أعد الأخ سعود الشيباني تحقيقاً في عدد الجزيرة الصادر يوم الاثنين 7-5- 1429هـ، بعنوان (في حضرة سلمان) في صفحة متابعة، تحدث فيه عن ما يدور في مجلس الأمير سلمان، وما أمضاه على مدى نصف قرن في مجلسه المفتوح من تلمس قضايا وحوائج الناس صغيرهم وكبيرهم، كما تطرق إلى سمات سموه الشخصية من خلال مجلسه المفتوح التي حوت أبوة وأخوة لكل مواطن ومقيم يعيش في منطقة الرياض، بل تعدته إلى كل أبناء المملكة، ولا يمكنني في هذه العجالة أن أضيف على ما ذكره الأستاذ الشيباني وتطرق إليه، لأنه حوى صفات كريمة وشاملة لرجل منحه الله من الصفات أحسنها ومن الخصال أجملها، فالحكمة والشهامة جزء متوارث به، وهذا ليس بمستغرب على واحدٍ من أبناء صقر الجزيرة مؤسس هذا الكيان الشامخ الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - طيب الله ثراه - فلقد بدأ الأمير سلمان حياته العملية في مجلسه المفتوح منذ خمسين سنة بين الآباء مشاركاً لهم همومهم وآراءهم وكان يتصرف معهم بحكمة الشيوخ وكأنه من أكبرهم سناً، ولقد كان الأب الحاني لهم آنذاك رغم صغر سنه، وكان بابه مفتوحاً للناس منذ ذلك الوقت وهو ابن العشرين، ولا يزال مفتوحاً منذ خمسين سنة حتى اليوم.
لقد دخل إلى إمارة الرياض نائباً في أوائل السبعينات الهجرية ثم صار أميراً للرياض عام 1374هـ، فكم هي المشاكل التي تواردت عليه من ذلك الوقت حتى الآن، وكم هم الرجال الذين استفادوا من آرائه وتوجيهاته السديدة، فمجلسه دائم يكتظ بالناس، حيث الكل يرمي بهمومه وشكواه في بحر سلمان، فهو يستمع لشكواهم شخصا تلو الآخر ويحلها بحنكة خبير ولمسة فهيم، ولو قدر لأحدنا معرفة عدد القضايا التي أنهاها سموه بحكمته وحنكته وصالح فيها بين أطراف النزاع لتفاجأ من ضخامة عددها وتنوع مجالاتها ولكن لأنه (سلمان بن عبدالعزيز) فلا مجال للدهشة والاستغراب. إن الجميع يتذكر مجلس سموه الذي يؤدي فيه مهامه ومسؤولياته، فاستقباله للمراجعين وأصحاب القضايا يتم من خلال مهارات لا يملكها الكثير من المختصين، فالفراسة والفطنة عند سموه ملكة يتعامل بها، كما أن سموه يتميز بذاكرة فذة، فلا ينسى الأشخاص والمواقف والقضايا التي يطلع عليها مما يجعله يفصل في الأمور المتشابكة بحنكة وحكمة، فالأمير سلمان ليس بالمسؤول العادي، فسموه رجل مهاب هذه الهيبة التي يضعها الله في من يشاء من عباده، ولو نظرنا إلى همة سموه في العمل الإداري لخلصنا إلى أسلوبه الإداري الذي تجاوز فن القيادة التي سعت إليه الإدارة الحديثة على أنه نظرية يمكن تدريسها في الإدارة، وقد سبق أن تطرق الدكتور غازي القصيبي في كتابه: حياة في الإدارة، عن الطريقة السلمانية في قراءة معاريض المراجعين، ومن جانب آخر نجد أن تبكير سموه للدوام قبل الموظفين دليل حرصه بأهمية الوقت واستغلاله لإنجاز قضايا المراجعين ومعاملاتهم، فهذه وغيرها الكثير تؤدي إلى نجاح العمل والارتقاء بمستواه الإداري، ولا غرابة في ذلك فالأمير سلمان يمثل قمة الإدارة المتجددة التي تتخطى ما يعمل من أجله رجال الإدارة. إن حجم التقدير والاحترام والحب الذي نحمله شيباً وشباباً رجالاً ونساءً لصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض - حفظه الله ورعاه - لا يمكن اختزاله في أحرف وأسطر وكلمات وعبارات، فلك من الحب هامته، ولك من الغلاء أثمنه، ومن الوفاء أجزل معناه، وأبقاك الله ذخراً وفخراً للجميع.
د. عبدالله بن سليمان العمار