Al Jazirah NewsPaper Sunday  18/05/2008 G Issue 13016
الأحد 13 جمادى الأول 1429   العدد  13016
هدوء بيروت بدون زعماء

بيروت - هناء حاج

إذا جلت في شوارع بيروت خصوصاً تلك التي كانت تشهد معارك (طاحنة) على حد الإعلام فقط. ترى الهدوء النسبي والحذر والترقب عند الناس.

وإذا سألت أحدهم يقول (ما أحلى البلد بدون زعماء) ويذكروننا بأغنية (الفرسان الأربعة) (الزعما فلّوا من لبنان) وتتابع الأغنية (كبرت فينا فرحتنا.. صار فينا نعيش بأمان.. صارت جنة دنيتّنا).

هكذا الحال وهكذا أبرزت العديد من الشاشات. من كورنيش المزرعة إلى بربور إلى طريق الجديدة ثم مار الياس والحمراء، المشهد واحد.. طرقات تفتح ومحال تزيل آثار الرصاص وتكسير الزجاج.

وأناس تزدحم بهم الشوارع ليتفرجوا على ما قيل إنه دمار وبداية حرب أهلية.. ولكن المفاجأة أن شيئاً من هذا لم يحصل باستثناء بعض المحال التي احترقت كلياً فأضاء الإعلام المرئي عليها..

لم يكن شارع بربور وكورنيش المزرعة ومار الياس مثل الأيام التي سبقت بل امتلأ بالناس لكنهم ليسوا من رواد الأسواق بل من رواد (الفرجة) لأنهم بدأوا يتفقدون الشوارع والمحال.

ويحاولون تطبيب الجرح، فسألنا إحدى السيدات عما تراه، قالت جرحي كبير لأن الإخوة تقاتلوا من أجل الزعماء، وها هم الزعماء يتصافحون ويتعشون (كفيار) في قطر، وأكيد ستزيد خزينة الدولة ديون أسفارهم.

بينما علّق أحدهم أيضاً، يا ليتهم يبقون في الخارج يتغازلون علّ الشباب (الأغبياء في لبنان يتصافون).

وداخل المحال سكون كبير ونظرات إلى الجيش المتوقف في كل زاوية، سألنا صاحب محل عن وضعه، انظر إلى الجيش المسكين، المطلوب منه قتل أبناء بلده، دفاعاً عن هذا وذاك، إذا عمل بنصيحة أول طرف لن يرضى الثاني، وإذا سمع الثاني سيتضايق الأول، والأهم أن الطرف الثالث يتلاعب بالجميع.

فسألناه من يقصد بالطرف الثالث، قال لنا (أنتم تعرفون والدول العربية تعرف وأنا الوحيد الذي لا أعرف، لكني أقرأ بين السطور). الكل يحاول الابتسام ولكن بغصة.

وفي شارع الحمراء المشهد مماثل، غياب للمظاهر المسلحة، لكن شباب من كل الأطراف يسكنون زوايا الشوارع، لا تستطيع الاقتراب من الشباب لأنك قد تشعل فتيل الحرب إذا لم يعجبهم توجهك، هكذا قيل لهم... ولا تستطيع التصوير لأن الجيش موجود في كل الزوايا تفرج على الشباب وينتظرهم.

هذا المشهد قد يتكرر في كل الشوارع ولكن في شارع الحمراء كان مختلفاً فزحمة السير كانت قبل الظهر وكأن شيئاً لم يكن، وبعد الظهر غابت الحركة وقبل السابعة كانت كل المحال والمقاهي قد أقفلت ليعود كل فرد إلى بيته يستمع إلى نشرات الأخبار.

المهم أن كل الطرقات فتحت لتعود الحركة معها والكل يشتم ويسب المسئولين والسياسيين الذين يريدون قتل أولادهم (الأغبياء) لأنهم يسمعون كلمات تشجيع من المسئولين (السنة أعداء.. والشيعة أعداء..) ولكن صوت رجل يكسر هذه القاعدة ليقول لنا: (كيف سيكون الشيعة أعدائي وأمي شيعية.. وكيف سيكون السنة أعدائي وصهري سني.. وكيف سأقسم نفسي لأشكل عداوة لنفسي، فهل أقتل زوجتي،، أم أطرد زوج ابنتي أو أنفي ابني لأنه تزوج شيعية) ليتابع ويقول: (قد أطرد زوجة ابني الثاني لأنها ألمانية ولا أعرف إلى أي فئة تنتمي سوى أنها صارت تحمل الجنسية اللبنانية الجديدة التي لم يكتب عليها مذهب أو طائفة).

من الواضح أن الناس في الشوارع والذين لا دخل لهم بصراعات السياسة وأهلها، وهم بكل تأكيد الأكثرية في لبنان، وهي أكثرية لا أحد يسمع صوتها ولا يهتم بما يريدون من وحدة الشعب دون مصالح سياسية.












 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد