حاوره - محمد بن سليم اللحام * |
استعرضنا في الجزء الأول من حوارنا مع فضيلة رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في محافظة الزلفي الشيخ عبدالله بن أحمد بن محمد السلمان جوانب ثرية كثيرة إذ استعرض فضيلته من خلال كلمة مختصرة أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتناول درجات إنكار المنكر وحذر من خطورة نزع الحياء من النفوس وكيف نعالج النفس المريضة بذلك وتطرق لمخاطر انتشار المنكرات على شباب المسلمين، كما بين مدى تفاعل المجتمع مع جهود الهيئة وماذا يؤمل من رئيس المركز في توجيه أعضاء المركز ونشر الوعي بينهم للإنكار بالطرق الشرعية ناهيك عن تحليله للأسباب الدافعة للبعض في التردد في إبلاغ الهيئة عن بعض المنكرات. |
وفي اليوم نستكمل ما بدأناه سابقاً ببقية هذا الحوار الشيق. |
|
* ما كلمتك لمن يقعون في أعراض الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر؟ |
- كلمتي لمن يقعون في أعراض الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر تقوى الله جل وعلا وكف ألسنتهم وأقلامهم وأفكارهم، وليعلم هؤلاء أن إيذاء المصلحين الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر أو الاعتداء عليهم أو الطعن فيهم أو تضخيم أخطائهم بغير حق وبث الإشاعات الكاذبة عنهم لهو جرم عظيم وذنب كبير تصيب معرته ومغبته المرء ولو بعد حين ولقد قرن الله جل وعلا محاربة هذه الفئة بالكفر وقتل رسله حيث قال: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَق وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (21)، ويدخل في ذلك الإيذاء والاعتداء بغير حق سواء باللسان أو القلم أو البدن ونحوه فنقول لهم: اتقوا الله إن كنتم مؤمنين وتخافون الله احفظوا حسناتكم ولا تضيعوها واحذروا وعيد الله جل وعلا لمن استهزأ به أو بدينه أو ثوابت الدين أو شعائره أو الرسول؟ وعباد الله الصالحين من المحتسبين والدعاة المصلحين: {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}. |
|
* ما هو دور المجتمع في الحد من المنكرات التي انتشرت من خلال البضائع؟ |
- دور المجتمع كبير بل عليه الدور الكبير في ذلك وبخاصة فئة التجار وأصحاب البضائع، فينبغي أن يكون حرصهم على سلامة البضائع من المخالفات الشرعية وخلوها منها كحرصهم على جمع المال أو أشد وليراقبوا الله سبحانه وتعالى ولا يكون همهم كسب المال من غير نظر في الحلال والحرام إذ هم البوابة لدخول البضائع وانتشارها، فالواجب على الجميع التعاون والوقوف سداً منيعاً وحصناً حصيناً أمام مثل هذه المخالفات، وليعلموا أنهم شركاء لهم في الإثم بل الإثم عليهم أشد، وليضعوا نصب أعينهم أنهم سيسألون عن أموالهم من أين اكتسبوها وفيما أنفقوها، ونم ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، وليرضوا لأبناء وبنات المسلمين ما يرضونه لأنفسهم وذرياتهم، فشكر الله لفئة مباركة من التجار حرصهم على سلامة بضائعهم من أي مخالفة وتعاونهم مع الجهات المسؤولة حول ذلك. |
|
* هناك من يطالب بالحريات الشخصية وتطبيقاتها في غير مكانها، وأنه حر في تصرفاته، فما هو حدود الحرية الشخصية في الإسلام وما ارتباط ذلك بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ |
- ما أكثر ما نسمع الكلام حول ذلك ومقياس الحرية في الإسلام مالزم صاحبها حدود الشريعة والتزم حقوق الناس (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) وفعل ما أباحه الله لو وانتهى عن كل ما نهاه الله عنه في كتابه وسنة رسوله؟ ويخطئ كثير من العامة وأشباههم في مفهوم الحرية والخصوصيات بحيث يعتقدون مصادمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لتلك الحرية والصحيح أنه يؤيدها ويصولها ويقومها بل وبه قوامها وسلامة الناس جميعاً، وهو الحصن الحصين لها ما دام أنها مضبوطة بضابط الشرع وملتزمة بأوامره ومنتهية عن نواهيه. |
فأي حرية ينادون بها في إضاعة حقوق الله وسبب دينه ورسوله؟ والتعدي على محارمه، إن الحرية الشخصية ليست سلماً يرق بها البعض إلى شهواته ونزواته المحرمة بل لها حدود مقيدة بالشرع. |
|
* ما حاجة المحتسب للحنكة والفراسة وسعة الصدر؟ |
- حاجته إليها ماسة إذ هي من أساسيات عمله وسر نجاحه وسلامة عمله من الأخطاء والعيوب وقبول الناس له ولتوجيهاته فإذا فقدها المحتسب فإنه سيفقد زمام الأمور ويتخبط عشواء. |
|
* ما الرسالة التي توجهونها للفتاة المسلمة؟ |
- أسأل الله جلا وعلا أن يلطف بها وأن يكفيها شر الأشرار فقد أجلب عليها الحاسدون والحاقدون بخيلهم ورجلهم من مشارق الأرض ومغاربها يريدون إفسادها ودمارها وإخراجها من عفتها إلى العار والعهر والفساد ليس إلا، وكأنهم منصبون للمطالبة بحقوقها فهي شغلهم الشاغل وقضيتهم الكبرى؛ لأنهم يعلمون أن فساد المجتمعات وانحطاط الأخلاق بفساد المرأة وخروجها عن حقها الشرعي واختلاطها بالرجال ونزع جلباب الحياء والحشمة عنها. |
فياليت بنات قومنا ونسائنا يعين تلك المؤامرة وأن هؤلاء هم العدو الذي ينبغي الحذر منه فقد أكرمها الشرع وأعطاها من الحقوق ما يناسبها وحالها. |
أختي المسلمة أنت بالشرع القويم مصونة والله أعلم وأحكم بحالك فإياك إياك من الانخداع خلف التيارات ولتعتزي بدينك وعفافك فمهما ابتغيتي العزة من غيره أذلك الله لا تبدئي من حيث انتهى الناس، حجابك هو عنوان العفاف وحياؤك دليل التزامك بشرع الله فأنت والله بنعمة حسدك الأعداء عليها فأخذوا ينادون بهذه الدعوات المغرضة وينثرون دموع التماسيح متباكين على حقوقك، فاحرصي أن تكون أخلاقك قرآنية ولباسك وحجابك في ضوء الشرع القويم وحركاتك وسكناتك محمدية النهج، فأنت ولله الحمد مكرمة معززة مصونة حقوقك حفظتها لك الشريعة الإسلامية، ولست بحاجة إلى اجتهاد أو دعوات مغرضين أو مفسدين واعلمي أن سعادتك وتوفيقك وفلاحك وصلاحك بهذا الدين ولله الحمد والمنة. |
|
* يرتدد البعض في إبلاغ الهيئة عن بعض المنكرات فما أسباب ذلك برأيك؟ |
|
1- الجهل بواقع الهيئة وعدم معرفة الأنظمة والإجراءات، وأن المبلغ محسن وما على المحسنين من سبيل، وليس للمبلغ أي ظهور أمام المبلغ عنه ولا يرد اسمه أبداً ويتحفظ عليه عند رئيس المراكز ولا أذكر أن مبلغاً محتسباً بلغ عن صاحب منكر وعرف أو ظهر اسمه، فينبغي للمبلغ أن تكون هذه الصور واضحة عنده.. |
2- سماع القصص والافتراءات عن الهيئة وعدم التثبت عن صحتها. |
3- الخوف من العواقب مع أنه كما أشرنا ليس للمبلغ أو عليه أي تبعة. |
4- عدم الاهتمام بشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. |
5- الاغترار ببعض المقولات. |
6- البعد عن الهيئة وعدم التواصل معهم. |
وأنصح الجميع بالتواصي بالحق والإبلاغ عن جميع ما يراه الإنسان من أمور مخالفة لأن ذلك من أوجب الواجبات على من شاهده، وليعلم جميع المبلغين أن بلاغاتهم محل اهتمامنا، وكذلك لايمكن بأي حال من الأحوال أن نبوح باسم المبلغ لأنه محسن ولا يجلب لنفسه نفعاً ولا يدفع عنها ضرراً إلا أن يكون مدعياً ضد شخص فهذا له نظمه وإجراءاته المعروفة. |
|
* كيف يمكن توظيف النصح أثناء تطبيق شعيرة النهي عن المنكر دون تمييع للأمر بالمعروف؟ |
- هذا جزء لا يتجزأ من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بل هو الذي يبدأ به فليس هناك تعارض أو تمييع للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فلو أن الهيئة قبضت على شاب في خلوة محرمة مثلاً فيبدأ بمناصحته وتخويفه بالله وبيان مغبة فعله وحرمة ما اقترفه وفي الأخير محاسبته على ما فعل حسب الأطر الشرعية والنظامية فلابد من تقديم واجب النصح قبل كل شيء ويكون العقاب تالياً للنصيحة إذا كان يستحق العقاب، ومن التحدث بنعمة الله جل وعلا وجود كوكبة مباركة في الهيئات ليست بالقليلة وهبها الله جل وعلا العلم والقدرة على النصح والتوجيه والأخذ بيد المخالف إلى شاطئ الأمان. |
|
* هل من كلمة في نهاية اللقاء تودون توجيهها؟ |
- كلمتي أوجهها إلى كل من: |
1- إخواني المخالفين والمخالفات أوصيهم بتقوى الله عز وجل ومراقبته في السر والعلن وليعلموا أن الدنيا سريعة الزوال وأن لذاتها زائلة ومهما ابتغى شخص العزة والسعادة والراحة والاطمئنان والملذات من طريق غير شرع الله فهو الهلاك والدمار والشنار. |
2- الكلمة الثانية لجميع فئات المجتمع من ولاة وعلماء وخاصة وعامة أدعوهم للتعاون مع الهيئة ورجالها ودعمهم بكل وسائل الدعم إذ هي صمام الأمان بإذن الله، وما حفظ الله هذه البلاد وما حصلت الخيرية إلا بالقيام بهذه الشعيرة العظيمة فالواجب على الجميع التناصح والتعاون والكف عن المعايب على حد قول القائل: |
أقلوا عليهم لا أبا لأبيكم |
من اللوم أو سدوا المكان الذي سدوا |
|
ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها |
كفى بالمرء نبلاً أن تعد معائبه |
3- الكلمة الثالثة والأخيرة لإخواني وزملائي رجال الحسبة وهي: عليكم التسلح بسلاح الإيمان والعلم الشرعي والالتجاء إلى الله فهو الناصر والمعين والمعز، وبيده ملكوت كل شيء وهو حسبنا ونعم الوكيل وهو ناصر من نصر دينه ومنه نستمد العون والتوفيق والسداد وكفى به وكيلا سبحانه وتعالى. |
إذا لم يكن من الله عون للفتى |
فأول ما يجني عليه اجتهاده |
* إدارة العلاقات العامة والإعلام بالرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر |
|