Al Jazirah NewsPaper Saturday  24/05/2008 G Issue 13022
السبت 19 جمادى الأول 1429   العدد  13022
رسالة عاجلة ومهمة إلى الدكتور غازي القصيبي

أشعر بالغضب وأن هناك غصة كبيرة في حلقي، وأشعر بأنني أريد أن أصرخ وأن أفتح فمي على مصراعيه، إن الذي دعاني لهذا الشعور هو أنني تذكرت معالي الوزير (غازي القصيبي) أنا الذي كنت مدمنا له ولكتاباته شعرا ونثرا، لكنني اكتشفت أن معالي الوزير لم يعد ذلك الرجل الذي يبهرني، ولم يعد ذلك الرجل الذي يرسلني في شعره إلى عالم مليء بالبحيرات والبجع والفراشات الملونة والنساء الجميلات، إن الدكتور غازي القصيبي تحول من أسطورة بالنسبة لي ولغيري إلى حكاية حزينة في زمن الرحيل المر والعوز المقيت، كنت أملك ومازلت أملك للدكتور (غازي) في قلبي مدينة من الحب والتقدير ما الله بها عليم، لكن لا يمنع هذا وهو الديمقراطي العريق الذي لا يحجر على الآخرين آراءهم أن أصرح بأن علاقتي به أخذت بالتأرجح وهذا التغير في التفكير موجود في أي ثقافة أخرى سواء كانت فرنسية أو إنجليزية أو ألمانية أو صينية، جاءني هذا التحول في التفكير من الإعجاب الكبير به جدا الذي لا يوصف وليس له حد إلى مجرد الإعجاب فقط لأنه سكب الزيت الساخن في وجهي ولدغني لدغة قوية هزت جسدي، يا الله كم هو قاس أن يسافر من ذاكرتك من تحب، وكم هو مؤلم أن يغادر عقلك من تود وأنت الذي تحتفظ بأشياء كثيرة له، غازي القصيبي كان يمثل لي مثل قمة إفروست في جبال الهملايا وكان يمثل لي قطعة نادرة من متحف اللوفر الفرنسي بباريس، لكنه في تصريحه الأخير عن السعودة والبطالة دق آخر مسمار في نعش العلاقة بيننا وهو الذي لا يعرفني ولم يسبق أن صافحت يدي يده أو يلتقيني إلا عبر صفحات الصحف أو شاشات التلفزة أو كتبه الشعرية والنثرية التي أجمعها وأحفظها كلها، إن تصريحه الأخير يحتاج منا إلى (فزعة) إعلامية منضبطة وواعية وموضوعية لمساعدة الدكتور (غازي) في تنبيهه جيداً وقرع الأجراس له، (فزعة) إعلامية وشعبية تفتح كتاب السعودة والبطالة من جديد ولكن على أسس موضوعية وواقعية متزنة بدون تشنج أو غوغاء أو تسرع تشرح للدكتور (غازي) مشكلة السعودة لبا وجوهرا وحقائق قد تكون غائبة عنه فيما يدور حقيقة في دهاليز الشركات والمؤسسات الأهلية وأن نزود الدكتور (غازي) بمعلومات دقيقة تساعده على وضع العلاج الجذري لخطة طويلة الأمد ولسنوات قادمة وليس لوضع علاج مؤقت لجرح صغير نازف، إن عملية توطين الوظائف الحالية غير مجدية من واقع خبرتي الطويلة في هذا المجال عايشتها طالبا للوظيفة وموظفاً مسؤولاً في إدارة التوظيف لشركات وطنية وأجنبية عديدة وعارفا لخبايا الأمور صغيرها وعظيمها سرها وعلنها، ولكنها مجرد مخدر موضعي سرعان ما يؤلم الجرح صاحبه عند الإفاقة، إن كل البرامج المطروحة وصناديق المنح والتنمية ومؤسسات التدريب ومعاهده المعمول بها حاليا الآن لم ولن تجدي نفعا أقولها بفمي الملآن صادقا مخلصا لوطني وللدكتور (غازي) على امتداد رقعة وطني الجغرافية وحبي للدكتور (غازي) الذي مازال له في القلب بقية، إن كل الأطروحات التي عمل بها والمشاريع التي وضعت من أجل الرقي ببرامج السعودة ليست جدية ولا لون أو طعم أو رائحة لها وإنها مجرد أرقام كبيرة ليست رصيدا حقيقيا يذكر حينما يذكر العدد النسبي المئوي في أعداد السعودة نظير العمالة الأجنبية والعربية الأخرى، إن الدكتور (غازي) بحاجة إلى من يقول له إن الشركات أو المؤسسات الوطنية أو الأجنبية غير صادقة وواهنة ومريضة جدا في توظيف وتشغيل السعوديين وتحتاج إلى علاج جراحي وليس دوائي فوري ودائم ومتواصل حتى يتم استئصال كافة الأورام الخبيثة التي تزعج بقية جسد السعودة الغير متعافي أصلاً حتى لا يشمل بقية الجسد ويتحول كاملاً إلى مجرد مومياء لا روح فيها يستحق أن يوضع في متحف للآثار القديمة ترويحاً وتسلية للباحثين عن المتعة في عالم المومياء والمنقبين في عالم الماضي، إن هذه الشركات والمؤسسات والأطروحات التعليمية والتدريبية يجب أن نربطها في عمود واحد ونطلق عليها رصاصة الرحمة غير مأسوف عليها وأن نبحث مجددا عن استراتيجية عميقة شاملة تخدم السعودة والتوطين بشكل فعلي وليس صوري، هذه الاستراتيجية يجب أن يضعها ويتابعها معاليه متابعة دقيقة من خلال لجنة شاملة نخبوبة مختارة من كافة القطاعات الرسمية والأهلية والشعبية وأن يقوموا بعمل الآتي:

1- التعرف على أوضاع القوى السعودية العاملة.

2- دراسة المشكلات التي تواجه عملية توطين الوظائف وتأثيرات العمالة الوافدة على هذه العملية معنوياً ومادياً!

3- وضع التشريعات ومعايير العمل والأجور الجيدة كحد أدنى.

4- التعرف على المعوقات التي تعترض التنفيذ الصحيح لبرامج السعودة وتوطين الوظائف وكيفية التغلب عليها وما هي الحلول الجذرية السريعة غير البطيئة للقضاء على هذه المعوقات شكلاً ومضموناً.

5- التعرف الميداني على احتياجات سوق العمل المحلية.

6- إيجاد الكيفية الصحيحة لتأهيل العمالة السعودية إعدادا وتدريبا على غير النمط المعمول به حالياً.

7- تكثيف التفتيش الميداني على الشركات والمؤسسات ومتابعة مدى تطبيق تشغيلها للعمالة السعودية على الوجه الصحيح تدريبا وتأهيلا على رأس العمل أو بإعطائهم دورات تدريبية في المعاهد الأخرى كل في مجال عمله ووظيفته.

8- ايجاد الحلول المناسبة لحفظ حقوق الطرفين المنشأة والعامل السعودي من خلال وضع نظام واضح وصريح يبين حق كل طرف على الآخر دون التعدي على الآخر يحكم بينهم قانون واضح وشفاف في مختلف قضايا العمل وساعاته.

9- تنظيم عمل العمالة السعودية في ضوء تشريعات ومعايير عمل دولية.

10- إحداث تغييرات في المهن ووسائل وأساليب العمل والإنتاج.

11- إحداث وتغيير جذري في مخرجات التعليم الفني الحالية التي لا تنتج أي مهني على الوجه الصحيح أو على الوجه المطلق.

12- وضع خطة سريعة فورية للحد من البطالة المصنوعة أو المصطنعة ودراسة أسبابها ومسبباتها ليس على شكل استبيانات أو قراءات بل تكوين فريق عمل كبير مؤتمن لعمل مسح ميداني يشمل كافة الشرائح والأعمار للوقوف الحقيقي على العدد الصحيح للبطالة في كل أرجاء الوطن السعودي الكبير.

13- يجب أن تضع هذه اللجنة المتغيرات الدولية والتطورات العملية المتسارعة في أولويات أعمالها.

إن السبب الذي دعاني يا معالي الوزير لقول ما قلته هو أن هناك طابورا من البطالة في الوطن، وطابورا في وزارة العمل ومكاتبها من الموظفين الذين لا يعملون أو حتى يحاولون أن يعملوا إلا القليل حتى لا يتم التعميم، وطابورا من الشركات والمؤسسات التي لا تتعامل مع تعليماتكم وتوجيهاتكم بصدق، وطابورا من المعلومات التي قد تحجب عنك وتحتاج إلى من يقولها لك بكل شفافية.

وأخيراً، اعلم يا معالي الوزير أن لك حجما من الحب كبير لا تسحقه كلمات النقد الهادف.

رمضان جريدي العنزي



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد