تزخر العلوم السياسية بمدارس عدة تلتقي في نقاط، وتختلف حد التناقض في نقاط أخرى!، كالمدرسة الواقعية وعلى نقيضها المدرسة المثالية، وما إلى ذلك من مسميات يعرفها المتخصصون. وهذه المدارس تنعكس على الأكاديميين من أساتذة وخبراء وطلاب لدى تحليلهم للقضايا السياسية. وهذا أمر طبيعي لتعدد التوجهات، واختلاف القناعات بين بني البشر. وتساهم التجمعات العلمية في حصر هذه المدارس العلمية، واستقصاء نظرياتها، والدراسات العلمية المستندة إليها، ومن ثم طرحها للاختبار العلمي، والنقاش الموضوعي، مما قد يسهم في تعزيز هذه النظريات، أو تعديلها أو حتى تغييرها، وابتكار نظريات ومدارس أخرى جديدة، وهذا ولا شك أن يفعل البيئة الأكاديمية والعلمية ويثريها، ويمنحها مناخاً من الإبداع والقدرة على التجديد.
ومن هذه الحقيقة تنطلق برأيي فكرة نادي العلوم السياسية التي أسسها قسم العلوم السياسية في جامعة الملك سعود والتي تعتبر بحق فكرة رائدة، ومهمة. وتصب في خانة الإثراء المعرفي، والتطوير التعليمي. فالنادي يفتح نافذة نحو آفاق واسعة لطلاب العلوم السياسية، إذ إن المناهج التعليمية في الجامعات لا يمكن أن تعطي الطالب كل العلوم، وإنما تعطيه مفاتيح العلوم بحيث يقوم بجهد إضافي خارج نطاق قاعات الدرس للبحث عن المعلومة، واستثمارها، والإضافة إليها.
وفي عصرنا الحاضر لا تختبئ المعلومة في الكتب الأكاديمية فقط في انتظار من يستخرجها، وإنما يمكن الحصول عليها عبر الاتصال الشخصي المتمثل في الحوارات البينية، والندوات، وغيرها، كما يمكن إيجادها في المواقع الالكترونية، ووسائل الإعلام.
وهنا يبرز دور النوادي الطلابية، وهو ما يسعى إليه نادي العلوم السياسية، فمن خلال هذا النادي يستطيع الطلاب استضافة ذوي الخبرات في الميادين السياسية والاجتماعية، والتحاور معهم، والاستفادة من تجاربهم في الحياة، هذه التجارب التي لا يمكن الاطلاع عليها عبر الكتب الأكاديمية المتخصصة.
كذلك، ومن خلال موقع النادي على شبكة الانترنت يمكن متابعة آخر المستجدات في مجال الدراسات والبحوث السياسية، وتقصير المسافات المكانية والزمانية بين الطلاب ومصادر المعلومة، مما يساعدة على إثراء الطلاب معرفيا حول تخصصاتهم، وربما المشاركة عبر الردود وتبادل الرؤى حول نتائج هذه الدراسات.
ويساعد هذا النادي أيضا على تنمية روح المشاركة والتفاعل الاجتماعي والعلمي بين طلاب القسم أنفسهم، وبينهم وبين طلاب أقسام العلوم السياسية في الجامعات العربية والعالمية. ولا شك أن ما سبق يعزز انتماء الطلاب للقسم، وبالتالي للجامعة، وهو ما يساهم في تنمية روح البحث، وطلب العلم لدى الطلاب، سواء المتخرجين، أو من هم في طريق التخرج.
ولهذه الأسباب، وغيرها، يستحق النادي كل الدعم من المسؤولين، والأكاديميين، والطلاب أنفسهم، من أجل تطويره، وتكراره في أقسام أخرى، وفي جامعات مختلفة، من أجل تعزيز البيئة العلمية في مملكتنا، بما يعود على الوطن بالخير في الحاضر والمستقبل.
a-khail@hotmail.com