متابعة - عبدالله الهاجري
في اختصار لكل ما دار في حلقة محمد عبده مع العراب نستطيع الجزم بأنه لو كان الضيف غير فنان العرب لما استطاع أن يتجرأ بمثل هذا الكلام ولما ظهرت الحلقة بهذه القوة والإمتاع والسيل الوافر من المعلومات.
إذن حلقة انتقل فيها أبو نورة من جمال الصوت إلى قوة البرهان والحجة، حلقة كان فيها فنان العرب واجهة سعودية حقيقية ووطنية تفتخر بتراب أرضها، تكلم فيها العراب بكل أريحية عكست ثقافته واطلاعه الواسع، حلقة أرجع الفضل فيها إلى والدته التي وصفها بعرابه الأصلي.
حملت حلقة العراب من مساء الجمعة والتي بثت عبر قناة الإم بي سي واستضافت فيها فنان العرب محمد عبده كل الاستثناءات حيث امتدت أربع ساعات متواصلة وهذا قل أن يحدث في البرامج الحوارية العالمية وبهذا سجل فنان العرب -أو كما يحب أن يلقب بالفنان السعودي- شيئاً منفرداً في البرامج الإعلامية حيث اضطرت القناة لتأجيل نشرة الأخبار وجلب معه للقناة كماً وافراً من الإعلانات وأجبر من خلف الشاشة أن يتابعوا الحلقة بكل راحة، وشابت الحلقة أخطاء إخراجية واضحة تمثلت في سماع المشاهدين لصوت المخرج أكثر من مرة عدا أخطاء الكاميرات التي جاءت مهزوزة وفي مواقع غير مناسبة وسرحان المصورين وكثرة حديث الزميل نيشان، وتحدث في الحلقة عن الفن السعودي والخليجي مرورا بالعربي ووصولا إلى الفن العالمي، حلقة -وهذا ما يهمنا هنا في (الجزيرة)- أكدت مصداقيتنا وتفردنا بالكثير من أخبار محمد عبده وكأن الحلقة من إعداد (جريدة الجزيرة) سواء من الأسئلة المطروحة من مقدم البرنامج أو من إجابات فنان العرب التي وافقت ما نشرناه هنا خلال فترة مضت.
بدأت الحلقة حين أكد مقدم الحلقة نيشان والذي بدأ سعيدا ومتحدثا كثيرا بأن العرب اتحدوا على صوت فنان العرب وبايعوه اسما ولقباً حيث أطل أبو نورة وقدم أغنيتي (اختلفنا وسمي) وبعدها بدأ الحوار حول محبة الجميع له سواء من الملوك والأمراء وحتى البسطاء، قال فنان العرب: (المحبة والتوفيق من الله، فقد كانت لدي أحلام وأنا طفل صغير بأن أصبح شخصاً مهماً، لكني لم أكن أحلم بأن أكون فنانا مشهورا).
وأشار محمد عبده إلى أنه يحب أن تقوم أسرته بتدليله، قائلاً: (أحب أن يدللني الجميع في الأسرة، فقد كنت مفتقدا لهذا الدلال بسبب أجواء الفقر واليتم، لكن الآن الحمد لله أصبح هناك دلال من أبنائي وبناتي السبع، وعن أسراره أوضح أنه لا يبوح بأسراره إلا إلى الله سبحانه وتعالى وحده، قائلاً: (الأفضل أن يحتفظ الشخص بسره، ويكون صدره أوسع وآمن لسره)، مضيفا أنه قد يمر ببعض المشكلات المتفاوتة ولا يطلع أحد عليها سوى بناته اللاتي يعرفن بمفردهن عبر قسمات وجهه أنه يمر بإحدى المشكلات.
وأشار إلى أنه يعتبر والدته هي عرابه الحقيقي، لأنها كانت له الأم والأب والعم والخال، لافتا إلى أنها كانت تدعو له بأن يحبب فيه المتقين، وأنها قامت على تربيته الثقافية والاجتماعية حتى أصبح رجلاً مشهورا.
وكشف فنان العرب أن والدته رفضت دخوله مجال الغناء إلا أنه أقنعها بأن الفن فيه جوانب ضيقة وسيدخل للفن من هذا الجانب.
وعن علاقته بالأسرة السعودية الحاكمة قال أبو نورة: لولا حكومتي لما وصلت إلى ما أن فيه الآن، وأضاف: لدينا حكومة قليل منها في العالم وجميع مواطني السعودية يشعرون بهذا الشيء.
وعندما سئل فنان العرب من الأحق بخيره أجاب مباشرة جمهوري وأما بخصوص وضعه المادي قال فنان العرب (عائلتنا تنتقل من فقر إلى غنى. وأنا لا أملك مالا نقديا، ولكن عندي شركات، يعمل بها أكثر من ألف موظف وعامل).
وجدد عبده تأكيداته السابقة حين أكد أن الفن رسالة وأشار إلى أن الفن اليوم أصبح تجارة وأرجع السبب إلى البطالة في الوطن العربي وأضاف أنه من السهل أن يكون الشخص مغنياً بسبب كثرة الطلب وبالذات من قبل البرامج الغنائية في الفضائيات العربية.
وكشف فنان العرب عن رفض لجنة الإجازة في وزارة الإعلام لاسمه في بداية حياته الفنية، بحجة أنه قد يحدث خلطٌ بينه وبين عالم الدين المصري الإمام محمد عبده إلا أن تدخل عباس غزاوي وبالذات بعد أن بكيت أرجع لي الأمل وسجلت اسمي.
وأعلن فنان العرب أن عرابه الفني الحقيقي هو الشاعر إبراهيم خفاجي وحدد بعده ثلاثة أسماء كان لهم الفضل في تنمية موهبتي الفنية وهم الملحن عمر كدرس والشاعر طاهر زمخشري والملحن طارق عبدالحكيم.
ووضع محمد عبده لصوته ثماني درجات من عشرة وكذلك لأدائه فيما رفض أن يعطي نسبة لإحساسه حيث قال إن الإحساس يختلف من حفلة إلى أخرى. وحين سأله نيشان هل يفكر بالاعتزال أجاب أبو نوره سريعا أن الفنان لا يعتزل ولا يوجد فنان معتزل واستشهد بالفنان وديع الصافي حاليا وأضاف: أملك الكثير من الأعمال والتراث والتي سيذكرني معها جمهوري وبأن الفن فيه طموح وقمة وفيه استمرارية.
بعد ذلك جاء الحديث عن الفنان الراحل طلال مداح وأكد أن مداح قد حقق معجزة تمناها فريد الأطرش وعبدالحليم حافظ والموجي والذين تمنوا أن يتوفوا وهم يؤدون الفن وصوروها في أفلامهم ولكن مداح أنهى حياته وهو على خشبة المسرح.
وعن المنافسة بينه وبين طلال مداح قال فنان العرب إنه بعد انسحاب طارق عبدالحكيم من الساحة بقيت وأنا وطلال في الساحة الغنائية السعودية وقد اشتدت المنافسة بيننا في السبعينيات ومنتصف الثمانينيات وكان تنافساً فنياً جميلاً وصار الجمهور بعد ذلك يسمع لي ولطلال، وقال عبده إن ما ميزه عن طلال بأن مداح كان في أدائه وألحانه كلاسيكياً نمطياً بينما كنت كلاسيكياً متطوراً، وأضاف أنه لا يوجد عند طلال تطور موسيقي وبغض النظر عن الصوت واللحن والعزف والهوية في الأغنية.
وأشار عبده إلى أنه اجتمع مع الأمير خالد الفيصل والأمير بدر بن عبدالمحسن حيث اعتمدنا في العمل على أن نجعل للأغنية السعودية هوية وهذا ما تم حتى وصلنا إلى أغنية وصفها فنان العرب بالأغنية المثقفة، وأرجع السبب في ذلك إلى أن المملكة أشبه ما تكون بالقارة فيها الكثير من الموروثات والعادات واستطعنا أن نجعل هناك قالباً فنياً واحداً للفن السعودي.
وعاد الحديث عن الراحل طلا مداح وأشار فيها أبو نوره أن طلال كان بالنسبة له صديق عمري وكان له أعمال ناجحة وهذا ما سبب لي غيرة فنية ولقد تنافسنا في العمل الفني حتى استطعنا أن نقدم شيء بسيط لهذا الوطن، ثم قدم محمد عبده أغنية من أغاني طلال مداح وهي أغنية (يا موقد النار) وهي من أعمال مداح القديمة جداً.
بعد ذلك جاء الحديث عن ما جاء على لسان الدكتور والناقد عبدالله الغذامي بخصوص رأيه في محمد عبده وأن محمد ليس سوى منشد وأن أغنية (أنشودة المطر) كانت مخجلة على لسانه حيث أجاب قائلاً: شيء جميل أن أكون منشد لأن الإنشاد صعب، وأبدى فنان العرب رأيه في الحداثيين وأكد أنه لا يحب الحداثيين وأن طريقة الغذامي في الحداثة لا تعجبه.
ثم تحول الحديث عن الفنانين السعوديين وقال محمد عبده إن أي هاوٍ للفن والغناء يعتبر لي منافساً وأكد في حديثه أنه يحترم الفنان خالد عبدالرحمن لشخصه وأشار إلى أن خالد فنان ممتاز في لون معين لكنه فنان محدود في هذا الجانب ولا أحد يستطيع أن يجاريه لأن خالد مبدع فيه.
وعن راشد الماجد وعبدالمجيد عبدالله أكد أبو نورة أنهما كسبا الجولة بسبب انصهارهما في الخليج وتصاهرهم وحين يذكر عبدالمجيد أو الماجد فيذكروا على أنهم فنانان من الخليج وهذا شيء جميل لهم بعكسي مثلا حين يقال إنني فنان سعودي ولا شك أنني افتخر بهويتي السعودية كما هو الحال لعبادي الجوهر، وأشار فنان العرب أن رابح ملحن جميل وله تحديث في الألحان والتوزيع الموسيقي.
وحين سأله نيشان هل يستطيع هؤلاء الفنانون منافستك؟ رد قائلا.. من يريد المنافسة فليس له عذر والنجاح اليوم سهل وممكن.
وبشأن أغنيته (اختلفنا) وحديث البعض عن إهدائه هذه الأغنية لراشد الماجد في البداية، ثم قيامه هو بغنائها، قال محمد عبده: كنت أخطط لأن يغنيها راشد في ألبومه، ثم تباطأ هو، وكان لدي حفلات الإم بي سي في لندن فقمت بتقديمها.
وكشف محمد عبده عن أنه شاهد حلقة (العراب)، التي استضافت (جورج وسوف)، وقال: تربطني بجورج علاقات قديمة منذ أن كان يغني لي في السبعينيات، وكان جورج خفيف الظل في حلقة (العراب) وأضحكني كثيراً.
ودعا ل(وسوف) بطول العمر، وأن يشفيه الله، معتبراً أن صوته به إحساس عال ونبرة صوته جميلة.
وحول لقب (فنان العرب) وتصريحه بأن الفنان العراقي كاظم الساهر فنان لكل العرب، قال محمد عبده (الألقاب لا تصنع الفنان، بل الفنان هو الذي يصنع اللقب).
ونفى وجود خلاف بينه وبين كاظم، إلا أنه لفت إلى أن رفض كاظم الغناء في مهرجان الجنادرية واشتراطه أن يلحن ما يغنيه كان نقطة خلاف بينهما، وقال فنان العرب (احترمت موقفه، لكنها كانت فرصة عظيمة لكاظم أن يغني في الجنادرية، فهو مهرجان تحضره كبار الشخصيات في جميع أنحاء العالم، وكانت فرصة له أن يصنع قاعدة جماهيرية كبيرة في السعودية).
وحول رأيه في صوت كاظم وألحانه، قال (أحب كاظم، ولكن لو كان صوته أحلى بعض الشيء كنا سمعنا منه طربا أحسن)، مضيفا أن (الملحنين نوعان، الأول يبدع جملا غير مطروقة أو يطور هذه الجمل، والآخر يؤلف موسيقى، وأنا أرى أن ألحان كاظم فيها تأليف موسيقي أكثر من أفكار إبداعية).
وحين سأله نيشان بماذا يقصد حين قال في حوار صحفي مع (جريدة الجزيرة) أن كاظم أولى بالجنسية القطرية من الأفارقة أجاب أن مقصده واضح وهي أن كاظم يستاهل هذه الجنسية ليكون بعد ذلك فنان خليجي.
ثم استرسل نيشان في توجيه الأسئلة لفنان العرب ورأيه حول بعض الفنانين الخليجين والعرب وحين سأله عن أحلام قال إن أحلام وصلت للعرب أكثر من الفنانة الكويتية نوال وصوت أحلام خليجي أكثر ولاشك أن نوال متنوعة في أعمالها وهذا يحسب لها إلا أن مشكلة نوال في وضوح مخارج الحروف لديها.
وعن أصالة قال إنه يحب أصالة والتي تمتلك طبقات صوتية متنوعة، وعن نجوى كرم والدويتو المنتظر بينهما أجاب فنان العرب أن نجوى فضلت أن تكتب القصيدة بنفسها وهذا ما لم أفضله لأن القصيدة تحتاج إلى شاعر متخصص في كتابة القصائد التي يبنى عليها دويتو ورجع مؤكدا أن نجوى كرم تمتلك صوت خطير.
وامتدح أيضاً فضل شاكر حين قال إنه يملك إحساساً رائعاً وصوتاً دافئاً. وفي مصر قال فنان العرب أن ما تمتاز به مصر أن الأصوات النسائية أفضل من الأصوات الرجالية مثل أنغام.
فيما قال إن الفنانة فلة وجورج وسوف فيهما جنون فني.
وحول راغب قال إنه ظهر في بداياته بصوت شبابي جميل.
أما عن نانسي عجرم فقال أبو نورة إن نانسي فنانة رقيقة وجميلة وصوتها رقيق وأن تعاونها السعودي القادم يعتبر نقلة فنية لها.
وحين جاء الذكر على هيفاء وهبي قال عبده إن هناك نوعاً من الفن يشاهد فقط وأنها استعراضية أكثر من أنها فنانة وكذلك الحال للفنانة أليسا حين أشار فنان العرب أن عصر الكواكب انتهى ونحن الآن في عصر النجوم وكل نجم له عمر ضوئي محدد ثم ينتهي.
وكشف محمد عبده أسباب رفضه للغناء مع عبدالحليم حافظ وقال يريد حافظ أن نكون على هامش حفلاته وهذا ما أرفضه تماما.
وأكد عبده اعتزازه بدور مصر الريادي في تعليم العرب الفن والطب والهندسة، ولكنه عبر عن اعتزازه بلهجته وإصراره على الوصول لكل العرب من بوابة الغناء باللهجة الخليجية وأشار إلى أنه حارب حتى تسمع الأغنية السعودية.
ورأى فنان العرب أن ناصر الصالح من أفضل الملحنين في السعودية وأننا جميعا في خدمة الفن السعودي وأن الخلاف الذي صار مؤخرا بينهما خلاف مهني فقط وأكد عبده أنه لا يعرف الشاعر منصور الشادي ولم يلتقِ به.
وعن أبو بكر سالم بلفقيه قال إنه أفضل من يلحن لنفسه وأن لطيفة ليس لها أي نشاط فني حاليا.
وحول ما تردد عن أن تعاقده مع (روتانا) كان مقابل 250 مليون ريال، وأنه قد وصله شيك على بياض، قال فنان العرب (بالفعل وصلني شيك على بياض، لكني لم أضع المبلغ بعد، غير أننا اتفقنا على مبلغ مناسب)، مشيرا إلى أن علاقته مع (روتانا) جيدة للغاية.
ثم جاء الذكر عن الفنانة فيروز وقال فيها أبو نورة إن فيروز سمعت العالم أجمع الأغنية العربية وأن الرحابنة صنعوا لها تاريخاً مهماً, وعن أخطائه أشار إلى أنها كثيرة ولكن أغلبها غير مقصود.
وفي الختام أكد أبو نورة أن الشيء الوحيد الذي لا يزال متندم عليه هي عدم أخذ صور مع العمالقة كعبدالوهاب وفريد والموجي وأم كلثوم.
وقبل أن يختتم (نيشان) حلقته مع الفنان الكبير محمد عبده، استضاف الإعلامي (تركي الدخيل)، الذي أشاد بفنان العرب وببصماته الواضحة في الغناء العربي، ثم اختتم عبده الحلقة بأداء أغنيته الشهيرة (الأماكن) وقبلها كان قد تمنى محمد عبده أن تشهد منطقة الخليج كوادر موسيقية مهمة ومتعددة، معتبرا أن الغناء مهنة فنية راقية تحتاج إلى كوادر لتنميتها والحفاظ على الهوية العربية.