كشف عن بدء المفاوضات السورية الإسرائيلية التي تجري في إسطنبول وبوساطة تركية، حتى عمت الأفراح في الجولان السورية، فالمواطنون السوريون الذين يرزحون تحت نير الاحتلال أكثر من أربعة عقود يرون في هذه المفاوضات مفتاحاً لخلاصهم من الاحتلال.
في الجانب الآخر، وفي طهران بالتحديد حلّ الغمّ والاستياء بين أوساط المسؤولين الإيرانيين الذين يرون في فتح قنوات اتصال بين إسرائيل وسوريا وإن كانت هذه الاتصالات غير مباشرة، وتتم بواسطة تركيا، إلا أن الإيرانيين يعتبرون الموقف السوري الجديد تخلياً عن الاستراتيجية التي وضعها البلدان أو بالأحرى النظامان لحماية الحكم في بلديهما وإخراجهما من العزلة المفروضة عليهما.
ويقول الإيرانيون إنهم وقفوا إلى جانب سوريا مادياً ومعنوياً وعسكرياً وأمنياً وإن طهران -حسب ما تدعي مصادر الرئيس أحمدي نجاد- أنقذت دمشق من عزلة مطلقة وحصار كامل ولاسيما بعد اغتيال رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري وإخراج القوات السورية من لبنان، ويذكّر قادة النظام في إيران نظراءهم في سوريا بأن وقوف طهران إلى جانب دمشق كان مكلفاً مادياً جداً لإيران تجاوز عدة مليارات دولار مع كميات هائلة من النفط واستثمارات تجاوزت الثمانية مليارات دولار، كما أن وقوف طهران إلى جانب دمشق فرض على إيران اتخاذ مواقف أغضبت الكثير من الدول العربية والإقليمية والقوى الدولية، والأحزاب والجماعات العربية وبخاصة في لبنان، كما أن وقوف إيران إلى جانب سورية انعكس على حلفاء إيران في لبنان الذين كسبوا عداء المعادين لدمشق إذ يصر فريق كبير من اللبنانيين على اتهام النظام في دمشق بالمسؤولية في موجة الاغتيالات التي شهدها لبنان بدءاً من اغتيال الشهيد رفيق الحريري وصولاً إلى اغتيال الوزير بيير الجميل، ولهذا فإن حلفاء إيران كحزب الله اللبناني كان متهماً هو الآخر بالمشاركة في الاغتيالات بسبب اعتباره ضمن حلقة حلف طهران - دمشق.
ولذلك فإن كبار مسؤولي النظام في إيران يعتبرون دخول سوريا في مفاوضات مع إسرائيل ومن خلال دولة منافسة إقليمية، يعد بنظرهم خرقاً للتفاهم الاستراتيجي بين النظامين ولذلك فإن المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني يضع هذه المفاوضات الموضوع الرئيسي في اهتماماته لأن تطور المفاوضات ووصولها إلى ما يفترض أن تصل إليه وهو تحرير الأراضي السورية في الجولان وتوقيع اتفاقية سلام بين دمشق وتل أبيب سيحرم طهران من ورقة مهمة في ادعائه دعم العرب المتضررين من إسرائيل وأنها عون لهم في تحرير أراضيهم كما أن تبعات الانخراط في سلام -وهو ما يفترض أن تلتزم به دمشق- سيحرم طهران من حليف يسهل لها التمدد إقليمياً.
jaser@al-jazirah.com.sa