مكة المكرمة - الجزيرة
تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود تنظم رابطة العالم الإسلامي (المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار) في مكة المكرمة يوم الأربعاء الثلاثين من شهر جمادى الأولى الجاري الموافق للرابع من شهر يونيو 2008م.
وسيقام حفل افتتاح المؤتمر عند الساعة الواحدة ظهراً حيث يبدأ بتلاوة آيات من القرآن الكريم، ثم كلمة لمعالي الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، فكلمة الضيوف يلقيها فضيلة الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر، بعدها يلقي سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ المفتي العام للمملكة رئيس المجلس التأسيسي للرابطة كلمة بهذه المناسبة، ثم كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ويهدف المؤتمر - الذي تستمر أعماله ثلاثة أيام - إلى التأكيد على أصالة مفهوم الحوار مع الآخرين في القرآن والسنة النبوية وإبراز ضوابطه وآدابه، واستلهام العبر والأحكام من معين الأصول الإسلامية، ودراسة الإشكالات المتعلقة بمسائل الحوار، وتقديم الأجوبة الشرعية المرشدة لتحقيق مقاصد الشريعة ومصالح الأمة المسلمة، ودراسة تجارب الحوار في العقود الخمسة الأخيرة، والوقوف على سلبياتها وإيجابياتها، ووضع خطة جديدة للنهوض بمستقبله وتطويره من خلال الاستفادة من الخبرات السابقة.
كما يهدف المؤتمر إلى التنسيق بين المؤسسات الإسلامية المعنية بالحوار، ووضع آلية يمكن من خلالها توحيد الصف الإسلامي، والاتفاق على ميثاق إسلامي شامل تلتزم به مختلف الجهات الإسلامية التي تمارس الحوار، ودراسة وسائل استثمار الحوار في التعريف بالإسلام وتصحيح الصور المغلوطة عنه، وتقديمه أنموذجاً قادراً على معالجة مختلف التحديات التي يجري العالم اليوم في التصدي لها، وتوجيه نداء للآخرين يبين الرؤى التي تملكها الأمة المسلمة تجاه الأزمات المعاصرة.
وتعقد خلال أيام المؤتمر الثلاثة أربع جلسات، تناقش الأولى ، محور: (التأصيل الإسلامي للحوار) برئاسة معالي الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد، رئيس مجلس الشورى، من خلال ثلاثة بحوث الأول (الحوار في القرآن والسنة، المفهوم والأهداف للدكتور أحمد بن عبدالرحمن القاضي عضو هيئة التدريس في جامعة القصيم)، والثاني: (الحوار في القرآن والسنة، الأسس والمنطلقات) للدكتور أسعد السحمراني - مسؤول الشؤون الدينية بالمؤتمر الشعبي اللبناني) والثالث: (تجارب من الحوار الحضاري عبر التاريخ) (للدكتور جواد الخالصي رئيس الجامعة الخالصية بالعراق).
وتناقش الجلسة الثانية المحور الثاني بعنوان (منهج الحوار وضوابطه) برئاسة فضيلة الشيخ محمد علي تسخيري الأمين العام لمجمع التقريب بين المذاهب الإسلامية، ومن خلال ثلاثة بحوث. الأول (آليات الحوار) للدكتور أحمد محمد هليل قاضي القضاة في الأردن، والثاني (آداب الحوار وضوابطه) للدكتور ماجد بن محمد الماجد - الأستاذ في كلية الآداب بجامعة الملك سعود، والثالث: (إشكاليات الحوار ومحظوراته) للدكتور منقذ بن محمود السقار الباحث في إدارة الدراسات والأبحاث بالرابطة.
أما الجلسة الثالثة فمحورها (مع من نتحاور؟) برئاسة فضيلة الدكتور مصطفى ابراهيم سيرتش رئيس العلماء ومفتي جمهورية البوسنة والهرسك، وتناقش أربعة بحوث، الأول (التنسيق بين المؤسسات الإسلامية المعنية بالحوار للدكتور عبدالله بن عمر نصيف - الأمين العام للمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة، والثاني (الحوار مع أتباع الرسالات الإلهية للدكتور محمد السماك - الأمين العام للقمة الإسلامية الروحية بلبنان، والثالث: (الحوار مع أتباع الفلسفات الوضعية) للشيخ بدر الحسن القاسمي نائب رئيس مجمع الفقه الإسلامي الهندي بالهند، والرابع: (مستقبل الحوار في ظل الإساءات المتكررة إلى الإسلام) للشيخ فوزي الزفزاف وكيل الأزهر سابقاً بالقاهرة.
وتناقش الجلسة الرابعة ا المحور الرابع بعنوان: (مجالات الحوار) برئاسة فخامة المشير عبدالرحمن بن محمد سوار الذهب - رئيس مجلس أمناء منظمة الدعوة الإسلامية، من خلال ثلاثة بحوث الأول: (صراع الحضارات والسلم العالمي) للدكتور محمود أحمد غازي - الأستاذ في كلية الدراسات الإسلامية بقطر، والثاني (مخاطر البيئة) للدكتور مصطفى الزياخ مدير عام اتحاد الجمعيات الإسلامية في الإيسيسكو، والثالث: (الأسرة والأخلاق في المشترك الإنساني) للدكتور علي أوزاك - رئيس وقف دراسات العلوم الإسلامية بتركيا.
وفي تصريح لمعالي الدكتور عبدالله التركي بهذه المناسبة أكد أنه بالحوار المعمق يمكن للمسلمين أن يقفوا على كثير من المشتركات الإنسانية، وبالحوار يمكنهم أن يطوروا نقاط التقاطع مع هؤلاء وأولئك لصياغة برامج عمل لا غنى للبشرية عنها، ولتقترب البشرية أكثر فأكثر من الهدي الرباني الذي يقدمه الإسلام حلولاً لهذه المشكلات، والذي يمتاز بالشمولية والواقعية، وبالتسامي على الهوى والأنانية والنزعات الاستعلائية بصورها العرقية والإقليمية، كما أن الحوار مع أتباع الأديان والفلسفات الوضعية في ذلك لا يعني تنازل المسلمين عن أحكام الشريعة الإسلامية، وبالحوار والتعاون مع الآخرين يمكن للمسلمين تطويق الكثير من إفرازات العولمة الوافدة بقوة إلى المجتمعات المسلمة، ولن يكون بوسع المسلمين وحدهم مواجهة طوفانها، ولا تحصين مجتمعاتهم من شررها المتطاير حولها.
وشدد معالي الدكتور عبدالله التركي على أنه بالحوار يمكن مواجهة القوى التي ما فتئت تحرض على الإسلام وتعتبره عدواً للحضارة تستعدي عليه القوى المختلفة، فتنال تارة من مقدساته ورموزه، وتشكك أخرى في إنجازاته التاريخية وتجربته الحضارية الفريدة عبر الدعوة إلى صراع الحضارات من بعض المفكرين مدفوعين بعقد الكراهية والتشاؤم والأنانية والاستعلاء على الآخر.
وزاد معاليه قائلاً: إن حاجة المسلمين إلى الحوار مع الآخرين لا تقل عن حاجتهم إلى المسلمين، فالحوار بالنسبة للأمة المسلمة امتثال لأمر إلهي: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، فبالحوار يمكن تعريف العالم بالإسلام وحضارته، فلكم سمع العالم عنه من أقلام وأفواه أساءت للإسلام عمداً، وآن الأوان سماعه للمسلمين، فالحوار فرصة للتعريف والبلاغ الذي هو مهمة الأنبياء والمرسلين، مبرزاً أن الحوار أصيل في ثقافتنا، وتطبيقاته في القرآن والسنة أكثر من أن تحصى، فالقرآن أوضح أصوله ومبادئه ومعالمه، بل ومحظوراته، وهدي النبي صلى الله عليه وسلم كان المثل الأعلى في ترجمة هذا النهج وتحقيقه، والدعوة اليوم إليه ليس ضرباً من الابتداع، بل استجابة لأمر قرآني واقتفاء لهدي نبوي.
وأشار في هذا الصدد إلى أن فقه المرحلة يتطلب وقفة جادة تدرس تجربة الماضي في الحوار، وتستشرف آفاق المستقبل، وترسم ملامحه بنقلة جذرية تقف فيها الأمة المسلمة على سابق تجاربها، فتستلهم العبر والدروس منها، ثم تتقدم للمبادرة إلى طلب الحوار مع الآخرين ضمن شروطها وضوابطها.
وقال: من هنا تأتي أهمية اهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود بموضوع الحوار ودعوته إليه، وتجاوباً مع هذه المبادرة الكريمة تعقد رابطة العالم الإسلامي، - بمشيئة الله - المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار في جنبات مكة المكرمة تحت رعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين - أيده الله - وبحضور لفيف من العلماء والمفكرين المسلمين ليتدارسوا التجربة السابقة ويقوموها، وليؤسسوا لمرحلة حوارية جديدة وفق رؤية متكاملة لمشروع الأمة في القرن الحادي والعشرين.
وأبان معاليه أن الرابطة وجهت الدعوة للمشاركة في المؤتمر إلى ما يزيد على خمسمائة مدعو من العلماء، ورؤساء المنظمات والمراكز الإسلامية، ومن الباحثين والإعلاميين من مختلف الدول الإسلامية وبلاد الأقليات المسلمة، وإن رابطة العالم الإسلامي لتشكر لخادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - جهوده العظيمة تجاه الإسلام والمسلمين، ودعمه للرابطة وبرامجها، كما تشكر للعلماء والباحثين الإعلاميين الذين لبوا دعوة الرابطة، وشاركوا في هذه المناسبة العظيمة.