الجزيرة - عبد العزيز السحيمي
طالبَ أكاديمي متخصص في الاقتصاد الإسلامي بضرورة تعيين هيئة شرعية محاسبية تقوم بتدقيق حسابات الزكاة للشركات المساهمة تتولى إعطاء المساهم نشرة توضيحية لما يخص أسهمه من موجودات الشركة من أجل تسهيل إخراج المساهمين لزكاة أموالهم.
وقال الدكتور صالح بن محمد المسلم المتخصص في الاقتصاد الإسلامي في ندوة زكاة الأسهم والصناديق الاستثمارية التي اختتمت أعمالها أمس الأول في مدينة الرياض إن الكيفية المعتبرة في زكاة المستثمرين في أسواق المال تخرج بالقيمة الحقيقية للأسهم مع النظر إلى موجودات الشركة من نقود وآلات وزروع وسلع تجارية وغيرها لتطبق عليها الأحكام.
مشيراً إلى أنه من الصعوبة تطبيق ذلك من خلال النظر في واقع الشركات نظراً لتحفظها على كثير من أنشطتها وموجوداتها بحيث يصعب على الفرد المساهم معرفة كيفية الزكاة في هذه الموجودات والأنواع..
وأضاف أن السهم يمثّل حصة مشاعة من موجودات الشركة بمفهومها الواسع الذي يشمل الأصول الثابتة وسمعة الشركة المترتبة على ما تحققه من أرباح والمركز المالي للشركة مما يدخل في الأمور المعنوية المؤثرة بلا شك في القيمة السوقية للأسهم.. وحول كيفية زكاة المتاجر أوضح أن الأسهم التي قصد مالكها المتاجرة بها تُزكى باعتبار قيمتها السوقية لأنها الأصل في زكاة عروض التجارة.
دراسة شرعية
ومن جهة أخرى أوضح فضيلة الدكتور يوسف بن عبد الله الشبيلي أن القيمة السوقية للأسهم بلغت 1.9 تريليون ريال.. فيما بلغت قيمة الصفقات المنفذة في سوق الأسهم خلال عام 2007 أكثر 2.5 تريليون ريال.. بينما في عام 2006م بلغت الصفقات المنفذة أكثر من 5.2 تريليون ريال.. وبلغ عدد المحافظ الاستثمارية التي تتاجر بالسوق أكثر من 3 ملايين محفظة.. مبيناً أنه يجب أن تُعطى هذه الأموال مزيداً من الدراسات والبحوث من جميع النواحي وبالأخص الناحية الشرعية فيها، وحول طبيعة ملكية الأسهم رجَّح فضيلته كون أن السهم ورقة مالية تمثل حصة شائعة في الشخصية الاعتبارية للشركة لها ذمتها المالية المستقلة عن ملاّكها المساهمين.. ولها أهلية كاملة قابلة للإلزام والالتزام والتملك وإجراء العقود والتصرفات وتحمل الديون والالتزامات والأضرار الواقعة على الغير في حدود ذمتها فقط ولا يتعداها إلى المساهمين.. وكل ما يثبت لها أو عليها فهو بالأصالة لا على سبيل الوكالة عن المساهمين، وأضاف: وفيما لو زادت قيمة هذه الموجودات عن قيمة أسهمه فليس له حق المطالبة بها.. كما أنه لا يتحمل في ماله الخاص الديون أو الأضرار التي قد تقع بسببها على الآخرين.. معللاً ذلك أن هذا التكييف يتوافق مع النظرة القانونية للسهم.. ومتوافق مع رأي الفقهاء في نظير الشخصية الاعتبارية للشركة المساهمة، وهو الشخصية الاعتبارية للموقوف على معين فإن الوقف له شخصية وذمة مالية مستقلة عن الواقف والموقوف عليه الذي يملك الوقف بشخصيته الاعتبارية ولا يملك موجوداته بشكل مباشر بحيث لا يحق لهم التصرف فيها.. وكذلك المساهمون في الشركة.. وكذلك ما على ذمة الشركة من حقوق والتزامات لا ينتقل إليهم والأضرار التي تقع على الآخرين بسب هذه الموجودات تتحملها الشركة ولا يتحملها المساهمون في أموالهم الخاصة.. وكذلك المساهم إذا اكتتب في الشركة أو ساهم فيها بمال فلا يملك استرداده لأنه انتقل إلى ملك الشركة حيث إن المساهم ممنوع من تصفية نصيبه بالشرط لأنه أخرجه من كونه مالكاً ملكاً تاماً له.. كما أن قيمة السهم تتأثر بشكل مباشر بالعرض والطلب ولا تعكس قيمة الموجودات.
وعن أثر الشخصية الاعتبارية التجارية في تحديد المكلف بالزكاة قال فضيلته إن أقوال العلماء جاءت على اتجاهين: أحدهما أن زكاة موجودات الشركة واجبة على الشخصية الاعتبارية وليس على المساهمين ويتحمل أداءها القائمون على الشركة.. وأما الاتجاه الآخر الذي رجحه الشبيلي فإنه يرى أن الزكاة واجبة ابتداء على المساهمين ولهم أن ينيبوا الشركة في إخراجها فإن لم تخرجها الشركة فيلزمهم إخراجها من أموالهم الخاصة.. وجاء نص قرار مجمع الفقه الإسلامي مؤيداً لذلك على أنه (تجب زكاة الأسهم على أصحابها وتخرجها إدارة الشركة نيابة عنهم إذا نص نظامها الأساسي على ذلك أو صدر به قرار الجمعية العمومية أو كان قانون الدولة يلزم الشركات بإخراج الزكاة أو حصل تفويض من صاحب الأسهم لإخراج إدارة الشركة زكاة أسهمه).. وحجتهم أن المساهمين هم ملاّك الشركة فعليهم زكاتها وثبوت الشخصية الاعتبارية للشركة لا يمنع من وجوبها عليهم.
أثر الشخصية الاعتبارية
وكذلك بحجة أن موجودات الشركة المساهمة وإن كانت مُلكاً لها إلا أن المساهمين يملكونها على سبيل التبعية لملكيتهم لشخصها الاعتباري.. كما أن من لوازمه عدم إخراج زكاة موجودات هذه الشركات لأن معظم الدول الإسلامية لا تُجبى فيها الزكاة على الشركات.. وأن المساهمين غير مكلفين بأدائها عنها. وحول أثر الشخصية الاعتبارية في وجوب الزكاة في أسهم المال العام رجح الشبيلي وجوب التفريق بين جباية الزكاة من قبل الإمام أو تولي المكلف إخراجها بنفسه فإن كانت الشركة خاضعة لجباية الإمام فتُجبى على جميع الأسهم بما في ذلك أسهم الدولة ويجعل مال الشركة واحداً ولها حول واحد.
وعن زكاة الأسهم بالنظر في نية المساهم رجح ضرورة التفرقة بين المستثمر طويل الأجل والذي يجب أن يزكي بحسب ما يملكه بذلك السهم الذي جاء قرار مجمع الفقه الإسلامي مؤيداً.. ولا يخرج المستثمر من حالين هما: أن تخرج الشركة الزكاة عن جميع موجوداتها فلا يلزم المستثمر أن يخرج شيئاً لأن ما تخرجه الشركة يُعد زكاة له وتُعد الشركة نائبة عنه في ذلك.. وإما أن لا تخرج الشركة الزكاة عن موجود أو عن بعضها فيلزم المستثمر أن يخرج الزكاة عما لم تخرجه الشركة عنه من الموجودات.. وهذا لا يتعارض مع القائلين بأن السهم لا يمثل حصة شائعة في موجودات الشركة.. وإنما هو حصة شائعة في شخصيتها الاعتبارية.. وأوضح الشبيلي طريقة احتساب مقدار زكاة المستثمر حال علمه بما يخص أسهمه من الزكاة من تقسيم مبلغ الزكاة الواجب في جميع أموال الشركة على عدد أسهمها ويضرب الناتج بعدد أسهمه ليخرج بذلك مقدار الزكاة الواجبة وذلك عند تمام الحول لأمواله الخاصة به ولا عبرة له بالسنة المالية للشركة ولا بوقت صدور قوائمها أو انعقاد جمعيتها العمومية ويضم ما يخصه من أموال في الأسهم مع أمواله الأخرى ويزكيها في تمام الحول.
عروض التجارة
بينما المضارب يزكي أسهمه كما لو كانت عروض التجارة بحيث تقوم بسعرها في السوق يوم وجوبها ويخرج ربع عشر تلك القيمة أي 2.5% من قيمتها.. وفي حال إخراج الشركة زكاة عن موجوداتها فيرى الشبيلي أن ينظر المضارب إلى عدد الأيام التي تملَّك فيها الأسهم التي وجبت عليه زكاتها ويحسم من زكاته ما يعادل نسبة تملُّكه لها أيام السنة.. وفيما لو علم أن زكاة أسهمه أكثر من زكاتها لو كان مستثمراً فلا يلزمه إخراج الفرق بينهما.. وأما لو أخرجت الشركة زكاة عن موجوداتها وكان نصيب المضارب مما أخرجته أكثر من زكاة أسهمه بالقيمة السوقية التي تُؤخذ بسعر الإغلاق على الأرجح كونها المتوقع أن يُباع فيه السهم لأنه السعر الذي تحدد قيمة السهم في نطاقه من الغد وله أن يحتسب الزائد في زكاة أمواله الأخرى أو يجعلها تعجيلاً لزكاة قادمة.
وأما زكاة المساهم المدخر الذي لا يقصد المتاجرة والتقليب ومقصده الاستفادة من ارتفاع قيمتها ومن العوائد الموزعة ثم يبيعها عند الحاجة للنقد قال فضيلته إن المساهم إذا لم يكن مضارباً في السوق ومَلكَ أسهماً لا بنية المتاجرة فلا تُعد الأسهم في حقه عروض تجارة ولو بقيت عنده لسنوات وعليه أن يزكيها زكاة المستثمر.. فإن كانت الشركة تزكي فلا زكاة عليه.. لكن متى ما باعها فإنه يُزكي الثمن الذي بيعت به لسنة واحدة إذا كان قد مضى على شرائه لها سنة فأكثر.
وأضاف الشبيلي: في حال قلب النية من المضاربة إلى الاستثمار بسبب كساد السوق أو الانشغال فزكاتها زكاة استثمار من حين قلب نيته.. فإن كانت الشركة تُزكي فلا زكاة عليه ما لم يكن قصده الفرار من الزكاة فيُعامل بنقيض نيته.. وفي حال قلبها من استثمار إلى مضاربة يفرق بين ما إذا نوى المستثمر بيع أسهمه أو نوى أن يجعلها رأسمال له في التجارة.. فإن نوى مجرد بيع أسهمه الاستثمارية لحاجته إلى ثمنها.. أو لرغبته في الخروج من السوق فلا تصير عروض تجارة بذلك.. وأما إذا نوى أن يبيعها ليقلب الثمن في السوق فإنها تنقلب عروض تجارة بهذه النية فيستأنف حولاً لها من حين نوى بها المضاربة.
القيمة السوقية للأسهم
وأوضح فضيلته أن هبوط القيمة السوقية للأسهم يؤدي للإضرار بملاّكها الذين لا يخرج حالهم عن الأول أن يتوقف مالك السهم عن المضاربة أملاً في ارتفاعها ولتضرره ببيع الأسهم بقيمتها المتدنية فله حكم المدخر أي لا زكاة عليه في القيمة السوقية لأسهمه وإنما زكاته زكاة المستثمر ما لم يبع فإن باع زكَّاها زكاة العروض لسنة واحدة.. والثاني أن يستمر في المضاربة حتى بعد الكساد والأظهر أن له حكم المضارب ويُزكي أسهمه بقيمتها السوقية عند تمام الحول.
وأما زكاة الأسهم الموقوفة عن التداول فيمنع عنها زكاة المضاربة ولا يمنع فيها زكاة الاستثمار ويلزم من يملك أسهمها من أهل الزكاة إخراج ما يقابل أسهمه من موجودات زكوية لدى الشركة سواء ملكها بنية الاستثمار أم البيع.. وسواء قبل الإيقاف أو أثناء سريانه.. وإن كانت الشركة تخرج زكاتها فلا زكاة عليه.
وعن زكاة أسهم المنحة فأشار فضيلته إلى أن مالكها لا يخرج عن كونه مستثمراً.. فعليه لا يخلو أن تكون الشركة هي التي تخرج الزكاة عن موجوداتها فلا زكاة عليه كونها جاءت من أرباح الشركة وقد زكيت أو أن يكون هو من يخرج زكاته فعليه أن يُراعي في احتساب زكاته ما يقابل هذه الأسهم من موجودات الشركة.. فإن أعطي هذه الأسهم بعد إخراجه الزكاة فلا يلزمه أن يخرج زيادة أو يكون مضارباً فعليه أن يُزكي قيمة أسهمه التي يملكها في تمام الحول سواء استحق أسهم منحه أم لم يستحق لأن زكاته بالقيمة لا بالعدد.
وحول الأسهم المختلطة قال الدكتور يوسف الشبيلي إن الواجب التخلص من الإيرادات المحرمة الناتجة من التعاملات المحرمة للشركة المساهمة بصرفها في أوجه البر بنية التخلص لا بنية الصدقة ويجب على المساهم أن يُزكي أسهمه دون احتساب مبلغ التخلص.
الفوائض النقدية
ومن جهته أوضح الشيخ عبد الله بن منصور الغفيلي الأستاذ المساعد بالمعهد العالي للقضاء كيفية إخراج زكاة الأسهم.. وقال: إذا كان المزكي هو المساهم فتجب بحسب نيته ونوعية الأسهم.. فإن كانت زراعية فتجب فيها زكاة الزروع.. وإن كانت صناعية ففيها زكاة تجارة من صافي أرباحها والتجارية تجب في قيمة الأسهم الحقيقية بعد حسم الأصول الثابتة والمصاريف الإدارية مع ضرورة ملاحظة بلوغ أسهم المزكي نصاباً بنفسها أو بضمها لأمواله الزكوية إذا كان له حكمها وكذلك تطبيق زكاة النقود على الفوائض النقدية وفي حال عدم تمكنه من العلم بموجودات الشركة الزكوية لاحتساب زكاتها فإنه يخرج ربع عشر قيمة السهم الدفترية.
وأضاف: أما إن كان المزكي هو الشركة المساهمة فتخرج زكاتها كما يخرجها الشخص الطبيعي من حيث نوع المال وحوله ونصابه مع ملاحظة عدم أخذ الزكاة على أموال غير المسلمين وكذلك بالنسبة للمضارب بالأسهم فإنه لا يكتفي بزكاة الشركة بل عليه إخراج الفرق بين زكاة الشركة بالقيمة الحقيقية للسهم وبين زكاته بالقيمة السوقية.. والشركات الصناعية لا تزكي سوى ربع السهم الصافي بينما يجب عليه أن يزكي كامل قيمته مع حسم ما أخرجته الشركة إذا علم بمقداره أو يخرج ربع عشر قيمة السهم السوقية.. وأشار الغفيلي إلى أن الجهة الواجب عليها إخراج الزكاة هي المساهم بعد بلوغ الأسهم نصاباً وتمامها الحول لكونه مالك الأسهم وكون الشركة المساهمة عبارة عن مجموعة الأسهم المتساوية القيمة القابلة للتداول وتتولى الشركة إدارة الأسهم مع بقاء ملك كل مساهم لنصيبه وأحقيته في بيعه مع بقاء الحصة في الشركة وعند التصفية يستحق المساهم حصته من موجودات الشركة وإنما تخرج الشركة زكاة الأسهم نيابة عن المساهم في حالات أربع وهي: إذا نص في نظام الشركة الأساسي.. أو صدر به قرار الجمعية العمومية للشركة.. أو ألزم بذلك قانون الدولة.. أو فوض المساهم الشركة بإخراج زكاة أسهمه.