المملكة العربية السعودية سبّاقة ورائدة في أعمال الخير، وخدمة الإسلام، والاهتمام بشؤون المسلمين، وهذا الأمر لم يقتصر على المسلمين أنفسهم، بل كانت المشروعات الإنسانية التي تبنتها المملكة لم تفرق بين دين، وعرق، وجنس، ومنطقة، ومن الأمثلة الحية العمليات الجراحية التي تبناها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - بفصل التوائم من مختلف بلدان العالم.
ومحبة الخير للغير هي ديدن أبناء هذه البلاد قادة وشعباً، ولاة أمر وعامة الناس، فلا يستأثرون بخير لأنفسهم، ولا يشحون بمعروف على غيرهم، وأعظم الخير والمنافع هو هداية الناس لهذا الدين، والدعوة إليه، وذلك مصداقاً لقول الباري عز وجل: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}.
والمكاتب التعاونية للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات من القطاعات السباقة الرائدة التي تسجل لها الريادة والأولوية زماناً ومكاناً في المملكة العربية السعودية، وأصبحت هذه المكاتب نبراس خير ومنارة تشع بالنور والضياء للمسلمين وغير المسلمين، وكان لها جهود مذكورة مشكورة في خدمة الإسلام.
ولعلي أسوق مثالاً واحداً ومتميزاً من جهود تلك المكاتب المباركة، وهو المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بسلطانة بمدينة الرياض، فهذا المكتب يقوم عليه مجموعة من المشايخ الفضلاء الذين نذروا أنفسهم، وأوقاتهم، وأموالهم في خدمة الغير، وبذل الخير، وقاموا بجهود دعوية متميزة مع عمل بارز، ويستحق الإشادة والذكر، ألا وهو مجال الطباعة، والنشر، والترجمة، فقد قام المكتب مشكوراً مأجوراً بطباعة ونشر وترجمة ما يزيد على (مليوني) كتاب، وهذه الكتب تشمل أمهات الكتب تحقيقاً وطباعة ونشراً، إلى جانب كتب أئمة الدعوة من السلف، والمعاصرين، والكتب الموجهة للجاليات غير المسلمة، مع الكتيبات والنشرات المفيدة لعوام المسلمين، وهذه الكتب تحظى قبل طباعتها بفحص وتدقيق من أصحاب الفضيلة العلماء، وطلبة العلم حتى تظهر بصورة طيبة، كما تحظى بطباعة أنيقة وجيدة تليق بهذه الكتب، وما تحويه من قيمة علمية. وإلى جانب العناية بالكتب، عني المكتب أيضاً بجهد مماثل لا يقل شأناً عن الكتب، ألا وهو توثيق المحاضرات والدروس العلمية لأصحاب الفضيلة العلماء والمشايخ، ونسخها،وتوزيعها على المجامع العلمية، وطلبة العلم، ضمن سلسلة متواصلة، وخرجت بموضوعات مفيدة قدمت بتسجيل صوتي فني حديث.
والحديث يطول عن جهود المكتب الذي حقق خلال فترة قصيرة انجازات ومناشط مهمة . ولعلي أختم بمثال آخر عن هذه الجهود الطيبة، ومن بينها مسجد شيخ الإسلام ابن تيمية بسلطانة، الذي يشرف هذا المكتب على برامجه الدعوية، فهذا الجامع مع عدد من جوامع الرياض الرائدة كجامع الراجحي، وجامع الأمير فيصل بن فهد، يقدم برامج دعوية عمّ نفعها، مع وجود المكتبات الكبيرة داخل المسجد التي يرتادها عدد كبير من الناس، وما تحويه من كتب متنوعة، وحِلق تحفيظ القرآن الكريم، فهناك الدورات العلمية، والنقل المباشر لها عبر مواقع خاصة في الإنترنت، ليعم نفعها النساء الرجال ليس في بلادنا فحسب بل في سائر بلدان العالم، وبالتأكيد ليس جامع شيخ الإسلام، ولا المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد بسلطانة هما الوحيدان في الميدان، ولكنهما نماذج متميزة في هذا المجال.
وفّق الله الجميع، وسدد الله الخطى لكل خير.
alomari1420@yahoo.com