كان ملء السمع والبصر طالباً وعصامياً كوَّن نفسه بنفسه لم يثنه كونه يعيش في أسرة كريمة موسرة من طلب العلم والحصول على أعلى الدرجات فيه رغم فقدان والده مبكراً، إنه الدكتور صالح بن عبد الله المالك أمين عام مجلس الشورى الذي فقدناه يوم أمس الاثنين 21-5-1429هـ بعد صبر على قضاء الله وقدره على مرض عضال ألمَّ به، حيث كان زائره يرى أثر المرض عليه من شحوب ونقص ظاهر في الوزن، إضافة إلى ما أدركه هو بذكائه من تلميح وتصريح الأطباء ولا يسمع منه سوى الإيمان بقضاء الله ومشاركة الزائر الحديث وإشعاره بأنه مسلِّم أمره إلى الله، فقد كنت في آخر زيارة له مع عدد من محبيه في حديث شيق عن أمور متعددة على رأسها الإيمان بالقضاء والقدر واليوم الآخر والشكر والدعاء لمن قاموا بزيارته ذاكراً الله تالياً كتابه الذي لا يفارقه حتى أجمع زائروه على إيمانه العميق بأن ما أصابه لم يكن ليخطئه. حتى أتاه اليقين.
كان - رحمه الله - أستاذاً لعلم الاجتماع في جامعة الملك عبد العزيز وأميناً عاماً لجامعة الإمام محمد بن سعود، ثم اختاره صاحب السمو الملكي الأمير ماجد بن عبد العزيز وزير الشؤون البلدية والقروية قبل أربعة وثلاثين عاماً وكيلاً لوزارة الشؤون البلدية والقروية فور إنشائها وأعطاه من الصلاحيات ما كان أهلاً للقيام بها خير قيام، ثم اختير عضواً في مجلس الشورى وآخر عمل تولاه هو الأمانة العامة لمجلس الشورى.
وكان رحمه الله رغم نهله من ثقافة الغرب وحصوله على أكثر من مؤهل عال هناك حريصاً على سلامة اللغة العربية ومحباً لها مما جعل مرؤوسيه في كل موقع يحسبون ألف حساب للإعداد لها، بالإضافة إلى ثقافة شرعية ربما كان لها أثر كبير في صبره واحتسابه.
رحمك الله يا أبا هشام رحمة الأبرار وأعظم أجر إخوانك وأبنائك وبناتك وأبناء عمومتك، وأنت سابق ونحن لاحقون و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.