كنا نعتقد أن ظهور طيران (ناس) و(سما) خلال السنوات الأخيرة سيؤدي إلى جو من التنافس مع الخطوط السعودية في تقديم الخدمات المميزة وتوفير المزيد من المقاعد للركاب، إلا أننا فوجئنا بالهبوط الملحوظ في الخدمات التي تقدمها السعودية لعملائها على الرغم من تخلي السعودية عن العديد من المحطات الداخلية، فما هي أسباب ذلك؟
سبق أن كتبتُ مقالين عن (الشيك الذهبي)، وكيف أن السعودية قد فرطت في الكثير من الكفاءات الإدارية والفنية دون تمحيص لملفاتهم، كما تحدثتُ عن حالة الإحباط التي يعيشها الموظفون الباقون وما يشعرون به من عدم شفافية وتهميش وغموض في مستقبلهم الوظيفي، انعكس سلباً على ولائهم للمؤسسة، ومن ثم على إنتاجيتهم وخدمتهم لعملاء السعودية؛ فكان الخاسر هو السعودية في منافستها لبقية شركات الطيران الأخرى فيما عدا (ناس) و(سما) اللتين تزيد خدماتهما سوءاً مقارنة بما تقدمه السعودية من خدمات.
نعم؛ فبعد مرور أكثر من عامين على رفع شعار الخصخصة نلاحظ تدهوراً في مستوى خدمات السعودية الإدارية والفنية، سواء كان ذلك في الطائرات أو الكاونترات أو الحجز، ناهيك عن عدم توافر المقاعد الكافية لطالبيها (ومسكين من ليس لديه صديق أو قريب يعمل في السعودية).
وعند مناقشتي أسباب ذلك مع عدد من موظفي السعودية فوجئت بأن حالة الإحباط والغموض وعدم وضوح المستقبل الوظيفي التي يعيشها الكثير من موظفي المؤسسة هي سبب ذلك!.. وقد انعكس ذلك في تعاملهم مع عملاء السعودية، وبشكل لا يتفق مع متطلبات الخصخصة والمنافسة مع شركات الطيران الأخرى.
فالكفاءات الإدارية والفنية وبتشجيع من السعودية هجرت المؤسسة من خلال شيكها الذهبي، وقد أدى ذلك إلى مضاعفة الأعباء الوظيفية على المتبقي من الموظفين، وبدلاً من تشجيعهم وتحفيزهم وتكريس جانب الولاء فيهم للمؤسسة نجد أن (السعودية) لم تكافئهم على ذلك بأي حوافز مادية أو معنوية مثل الترقية لمن أكمل عامين بوظيفته قبل إحالته إلى التقاعد، بل إن المؤسسة قد حرمت الكثير منهم من التمتع بإجازته السنوية؛ فكانت النتيجة مزيداً من الإحباط لهم، وتفاقم الخسارة بالنسبة إلى المؤسسة.
أما بالنسبة إلى الموظفين الجدد فقد تم تعيينهم برواتب متدنية؛ ولذا فبعد أن دربتهم (السعودية) تسرب الكثير منهم وهجر المؤسسة ليعمل في وكالات سفر وشركات طيران أخرى تدرك أهمية توفير بيئة العمل المناسبة لموظفيها مادياً ومعنوياً.
أما بالنسبة إلى الموظفين الذين خدمتهم تقل عن 20 سنة وأعمارهم فوق 40 سنة فنجد أن المؤسسة قد أقدمت على إجراءات مجحفة بحقهم، وقد كان من الأجدى بكبار التنفيذيين بالمؤسسة أن يعملوا على تمديد خدمات هؤلاء الموظفين كمعارين لنظام الخدمة المدنية إلى حين إكمال السن النظامية للتقاعد المبكر؛ ولذا فبدلاً من تركيز هؤلاء الموظفين جهودهم في خدمة عملاء المؤسسة نجد أنهم قد تفرغوا لمقاضاة المؤسسة في أروقة المحاكم؛ فكانت النتيجة مزيداً من الإحباط وخسارة للمؤسسة.
معالي المهندس خالد الملحم.. تعلمون أن حصة السعودية في سوق السفر ومستوى خدماتها في تدنٍ ملحوظ، لا يتفق مع سمعة السعودية، ومعاليكم خير مَن يعلم أن أساس الخصخصة السليمة هو تقديم الخدمة المميزة لعملاء المؤسسة.. تعلمون أن الخدمة المميزة لا يمكن أن يقدمها موظفون محبطون، وهو ما لمسناه في شريحة ليست بالقليلة من موظفي المؤسسة، ما رأي معاليكم؟.