يا من كنا نتمنى شفاءه كل حين.. ها قد غاب عنا شمس النهار، وقد فارقنا شمس الرجال قبل أن يغيب نهارها ويخفت ضؤوها، فذهبت بهدوء كما عشت ببساطة.. متواضعاً في هيبتك قريباً في رفعتك.
أكتب تلك الكلمات الباكية، وأسطر هاتيك العبارات الشاكية بعد أن استطاع المتنبي أن يرسم بخياله الواسع لوحة شعرية إبداعية ملؤها الحزن للفقيد الذي فقد حبيبه في أثناء حياته فكيف به بعد مماته حين قال:
وأفجع من فقدنا من وجدنا
قبيل الفقيد مفقود المثال
تداعت هذه الخواطر في نفسي بعد أن استولى الحزن على قلوبنا وانهمرت الدموع من عيوننا، على قدر ما تذكرت النفوس رجلاً صالحاً نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحداً، إنه الفقيد صالح بن عبدالله المالك. فأتذكر فيه صلاح الحال وصالح العمل، وأتذكر فيه العلم ومواقف الخير، بعد أن انقضت أيام المرض بآلامها وأحزانها، ونحن ما برحنا نرقبه بين أمل وألم.. أمل الشفاء وألم المعاناة. فرحل من على سريره الأبيض الذي لم يخلً من سواد الوحشة وطعمه المر بعد أن شممنا رائحة الرحيل التي كانت تملأ أرجاء المكان.
أبا هشام.. أما وقد غادرتنا بذمة بريئة وسيرة طاهرة نقية، تاركاً لنا مرارة الفراق وكأن الله قد اختار لنا هذه النهاية الفاجعة لقلوبنا، إلا أن ذكرك سيظل حياً في قلوب محبيك وفكرهم.. فنم قرير العين هادئ البال بعد أن انقبلت إلى ربك الذي أحببته وعظمته وعبدته، فمرضك ثم موتك براءة ورفعة درجات وطهور إن شاء الله. تحوطك الدعوات مرفوعة إلى رب الأرباب، ولا أقول إلا ما ينفعك حقاً.. اللهم ارحمه رحمة واسعة، ظاهرة وباطنة، وبوئه من الجنة أعلى منازلها، برحمتك يا أرحم الراحمين.
drsasq@gmail.com