Al Jazirah NewsPaper Friday  23/05/2008 G Issue 13021
الجمعة 18 جمادى الأول 1429   العدد  13021
إليك أنت يا معلمتي
منى صبحي الهنداوي

ثارت الدنيا ولم تقعد عندما بادر أعداء الإسلام إلى نشر رسوم مسيئة لسيد الخلق أجمعين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وقد نسوا أو تناسوا أن الله الذي خلق البشرية من أجله نصره وينصره وسينصره إلى يوم الدين، وأصبح ذلك الأمر حديث المجالس ورسائل في الجوالات (هبوا لنصرة رسول الله).

وجميل جداً أن نتفاعل مع الحدث لأنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وتأخذنا الحمية لنصرة دين الله ونصرة رسوله الكريم ولكن هل النصرة تكون بالكلام أم بالفعل وأجزم كل الجزم أنها نصرة كلام عابر كفقات صابون تتلاشى في الهواء إلا من رحم ربي. والعجب كل العجب ممن يدعي حب رسول الله وهو أحياناً أبعد ما يكون عن رسول الله.

تأمل معي:

تعصي الإله وأنت تظهر حبه

هذا محال في القياس بيع

لو كان حبك صادقا لأطعته

إن المحب لمن يحب مطيع

من ديوان الشافعي وما أدراك ما الشافعي

ثم برهان آخر:

فإذا أردت مقياس آخر وهو أعظم وأجل مقياس تدبري معي بقلبك آية في كتاب الله تعرف بآية الميزان في سورة آل عمران قال الله تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ، قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} (31-32) سورة آل عمران. تدبريها بكل جوارحك واعرفي ساعتها هل أنت حقاً تحبين رسول الله أجزم بأن الإجابة داخل نفسك وبصدق وصراحة تكون لا إلا من رحم ربي وإليك الدليل القاطع:

أين طاعة الرسول فيما جاء به الرسول؟

أين أنت من اللباس الساتر الذي لا يصف ولا يشف ولا يبدي محاسن الجسم ومفاتنه؟!

أين أنت من قص الأظافر التي أمرنا رسولنا بقصها كل يوم جمعة لأن الشيطان على ما طال منها وأظافرك طويلة جداً؟!

أين أنت من لبس العباءة الساترة التي لا تظهر مفاتن الجسم وعباءتك أقرب ما تكون لفستان سهرة؟!

أين أنت من ستر القدمين حتى إن بعض العلماء اختلفوا في غطاء الوجه ولم يختلفوا في ستر القدمين لأن سترها واجب؟!

أين أنت من شرح حديث الرسول الكريم للطالبة (لعن الله النامصة والمتنمصة) وأنت تنمصين؟

أين أنت من صدق القول والالتزام بالعمل وبما وكل إليك من مهام {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ } (1) سورة المائدة. وأنت تتهربين وتختلقين الأعذار الواهية لتهرب من أدنى المهام التي توكل إليك؟!

أين أنت من توجيه الطالبات إلى نبذ كل ما يسيء إلى أسماعهن من الأغاني الهابطة والفحش في القول ونغمة جوالك تصدح بأقبح النغمات وأقذر الكلمات. أين الارتقاء؟ أين السمو؟ أين النهوض بالهمم العالية نحو ما يحبه الله ويرضاه؟

أين أنت من القيل والقال وكثرة السؤال.

أين أنت من المسؤولية الملقاة على عاتقك بأن تكوني مؤتمنة على تربية أجيال وأجيال والمسؤولية ممتدة إلى يوم الدين؟!

أين أنت ممن يعلمون الناس الخير؟ لأن الله وملائكته يصلون على معلمي الناس الخير؟!

هل لديك شيء تقدمينه إلى بنات هذا الجيل الضائع التائه وسط مجتمعات الانحلال الفضائي والتخبط العشوائي في التربية المنزلية والتربية المدرسية.

هل لديك شيء تنفعين به الأمة من التوجيه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفق كتاب الله وسنة نبيه بحيث يكون لا إفراط ولا تفريط.

أين أنت عندما توقفين على الصراط وينادي {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ} (24) سورة الصافات.

أم أن تكونين وفق ما قيل فاقد الشيء لا يعطيه

عجيب أمر هذا التناقض في حياتنا والأعجب أن البعض يحتسبه على نفسه وعلى الغير أمر طبيعي.

وفق هذه المعطيات أين نحن من محبة رسول الله؟ أين نحن من اتباع سنة رسول الله؟ أين نحن من نصرة رسول الله؟

أين نحن من معنى شهادة:

لا إله إلا الله محمد رسول الله

وهل يحق لنا أن نثور ونغضب لمجرد أن رجلاً كافراً وضيعاً ناقص العقل والدين تطاول على سيد الخلق أجمعين ونحن أبعد ما يكون عن سيد الخلق فوالله ثم والله لو أن كل مسلم متمسك بدينه على الوجه الأمثل لما تطاول هذا السفيه ولا أمثاله بالمساس بشعرة واحدة من شعر نبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.

عذراً أخيتي هذا غيض من فيض فهلا تداركنا أنفسنا قبل فوات الأوان وقبل أن يقال لنا يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

* الرياض



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد