Al Jazirah NewsPaper Sunday  25/05/2008 G Issue 13023
الأحد 20 جمادى الأول 1429   العدد  13023

من أعلام الحنابلة في شرق شبه الجزيرة العربية

 

الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني

عبد الله بن عيسى الذرمان - الأحساء

اسمه وولادته

هو الشيخ قاسم بن محمد بن ثاني بن محمد بن ثامر بن علي، ينتهي نسبه إلى بني تميم، وُلد في سنة 1242هـ، ونشأ في بيت عز وكرم، وتلقى مبادئ القراءة والكتابة صغيراً، ثم انصرف إلى القراءة والاطلاع في أمهات الكتب، وأحبَّ مجالسة العلماء ومناقشتهم في المسائل.

وتولى الشيخ قاسم حكم قطر بعد والده، وعدَّه المؤرخون مؤسس دولة قطر الحديثة، وقد قادها بكل حنكة واقتدار، وجمع الشيخ قاسم بين السياسة والأدب ومعرفة العلوم الشرعية.

ثناء العلماء والمؤرخين عليه

قال سليمان الدخيل:

(هو الأمير في هذه البلاد - أي قطر -، وهو الخطيب يوم الجمعة، وهو القاضي، والمفتي والحاكم، ومن صفاته أنه إذا خطب أذهل السامعين وجلب قلوبهم إليه، وإذا اعطى فعطاياه جزيلة، وبالجملة فهو من أركان العربية وأنصارها، ومن رجال الإسلام وفحوله).

وقال مبارك الناخي:

(كان الشيخ قاسم ركناً من أركان التوحيد، وعلماً من أعلام العقيدة السلفية، وكان مضرب المثل في الجود والكرم والبذل ومحبة العلم والعلماء، وتلقيهم واحترامهم وإكرامهم يفدون إليه من جميع البلاد، ويقصدونه من شتى الأقطار فينيلهم من فضله ويرفدهم من غناه. وكانت قطر في عهده مأمّاً للعلماء... طوال أيام السنة).

وقال مبارك الخليفي:

(كان رحمه الله من أهل التوحيد وكان عابداً، قد جمع القلوب من حوله بالسخاء والجود في وقت لم تكن للناس فيه موارد إلا ما يحصلونه من صيد اللؤلؤ والتجارة فيه، واشتهر إلى جوار ذلك بالشجاعة والبأس).

وقال الشيخ علي بن سليمان بن يوسف:

تضلع من علم وفهم وعفة

وأمسى لديه الجود أسنى المغانم

جهوده العلمية

1- وقف الكتب:

اتجه الشيخ قاسم إلى شراء الكتب ثم وقفها؛ ليسهل الانتفاع بها، ورغبة في حصول الأجر والثواب من الله تعالى. ورأيت على بعض أغلفة الكتب الشرعية وقفياته ومن الكتب التي أوقفها:

- كتاب (التوضيح عن توحيد الخلاق في جواب أهل العراق) والكتاب مطبوع في مصر سنة 1319هـ.

- كتاب (الإيمان) لشيخ الإسلام ابن تيمية، والكتاب مطبوع في الهند سنة 1311هـ.

- كتاب (المكتوب اللطيف إلى المحدث الشريف)، والكتاب مطبوع في الهند سنة 1322هـ.

2- توزيع الكتب:

عُرِف عن الشيخ قاسم توزيع الكتب العلمية على العلماء وطلاب العلم في دول الخليج والعراق وبلاد الشام والهند وغير ذلك، ويُروى أنه اشترى كمية ضخمة من الكتب من الهند خصص لها سفينة بكاملها، ولما وصل إلى قطر قام بتوزيعها.

وكان يوزع الكتب على طلاب العلم في الأقطار ومن ذلك إرساله صندوقاً إلى الشيخ محمود الآلوسي في بغداد يحتوي على نسخ من كتاب الدين الخالص لحسن صديق خان، وإرساله نسخا من كتاب مصباح الأنام للشيخ عبد اللطيف آل الشيخ إلى الشيخ صالح آل بنيان في حائل.

3- نشر المذهب الحنبلي:

اختار الشيخ قاسم المذهب الحنبلي ليكون المذهب الأساس في القضاء والفتوى، وكان حريصا على تطبيق أحكامه، ويروى أنه يوماً نظر إلى الجماعة يوم الجمعة فإذا هم ينقصون عن الأربعين لأن أكثر الناس في الغوص، فدعا أحد مماليكه وأعتقه في الحال فتمت الجماعة أربعين، ثم قام وخطب وأقام صلاة الجمعة.

4- وقف الأوقاف على طلاب العلم:

أوقف الشيخ قاسم مجموعة من الأوقاف على طلاب العلم في نجد، وجعل نظارة بعض الأوقاف على الشيخ عبدالله بن عبداللطيف آل الشيخ (ت 1339هـ).

وفي بلدة المذنب أوقف ريع أربع مزارع للإنفاق على طلاب العلم وجعل الناظر على ذلك الشيخ عبد الله بن محمد الدخيل قاضي البلدة.

5- سؤال العلماء:

كان الشيخ قاسم يوجه الأسئلة إلى العلماء للسؤال عما يشكل عليه من مسائل الاعتقاد والفقه وغيرها، ومن أمثلة ذلك لما ألف الشيخ محمد بن عبد الله آل محمود الفارسي ثم البحريني ثلاث مسائل مهمة، الأولى: في صفات الله جل وعلا، والثانية: في حياة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بعد وفاته، والثالثة: في الاستغاثة بالأنبياء والأولياء وأنهم يتصرفون في أمور الخلق وفي العالم، أرسل الشيخ قاسم رسالة إلى عالم الأحساء الشيخ عيسى بن عبد الله العكاس المالكي يطلب منه إيضاح الحق في المسائل الثلاث وفق معتقد أهل السنة والجماعة، فألف ابن عكاس رسالته: (إجابة السائل على أهم المسائل) وهي مطبوعة.

6- طباعة الكتب:

طبع الشيخ قاسم على نفقته جملة من الكتب العقدية لنشر العقيدة السلفية والرد على خصومها، ومن الكتب التي طبعها: كتاب فتح المنان تتمة منهاج التأسيس رد صلح الإخوان للشيخ محمود الألوسي سنة 1309هـ.

7- استضافة العلماء ومجالستهم:

دأب الشيخ قاسم على طلب العلماء لتولي الإفتاء، والقضاء، وشؤون التدريس وأمور الدعوة والإرشاد، قال الشيخ محمد القاضي في ترجمة الشيخ عيسى العكاس: (طلبه الشيخ قاسم بن ثاني حاكم قطر ليقيم عنده في الدوحة لنشر العلم، والدعوة والإرشاد هناك، وإمامة جامعه والخطابة فيه، فسافر إلى قطر وأقام سنة واحدة، وانتفع منه خلق، ودرّس في العقائد والحديث ورجاله، والفقه، وكان داعية خير ورشد وصلاح، يصدع بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يخاف في الله لومة لائم).

وكانت قطر في عهده مهوى لأفئدة العلماء النجديين؛ نظراً لانتشار مذهب الإمام أحمد وانتشار مذهب السلف، إضافة إلى ما تميز به الشيخ قاسم من كرم وتقدير للعلماء ومحبة العلم، كل ذلك ساعد إلى وفود عدد من علماء نجد إلى قطر، فتولوا القضاء وإمامة المسجد والتدريس، ولم يقتصر الأمر على النجديين بل وفد إليها علماء الحنابلة من عمان والبصرة والزبير.

ومن العلماء الذين وفدوا على الشيخ قاسم:

1- الشيخ علي بن سليمان بن يوسف البصري:

وفد إلى قطر سنة 1315هـ، ومدح الشيخ قاسم بقصائد منها قوله:

فنادي دع التسيار عنك فلن تجد

لعمرك مطلوباً سوى الشيخ قاسم

همام لنصر الحق أضحى مجردا

ولا يختشي في الله لومة لائم

وندب له كسب الفخار سجيته

وميراث آباء أُبات أكارم

وطود منيع لا يرام وجاره

عزيز وما لاجئ إليه بنادم

(الديوان: ص 100)

2- الشيخ عبد الله بن أحمد الدرهم:

حنبلي المذهب، قدم من الرياض، وتولى القضاء، وتوفي في قطر سنة 1336هـ.

3- الشيخ أحمد بن حمد الرجباني:

فقيه، سكن الشارقة والاحساء، وكان يتردد على قطر، وذكر المؤرخون أنه جلس للتدريس وتعليم مبادئ العلوم في قطر.

4- الشيخ محمد ابن حمدان:

نجدي، قدم إلى قطر، وعُيِّن قاضياً فيها في عهد الشيخ قاسم.

5- الشيخ علي بن حسين ابن نفيسة:

نجدي من بلدة ضرما، رحل إلى قطر وتولى إمامة أحد المساجد فيها، وله قصائد في الشيخ قاسم. وهناك علماء آخرون يضيق المكان عن ذكرهم.

ولم يكتف الشيخ قاسم بالاتصال بالعلماء بل اتصل بالأدباء النبطيين الذين نظموا فيه قصائد كثيرة تصور مواقفه الإنسانية معهم، ومن هؤلاء عبد الرحمن بن عودة بن بخيت الأحسائي (ت 1354هـ) وهو أمير بلدة المراح وله قصائد في مدح قاسم لنصرته واستضافة عشيرته وله مجموع شعري في الشعر النبطي.

ومنهم مبارك بن مضحي، ومحمد بن مسلم، وراشد بن عفيشة الهاجري وغيرهم.

وفاته

توفي الشيخ قاسم سنة 1331هـ، ورثاه جمع من العلماء الشعراء منهم الشيخ محمد حسن المرزوقي والشيخ حسين بن علي آل نفيسة ومطلع قصيدته:

لمن طلل أمست به الهوج تنسف

عفا وخلا ممن نحب ونألف

المراجع:

1- مذكرات الشيخ محمد بن مانع

2- روضة الناظرين.

3- ديوان الشيخ قاسم آل ثاني.

4- ديوان الخليفي.

5- تحفة الألباء في تاريخ الأحساء.

6- علماء نجد خلال ثمانية قرون.

7- من أعلام الخليج العربي مبارك سيف الناخي.

8- ديوان إعلام الورى للشيخ حسين آل نفيسة.


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد