حينما دلفت عالم الصحافة قبل تسع سنوات بطلب من الأستاذ الرائع عادل عصام الدين وتحديدا بجريدة (عالم الرياضة) قبل تحولها لملحق داخل جريدة الشرق الاوسط كنت أعتقد أنني أزيح الكثير من وقت الفراغ ولاسيما أنني عشت أعزب داخل مدينة الرياض وليس لدي اهتمامات بعد العمل الحكومي آنذاك سوى الجلسة في (الشقة) حتى موعد النوم خاصة أنني أكره القيادة في زحمة الرياض..
شيئا فشيئا توطدت علاقتي بالصحافة وبدأت أنمي علاقاتي بالوسط الرياضي وعملت بجد على متابعة الاحداث داخل الاندية حيث كنت أظن ان لا خيار لدي سوى البحث عن الاخبار والتصاريح من خلال الاندية ومنسوبيها وغير ذلك صعب المنال لا يصل اليه سوى كبار رجال الصحافة الرياضية فقط..!!
هكذا استمرت تلك الفكرة لدي حتى وأنا أنتقل بعد عام ونصف لجريدة (الجزيرة) لكن موقفا فجّر داخلي مسارا لم أكن يوما من الايام اتخيله او أعتقد انه سيصبح المسار الصحفي المفضل لدي وأحمد الله تعالى كثيرا ان هذا الموقف حصل..
فاز فريق من فرق العاصمة ببطولة الدوري وكالعادة كانت (الجزيرة) تستعد لإصدارملحق خاص بانتصارالفريق العاصمي وتم تكليفي مع الزملاء بإرسال مواد مختلفة لهذا الملحق وفعلا حددت عددا من المواضيع وأخذت الاذن بكتابتها من مديرالتحريرللشؤون الرياضية الاستاذ محمد العبدي، وكان من ضمن تلك المواضيع إجراء حديث صحفي مع شخصية شرفية كبيرة ومرموقة تتبع للنادي وبحماس كبير اتصلت على رئيس ذلك النادي مباركا له الفوز وطلبت منه المساعدة بإيصالي لتلك الشخصية الكبيرة عبرالهاتف أو إرسال تصريح من مكتبه بمناسبة الفوز ببطولة الدوري وكنت اتوقع منه مبادرة طيبة او اعتذارا لطيفا لكنه صفعني بصفعة أعتبرها الاجمل من حيث نتائجها وانعكاساتها فقد قال لي بالعامية ( هالحين انت سلطان المهوس بريداوي - يعني أنني من مدينة بريدة - تبي تاخذ حديث مع ........!!!).
سكتّ ولم أرد عليه وشكرته سريعا وصممت على ان أنجز ما أفكر فيه، وبالفعل كتبت في الملحق عن تلك الشخصية حوالي نصف صفحة وامتدحت قدراتها ودعمها بشكل سلس وجميل، جعل الزملاء في المركز الإعلامي بذلك النادي يأخذون ماكتبته ويضعونه في قلب إصدارهم بمناسبة الحصول على البطولة ..
لم يكن هذا الرد كافيا بالنسبة لي فقد أصبح في هاجسي فجوة كبيرة لمتابعة الاندية وشؤونها بل كرهت ذلك ومنها فكرت في رسم مسار آخر اخترته أن يكون بعيدا عن الاندية وضجيجها، وفعلا بدأت مسيرتي نحو الكتابة الخبرية في شؤون الاتحادات الرياضية ولجانها والكرة الخليجية والاتحاد الآسيوي والاتحاد الدولي ..
وطدت علاقاتي مع الكثيرمن المسؤولين داخليا وخارجيا وكثفت لغتي الانجليزية، وتعبت كثيرا من أجل أن أنجح في مساري الجديد، وأكون أحد المميزين فيه ومازلت أجاهد وأعمل، ولاسيما وأنني ألقى التأييد الكبيروالمساندة من رجل حولني من صحفي مغمور لصحفي معروف حتى على المستوى الخارجي وهو الأستاذ محمد العبدي الذي لديه ميزة ربما لا توجد عند اي قيادي إعلامي وهي إحساس العاملين تحت قيادته بأن كل واحد هو الرقم واحد لديه، ولهذا فالجميع في الجزيرة شعلة لاتنطفئ من أجل النجاح..
ما دعاني لكتابة هذه المقالة وجعلني أتذكر موقف ذلك الرئيس هو تشرفي بموافقة صاحب السمو الملكي الاميرسلطان بن فهد الرئيس العام لرعاية الشباب على ترشيحي للمشاركة في المؤتمرالحادي والسبعين للاتحاد الدولي للصحافة الرياضية الذي ينعقد حاليا بالعاصمة الصينية (بكين) حيث أكتب هذه السطور فقد جاء خبرالترشيح مفاجئا لي لأني لم أكن أتوقع في يوم ما ان أذهب لمؤتمردولي بهذا الحجم للصحافة الرياضية الدولية ليس تقليلا لعزيمتي بل لأن غالبية من يذهبون لتلك المؤتمرات هم من مديري التحرير أو رؤساء للأقسام الرياضية، كما تجري العادة لكنه الاختيار وما أروعه من اختيار..
أكتب لكي يعتز الإعلامي بجهده وعطائه ومثابرته وحسن علاقته بالآخرين أيا كان موقعه الجغرافي، فللأسف فإن الكثير من الاعلاميين يظنون ان (الالتصاق) بأصحاب الجاه والمال والشخصيات الكبيرة هو أرفع درجات طموحهم، ولهذا يستصغر الكثير منهم غالبية الاعلاميين ولا ينظرون لهم شيئا بل يتندرون بهم في مجالسهم فيما لا يستطيعون ان ينطقوا بكلمة واحدة ضد اصحاب الطموح والصدق الاعلامي وهو المطلوب من الجميع، وليعلم أي إعلامي ان شخصيته القوية وحسن تعامله وعدم استسلامه للضغوط هو مصدر احترام الجميع له وما أجهله من إعلامي ذلك الذي يبتغي النجاح دون أن يبني لنفسه شخصية بعيدة عن سيطرة اصحاب المال والنفوذ..
في المقال القادم إن شاء الله نكمل حكاية ( بكين ) وما شاهده البريداوي هناك وقصة تصفيق اعضاء الاتحاد الآسيوي للصحافة الرياضية له في اجتماعهم .. الى اللقاء..
msultan444@hotmail.com