تجمهر أهالي الجبيل فوق رصيفها البحري الصغير لاستقبال المركب الذي أرسله الملك عبد العزيز، رحمه الله، إلى البحرين، لنقل البعثة الأمريكية للتنقيب عن النفط، في سبتمبر من العام 1933. كان الجيولوجيان (روبيرت ميلر) و(شويلركروق هنري) أول من وطئت أقدامهم الأراضي السعودية من فرق البحث والتنقيب.
أمر الملك عبد العزيز، رحمه الله، إسكانهما (قصر برزان)، أول مقر رسمي لبعثة التنقيب عن النفط. لم تكن رحلة التنقيب خالية من المصاعب، إلا أن حكمة القائد المؤسس الملك عبد العزيز كانت كافية بعد الله لتذليل الصعوبات، وتجاوز العقبات وصولاً إلى الهدف الأسمى: وحدة الدولة، زيادة الموارد، بناء الاقتصاد، وتنمية الإنسان.
دون أدنى شك فالملك عبد العزيز، طيب الله ثراه، كان أول الرواد الفاعلين في ملحمتي الدولة، والنفط، وقد استحق على ذلك الشكر والعرفان على لسان الوالد القائد في الاحتفال الماسي...: (فلك يا صانع الوحدة (بعد الله) والساعي إلى حلم الطاقة لنظرتك الثاقبة.. لك يا موحد النفوس ويا صانع الدولة، ويا والد الشعب الأبي، لك يا عبد العزيز، ولرجالك أعظم شكر، وأنبل عرفان، وأكرم ذكرى).
خمسة وسبعون عاماً من العطاء والبناء، بناء الإنسان والمكان. يكفي أرامكو السعودية فخراً أن تكون مصدراً رئيساً للطاقة العالمية، والضامنة لإمدادات النفط واستقرار الاقتصاد العالمي.
اهتمت أرامكو ببناء الإنسان، الركيزة الأهم في منظومة الاقتصاد والمجتمع. يحسب لأرامكو السعودية تخريجها أجيالاً من الموظفين المهرة والمتعلمين الأكفاء، واعتمادها عليهم في قطاعات الإدارة والإنتاج. يمكن أن يكون معالي المهندس علي النعيمي، وزير البترول، أنموذجا لدور أرامكو الفاعل في بناء الإنسان. بدأ الوزير النعيمي موظفاً بسيطاً في العام 1948 وتابع تحصيله العلمي حتى حصل على درجة الماجستير في الهيدرولوجيا. نجح الموظف البسيط في أن يكون أول رئيس سعودي لشركة أرامكو العام 1984م، ثم وزيراً للبترول والثروة المعدنية.
أرامكو السعودية نجحت أيضاً في تخريج جيل من رجال الأعمال: الشيخ سليمان العليان، رحمه الله، عمل (مأموراً) في شركة أرامكو العام 1937م ثم تركها العام 1947 مقتحماً عالم المال والأعمال؛ حيث بنى فيه إمبراطوريته العالمية التي أهلته لاقتحام قائمة أثرى أثرياء العالم العام 2001م. نماذج مشرفة لكفاءات سعودية ساهمت أرامكو في نجاحاتهم العالمية، واستحقت على ذلك الشكر والعرفان.
أختم بكلمات الملك عبد الله بن عبد العزيز الصادقة الموجهة لأرامكو وموظفيها، التي جاء فيها: (.. شكراً بعدد لحظات خمسة وسبعين عاماً لوقود التنمية الوطنية، مادة وإنساناً، فشكراً أرامكو رجالاً ونساءً، جيلاً فجيل).
*****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب 7741 ثم أرسلها إلى الكود 82244
f.albuainain@hotmail.com