Al Jazirah NewsPaper Friday  16/05/2008 G Issue 13014
الجمعة 11 جمادى الأول 1429   العدد  13014

شاعر الأسبوع
حنيف بن سعيدان: يا ناس قلبي حاير وين ابغديه؟

 

الشاعر الشهير حنيف بن ضيف الله بن سعيدان السعدوني المطيري.. عاش في الثلث الأخير من القرن الثالث عشر الهجري حتى ما بعد منتصف القرن الرابع عشر تقريباً. وقد كان لمديد عمره أثر في شحن تجربته الشعرية بأهم أحداث تلك المرحلة الزمنية في تاريخ الجزيرة العربية حيث عاصر ما قبل توحيد المملكة وإلى ما بعده حينما توحدت على يد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - طيب الله ثراه -. اشتهر هذا الشاعر في عصره وسارت بقصائده الركبان، وتطرق إلى الكثير من أغراض الشعر؛ ففي شعر المديح.. بين في هذه الأبيات شجاعة مؤسس هذا الكيان الشامخ الملك عبدالعزيز في قصيدة طويلة أذكر منها قوله:

حر طلع للوح من مطلع الشمس

يقدا جموع ما عرفنا حصاها

جر الجموع وكل جنس على جنس

وعينت قوم حسين في ملتقاها

ولم ولام الحرب فوق النضى الكنس

وخيل على البيدا تسالس حذاها

حر يزوم ويطفق خاطره عمس

دار به الداء لين داوى دواها

بمهدفات حدّها ما يبي لمس

يجلى عن الكبد العليله وباها

ومصقل له مقضب يزحم الخمس

لين الديون المرمسات اقتضاها

وكذلك يقول ممتدحاً الملك خالد بن عبدالعزيز - رحمه الله -:

خالد عريب الجد دامت لياليه

ملفى مراكيب طولا خطاها

احمدك ياللي للمخاليق هاديه

واليا اصطفق نار يحرق سناها

ولد الرفيع ومنسبه تاعب فيه

يجي على العادات والا وراها

والفعل مثل النور في وجه راعيه

خزن الرجال اللي يطول لحاها

والحر الاشقر رابح من صقر فيه

والا التبوع مخيبة من غذاها

وفي وصف إحدى الرحلات يقول حنيف:

يا راكب اللي ينكرن الازاويل

يشدن صيدٍ زاع موحن حساسي

لا ضاق بالي قلت شيلوا على الحيل

حطوا عليهن شيلهن بالقياسي

يرعن من عشب المثامن الى الميل

واليا اشملن يرعن عشب التياسي

وان سندن يرعن عشب الغراميل

يقطف زهر نوار بأرض مساسي

أما في الغزل فيقول الشاعر:

خلي نطحني فوق الاوضح يصاغيه

واول عذابي قال وين انت غادي؟

ابو جديلٍ فوق الامتان حاويه

قدم اربعه وخلاف ماله عدادي

يا ناس قلبي حاير وين ابغديه؟

اما افزعوا والا عطوه السدادي

وكذلك يقول في الغزل:

يا تل قلبي تلتين على تل

تل الرشا من فوق خطوا العسيفي

على محالا زل فوق اربع جل

وغروبهن اصماد ورشاه ليفي

سواقهن ما كل والليل ما مل

خلن غزير الجم يذرف ذريفي

على عشيرٍ بالهوى سلني سل

كما يسل القاع سيل الخريفي

راعي جديلٍ هلّ طولا على جلّ

ما يلبس الا كل بزٍ نظيفي

قصة لقائه مع الشاعر الوجداني الشهير عبدالله بن حمود بن سبيل كان أول لقاء بينهما في أحد الأسواق وكان كل منهما لم يسبق له رؤية الآخر من قبل، ولكن كانا يعرفان بعضهما لما ينقل لهما من أشعار. كان حنيف في السوق يتفحص كيساً مليئاً بالرز ويحركه بيده فرآه ابن سبيل وعرفه ثم اقترب منه وفاجأه مازحاً بهذا البيت:

يا حنيف خل العيش يقعد على العيش

يجيه كيالا بصاعه يكيله

فرد حنيف متسائلاً:

العيش هذا ويش وانته بعد ويش

انا اسألك بالله من اية قبيله؟

ثم بعد ذلك عرف بعضهما بعضاً وتسالما وبدأت بينهما علاقة طيبة.

ومن قصص هذا الشاعر الشهير.. كان حنيف من نقاد القهوة.. وفي إحدى رحلاته مر في طريقه على رجل أوقد ناره وعلى جالها وضع دلته فجذبته رائحة القهوة وانحرف إليه؛ فرحب به الرجل واستضافه وأخذ يصب له القهوة وينظر إليه نظرات فاحصة وعلامات الحيرة بادية على وجه هذا الرجل الجالس أمامه؛ فطالت حيرة المضيف، وأحس حنيف بذلك؛ فسأله الرجل: من أين وإلى أين؟ فأجابه حنيف بأنه يبحث عن (عشيقته)، فقال المضيف: من هي؟ فأجابه حنيف بالأبيات الآتية:

يا مل قلب بيد البيد بيده

بين الضلوع اللي عداها فداها

قالوا بعيده قلت ما هي بعيده

الرجل تمشي لين تاصل هواها

يا مل قلب لو لحت فيه عيده

لو لاح دلو لو لحت في رشاها

لو لاح دلو بالبحوص الجويده

في عيهل ما يلحق الشوف ماها

فضحك المضيف وعرف أن عشيقته التي يبحث عنها ما هي إلا القهوة التي للتو ارتشفاها فنجالاً فنجالاً، وكذلك عرف أن ضيفه هو حنيف بن سعيدان.

ودليل أنه من أشهر نقاد (القهوة في عصره) هذه المساجلة التي جرت بينه وبين الشاعر ناصر بن عبدالكريم حينما استضافه وقال له:

خمسة عشر فنجال لحنيف صبيت

لو ان بطنه قربةٍ كد ملاها

فرد عليه حنيف بقوله:

لا تحسبني من دلالك تقهويت

ما تنقه الشراب من كثر ماها

وفاته: توفي حنيف في عام 1363هـ تقريباً، وذلك على أثر مرض بعد أن عاش قرابة مئة عام.. ودفن على موضع ماء يسمى (الوقباء) في الحدود الشمالية.. وقد رثاه الكثير من الشعراء، ونذكر من تلك المراثي:

رثائية قالها الشاعر عادي المذرع نذكر منها هذه الأبيات:

يا ليت قبر حنيف يم المشاليف

عليه طرش مطير يرعى الوسومي

يمره اللي حادر يمة السيف

واللي يبي المسناد مره لزومي

يا حنيف يوم انك تحب السواليف

هيف عليه كان تقدر تقومي

وكذلك رثاه ابنه الشاعر محارب بن حنيف بقصيدة طويلة أذكر منها:

رحنا وخلينا حصان الاطاليب

على قليب قاعد ما يروحي

يم الوطاة الي يدوج بها الذيب

على الغدير جمها ما يزوحي

ليته على الدربين بين المراقيب

اذن علوى يدهجونه سروحي

وإلى اللقاء مع شاعر آخر.. ولكم تحياتي..

زهران عون الله المطيري - بريدة

المصدر: ديوان للشاعر نفسه من إعداد حفيده حنيف بن خالد بن سعيدان.


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد