من الطبيعي أن تتأثر البيئة بما يحصل في واقع المحيط الاجتماعي الذي تعيش فيه... ومن المتوقع مع زيادة أعباء الحياة وتعقُّد الحياة المعيشية أن تنشأ ضغوط متعددة مع توتر العلاقات البينية للمجتمع في المحيط الأسري بشكل أخص.. ولا يعني هذا بشكل من الأشكال تبرير قضايا العنف والإساءات السلوكية للمجتمع أو الأسرة.. لكن أهل الاختصاص يعملون على تحليل وتشخيص الواقع للوصول إلى مسببات كل ذلك.. وبالتالي الإرشاد إلى الوصفة العلاجية لتفادي الأعراض المصاحبة لهذه الأمراض الاجتماعية.
وإذا كان البعض يعد ظاهرة العنف الأسري جاءت نتيجة للحياة المعاصرة ففي تقديري أن مسألة العنف أشرها وجدت منذ أن تجرأ أحد ابني آدم على قتل أخيه {فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ}.
نعم ربما يزيد معدلها في زمان أو مكان نظراً للظروف التي تصاحب ذلك.. ولعلي هنا أختصر بإيجاز ما ذكره بعض المختصين حيال هذه الظاهرة بالقول: إن مجمل الدراسات تؤكد أن الزوجة هي في الغالب الضحية الأولى لظاهرة العنف الأسري.. ثم يأتي الأبناء.. ثم البنات كضحايا للعنف من قِبل الأب أو زوجة الأب أو الأخ الأكبر أو بعض الأقرباء.
في مجمل الدراسات يؤكد الباحثون بأن تناول المسكرات والمخدرات يأتي في المرتبة الأولى كمسبب للعنف الأسري.. على أنني أزعم بأن الخلل التربوي هو الجزء الرئيس المسبب لكل ظاهرة عنف أياً كان الضحية فيها.. ويعرض الباحثون أسباباً للعنف الأسري منها:
1- دوافع ذاتية وهي التي تتصل بتركيبة الإنسان النفسية والمزاجية التي عادة ما تنعكس على تصرفاته السلبية داخل محيط حياته الأسرية.. وهذه المعضلة لها معالجتها في المصحات النفسية.
2- البيئة الاجتماعية.. والتي من خلال مظاهر التفكك والصراع وقلق الحياة يتطبع الإنسان بهذا الواقع فيفرغ شحناتها على من يتربون تحت يده.
3- الظروف الاقتصادية: وهنا يعيش رب الأسرة حالة من الضغط الشديد حيث متطلبات الحياة الكثيرة وسؤال الزوجة والأولاد عن توفير ما يريدون في الوقت الذي لا يجد فيه ما يلبي حاجتهم على اختلاف ضرورتها (الفصام) وتبرز ظاهرة العنف كأداة لتفريغ شحنة الغضب لدى الأب.
*عميد خدمة المجتمع بجامعة القصيم