Al Jazirah NewsPaper Monday  26/05/2008 G Issue 13024
الأثنين 21 جمادى الأول 1429   العدد  13024
نمشي ونصلّح
منيف خضير

كان لدى والدي - رحمه الله - سكين صغير يضعه في جيبه. وكان يهذب به مسواكه وله فيه مآرب أخرى. وأتذكر أن عمر هذا السكين حينما توفي رحمه الله بلغ نحواً من ثلاثين عاماً لم تغادر جيبه إلا ثلاث مرات كان يضيع منه ولكن لا يلبث إلا أن يعثر عليه؛ فالمال الحلال لا يضيع!

ومن المفارقات في سكين والدي رحمه الله أن هذا السكين كان مرسوما عليه علامة الصليب لأنها إنجليزية الصنع، بل إن ساعات كثير من كبار السن آنذاك كانوا يسمونها ساعة الصليب أو أم صليب لوجود العلامة عليها فالأمور تسير عندهم بحسن النيّة دون أن يغوصوا في التفاصيل فهي لا تعنيهم طالما أن الصناعة متقنة وجيدة، ووالدي رحمه الله رغم أنه إمام مسجد إلا أنه حمل الصليب في جيبه دون أن يدرك شيئا لا يجب أن يدركه!

وما أريد قوله بعد هذه المقدمة الطللية أن سكينا صغيرا عاش طويلا دون أي ثلم ودون أن يصدأ لونه الفضي اللمّاع. وأتساءل: تُرى كم سيمكث سكين حديث الآن في ظل الغزو الصناعي المقلّد لبلادنا؟! لا شيء - في نظري - يبقى على حاله، لقد التهمت دولة رائدة في مجال التصنيع متعدد المعايير التهمت أسواق العالم، وها هي الصين الآن تحط رحالها في معظم دول العالم، حتى أمريكا رائدة التصنيع في العالم ترفع قبعتها احتراما للمنتج الصيني الرخيص الثمن، ونحن نحترم العقلية الصينية التجارية ونحترم كذلك المنتج الصيني فهو درجات متفاوتة الجودة، ولكن لا نحترم التاجر المحلي الذي يستورد البضائع المقلدة والرديئة، ويملأ بها الأسواق حتى لم يعد في وسعنا الاستمتاع بشيء منها لكثرة أعطالها، لذلك فإنني من المؤيدين لإغلاق محلات أبو ريالين، ومنع استيراد البضائع المقلدة والتي نجحت دولة مثل الصين من إغراق أسواقنا المحلية فيها، فالصين - وفقاً لموقع شبكة الصين على الإنترنت - عدّلت 16 تعديلا على قانون شركات الاستثمار الأجنبي من أجل أن تشجع هذا الاستثمار ذا المردود الاقتصادي الجيد لها، وهذا ما يفسر الأسعار الرخيصة لمنتجاتها وليس لرخص العمالة فقط كما قد يتصور الكثيرون، فلابد أن نحدد موقفاً واضحاً من هذه المنتجات الرديئة التي أتلفت منازلنا وأجهزتنا الكهربائية وكل شيء حولنا، نريد أن تكون أجهزتنا مثل السابق تمكث طويلاً إلى سنين عديدة دون أن تحتاج إلى صيانة أو تبديل، نريد أن نرتاح قليلاً فقد أرهقتنا هذه البضائع الرديئة، وسرقت كثيراً من المعاني الجميلة في حياتنا.



Mk4004@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد