Al Jazirah NewsPaper Saturday  17/05/2008 G Issue 13015
السبت 12 جمادى الأول 1429   العدد  13015
دفق قلم
العالَم على كفِّ إعلام
عبدالرحمن بن صالح العشماوي

أظنَّه تعديلاً صائباً للمثل المعروف (على كفِّ عفريت)، فالإعلام في عصرنا هذا هو العفريت، بل هو أبو العفاريت في سراديبه وقنواته تسكن مَرَدَةُ العفاريت التي تقتحم على الناس بيوتهم، وجيوبهم، وعقولهم وقلوبهم، فتصيبهم بالحيرة، والاضطراب، وتدفعهم إلى التحوُّلات العجيبة من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار.

العالم كلُّه في هذا العصر على كفِّ (العفريت الإعلامي المتمرد) يتلاعب به كما شاء، وكيف شاء، والمتابعون يميلون مع زوابعه التي يثيرها حيث تميل، يستوعبون ما يعرض عليهم الإعلام، ديناً، وثقافة، وفكراً، وسياسة، وسلوكاً وأخلاقاً، ويحدث التأثير الواضح في حياتهم وهم لا يشعرون، ويبدأ التغيير في سلوك الناس وتعاملهم، وهم لا يشعرون، ويتجادلون في مجالسهم حول ما يعرضه عليهم الإعلام، فيرِّوجون لما يبثُّ من الأفكار وهم لا يشعرون، ويُلقون بفلذات أكبادهم (الأطفال) بين يدي العفريت الإعلامي وهم لا يشعرون، وتسري آثار المواد الإعلامية السيئة إلى عقول وقلوب أطفالهم وهم لا يشعرون.

العالم اليوم على كفِّ إعلام، والإعلام يتلاعب بالناس تلاعب الخبير الذي يعرف ماذا يريد، تارة يرفعهم إلى شرفات السحاب، وتارة أخرى يضرب بهم الأرض، ويملأ وجوههم بالتراب، والناس يتابعون هذا المارد الإعلامي بشغف، مأخوذين بأضوائه وبريقه، وتدليسه وتلفيقه، يستمعون إلى ما يعرض عليهم من الأخبار حتى إذا سيطرت على عقولهم عجائب الأخبار وغرائبها، أصفوا ما وراء الأخبار من التأويلات والتفسيرات والآراء والمتناقضات، وبدأ الدُّوار يتلاعب برؤوسهم، وبدأت الأسئلة تقلقهم يا تُرى هل ما قال المحلل السياسي هو الصحيح، أم ما قاله الآخر الذي يخالفه في الرأي مخالفةً صارخةً؛ يا تُرى هل فتوى الشيخ في فضائية كذا هي الأرجح، أم فتوى الشيخ في فضائية كذا هي الأرجح، ومن خبر إلى خبر، إلى برنامج ديني، إلى برنامج ثقافي، إلى برامج جماهيرية، إلى أفلام مشحونة بالأوهام، إلى أغنيات ماجنات، إلى مسابقات مختلفة تسرق العقول بإخراجها الصاخب، وأضوائها اللاَّمعة، وصدور مقدِّماتها المكشوفة، وابتساماتهن الكاذبة، وعقولهن المخطوفة، عالم متناقض خطير، مليء بمردة العفاريت الإعلامية التي تغزو بيوت الناس صباحاً ومساءً بلا انقطاع، وبلا هدوء ولا نوم، وهكذا شأن العفاريت لا تهدأ ولا تنام.

أيها الأحبة: اللعبة الإعلامية العالمية خطيرةً جداً، إننا نواجه مارداً إعلامياً له خُططه، وأهدافه، ووسائله التي يخدِّرنا بها، وبها يضلِّلنا، وهو مارد عنيف يتعامل مع الكبار، والصغار، ويعرف من أين تؤكل القيم والمبادئ والأخلاق فماذا نحن فاعلون؟.

إشارة:

وجهُ إعلامنا غريبٌ علينا

ولدينا البيانُ والتحقيقُ



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5886 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد