Al Jazirah NewsPaper Monday  19/05/2008 G Issue 13017
الأثنين 14 جمادى الأول 1429   العدد  13017
نهارات أخرى
القاتل الأديب
فاطمة العتيبي

يتوب الكاتب المغربي عبدالمجيد بنسودة من جريمة قتله لصديقه عبر رواية كتبها وهو سجين في زنزانته.. وأصدرها تحت عنوان: (قبل أن تغيب الشمس)

** اختار الكاتب ضمير المتكلم وتحدث عن جريمته بشكل عابر وسريع معترفاً بذنبه العظيم ومؤكداً توبته مستحضراً من التراث صورة (وحشي) قاتل حمزة عم الرسول صلى الله عليه وسلم ثم تاب وحسن إسلامه وجاهد في سبيل الله..

** هل يقبل المجتمع هذه (الدية) التي يدفعها الأديب عبر إبداعه رواية تصور حياة السجن بانتظار الإعدام.. تلك التي شبهها الروائي ب(حياة البرزخ) حيث الانتظار بين الموت والحياة..

** الرواية تخليق إبداعي لا يمكن أن يصل إليه أي روائي مهما بلغت قدرته على التخييل والتذويت والتعبير..

فالروائي يعبر عن ما يشعر به في انتظار الموت وهو في عنبر الإعدام.. تحوم حوله أرواح السجناء الذين سبقوه في هذا المكان وتخرجوا منه إلى حيث القبور..

** ملأ الروائي بنسوده روايته بالمقولات المأثورة والمواعظ والمختارات من النثر والشعر من التراث وصنع رواية متعددة المستويات في بنائها الزمني واللغوي وتآلف مع السارد الواقعي.. فكان هو البطل المؤلف..

هي أقرب للسيرة الذاتية، لكنه اختار لها تقنيات سردية متنوعة..

** (الدية) الإبداعية التي قدمها بنسودة كشفاعة للعفو عنه والإفراج قبل تمام مدة السجن مثلما حظي بالعفو عن الإعدام.. وعد بالكتابة لصالح المجتمع وصلاحه.. ووعد بتسخير قلمه لكتابة تبني ولا تهدم..

** أبناء القتيل.. رفضوا اهتمام المجتمع الثقافي في المغرب بهذه الرواية واعتبروا هذا العمل استعطافاً من أجل كسب العفو من مجرم تعددت حيله في الجريمة التي نفذها مثلما تعددت حيله الأسلوبية في روايته..

وأدلى ابن القتيل بتفاصيل مفزعة عن الجريمة وكيف أخفاها القاتل وكيف أخفى الجثة وكيف أوهم أسرة القتيل بأنه مفجوع بفقد صديقه، وظل يبحث عنه ويساعدهم (وهماً) بالتفتيش عنه..

** شخصياً..

أذهلتني قدرة بنسودة على الإمساك بالقلم في لحظات انتظار الإعدام..

إن القوى في الإنسان تخور عند مواجهة الموت.. فهل تماهى القلم مع السيف في مخيلة بنودة.. ورأى فيه سلاحه الأخير في مواجهة الموت..

** الرواية بعالمها الخارجي وعالمها الداخلي تفتح أسئلة عديدة.. على المستوى الأدبي..

الرواية هل هي وثيقة لحياة المؤلف.. يتهرب المؤلفون من الاعتراف بها ويتخذون حيلة سارد عليم أو مشارك ليهربون من مواجهة سيرهم الذاتية..

** هل بمقدورنا أن نتعاطف مع بنسودة.. وننسى أطفال القتيل وجرحهم الغائر في فقد أبيهم.. هل تكفي الرواية الجيدة كي تدفعنا نحو المسامحة والعفو..؟!!



fatemh2007@hotmail.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5105 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد