والعز والأمان حيث العراق وأفغانستان ! ليس هذا الكلام محض خيال أو مجال طرائف، بل هو نصيحة الرئيس الأمريكي لبقية الدول العربية والإسلامية؟

ولكن يبدو أنّ الأمر في العلاقات الإنسانية السليمة مازال موصد الأبواب أكثر من ذي قبل، لأنّها لم تَعُد قابلة للتنفيذ، بل ميئوس من ممارستها ممارسة فعلية بشكل يحقق عمومية المصالح الإنسانية وأمنها وإبعاد الاحتقان، وبالتالي الانفجار منزوع الفتيل.

وكل ذلك بسبب تلك السيطرة الخانقة، والعنصرية المستفزّة، وقصور الرؤية الطويل الأمد، والاستبداد الأعمى الذي لا يفتأ يتجاهل الحقيقة الإنسانية التي تعلن بأنّ من حقِّ كلِّ أُمّة أن يكون لها تميّزها الذي يعاف الذوبان في كيان وثقافة غير مقنعين أو حتى عادلين..

ومع كل تلك الأسباب المقنعة، والأحزان غير المنقطعة، سيأتي من بني جلدتنا السمراء، ذات العروق النابضة، وتجري فيه دماؤنا الساخنة، ليقول لنا كفاكم أساليب خطابية، وتأقلموا مع واقعكم وغنّوا يا ليل يا عين!



g.al.alshaikh12@gmail.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 9701 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد