طهران: أحمد مصطفي
اهتمت وسائل الإعلام الغربية بالرزمة الإيرانية المقترحة التي فاجأ بها الإيرانيون غرماءهم الغربيين وهي بالطبع تأتي في إطار المعركة الدبلوماسية التي تشهدها العلاقات الإيرانية - الأوربية بسبب أزمة الملف النووي الإيراني، وما بين الرزمة الأوروبية والإيرانية ثمة تقاطعات لا يمكن تسويتها حيث يتمسك كل طرف بشروط ويعتبرها الخطوط الحمراء.. الايرانيون لا يريدون لغرمائهم الأوروبيين تذكيرهم ب(قصة تعليق التخصيب).. في المقابل يؤكد الأوروبيون بأن (تعليق التخصيب لبرنامج إيران النووي) هو مفتاح الحل لكل المشكلات في إيران والمنطقة والعالم. وما بين الرؤيتين المتضادتين تتحرك الجهود الدبلوماسية فتارة تتمثل بتلك اللقاءات الثنائية التي تجري خلف الأبواب المؤصدة والمراقب لا يسمع الا الهمس وتارة أخرى تتحرك بتلك الجولات المكوكية وهي تأخذ على الغالب الطابع السري حتي تمخضت عن رزمة مقترحات وجدت فيها ايران ضالتها الكبري.. أما الأوربيون فإنهم سيتفاجؤون لأنهم سيعثرون على مفردات لا تعنيهم (المسألة الفلسطينية والصراع في الشرق الأوسط والحضور الدامي لأمريكا في العراق ومياه الخليج) وقضايا اقتصادية عالمية وأزمات لا تريد الدول الأوربية أبداً الالتفات لها، ما يهم الدول الأوربية في الظرف الراهن هو (تجميد ايران لانشطتها النووية) وما عدا ذلك فهو نوع من الوهم والضحك علي الذقون؛ لأن الدول الغربية ليست بحاجة إلى مشاريع لتسوية مشكلات العالم وهي تعلم علم اليقين بأن (إيران) في وضعها الحالي لا تليق لاوربا بل تراها عاصمة للمشاكل في المنطقة، هكذا يصرح الامريكيون وزعامات أوربية التي تتهم إيران بزعزعة استقرار امن العراق ولبنان.. في مقابل ذلك تتهم طهران واشنطن بالازمات في المنطقة وتتهم الدول الاوربية بالتبعية لواشنطن في تلك المخططات الجهنمية؛ وكما نلاحظ فإن ما يتحرك في الدوائر الدبلوماسية للطرفين لا يمكن التعويل عليه في مجال أية توليفة سياسية؛ ففي زمن الرئيس خاتمي قبل خمس سنوات تمكنت الدول الغربية الدخول لايران من خلال لقاءات سعد أباد التي أجبرت الايرانيين على تجميد انشطتهم النووية؛ وفي ذلك الوقت نشطت الدبلوماسية بين الطرفين واخذت عناوين كثيرة لكن تلك الدبلوماسية توقفت بعد رحيل خاتمي ومجيء الرئيس نجاد الذي كفر بتلك الأطروحات واعتبرها استسلاماً للاعداء ومنذ ذلك التاريخ تبنى الرئيس نجاد المشروع النووي الايراني وانفق الكثير من الاموال لقاء الوصول الي محطات راقية في هذا البرنامج، تلك الخطوات لم ترق للترويكا الأوربية التي اعتبرتها تمرداً على اتفاقية سعد أباد بقيادة الشيخ حسن روحاني الذي بقي يدافع عن تلك الاتفاقية رغم التخوين النجادي.
اذن ماذا تريد ايران من رزمتها المقترحة؟.. وماذا تريد الدول الأوربية من رزمتها التي ستصل إلى ايران في غضون الأيام المقبلة؟ هل ستقبل الدول الاوربية برزمة ايران وهل ستقبل ايران برزمة الاوربيين؟
وفي محاولة هادئة لتفكيك تلك التساؤلات المحيرة نرى واستنادا الى التصريحات التي أدلى بها الرئيس نجاد فإن بلاده ترفض تعليق التخصيب لكن الرئيس الايراني وعلى خلاف نبراته السابقة اراد هذه المرة التريث ريثما تستلم طهران رزمة المقترحات الأوربية ولعل في ذلك وصية من خصوم وأنصار الرئيس في الداخل، فالمعروف عن علي لاريجاني وهو مستشار للمرشد خامنئي يطالب على الدوام الحكومة بضرورة دراسة العرض الأوربي قبل رفضه؛ ويبدو أن طهران لا تريد ان تمنح مبررات اضافية لاستصدار قرار جديد فهي تسعي لكسب الوقت عبر تلك المعركة الجديدة (حرب الرزمات) في المقابل فإن ايران تعرف ان خصومها الأوربيين وهم من الدبلوماسيين الاذكياء سيضعون النقاط على الأحرف في أي لقاء مقبل، وفي الختام فإن رزمة إيران المقترحات لا يمكنها أن تكون بديلاً عن رزمة أوربا التي تريد من طهران تعليق أنشطتها النووية قبل أي حوار ثنائي.