عندما تكون بداية النجومية من شباك فنلندا وبهاتريك في روسيا إبان تألق كرة الأخيرة، وتتواصل بهز شباك الأوروبي العريق بنفيكا، ولا تفّوت تجميل احتفالات الكويت بهدف أسطوري لن ينساه الهامبورج الألماني، ولا تلك البداية تترك فرصة اللعب أمام الفريق الذي أنجب مارادونا (بوكا جونيور) تمر بدون أن تزور مرماه فحتماً أن وراء ذلك عبقرياً كبيراً قادماً للساحة وسيترك عندما يرحل عنها تاريخاً لا يمكن حجبه بأي أداة أو وسيلة.
ماجد عبد الله هو وحده من بين لاعبي السعودية ماضياً وحاضراً من زار كل الشباك وفي كل المحافل لأنه هداف غير عادي، فهو يصنع من أعشار الفرص أهدافاً تغيّر مجريات النتائج، لذلك لا غرابة أن يعدد المتابعون أهدافه في جميع الفرق والمنتخبات، فتلك الأهداف موسوعة ثابتة لم يرفض ماجد تغييبها عن أي منتخب أو فريق سواء كان قوياً أو ضعيفاً، فماجد لا يقبل التفاهم أمام الشباك بغير لغة الأهداف.
عندما يسعى شخص للتقليل من مكانة هذا اللاعب فهو يحرج نفسه أمام الجماهير التي تعرف أن من هز شباك ماليزيا المتواضعة كروياً على سبيل المثال لم يرحم شباك البرازيل ملكة الكرة، ومن سجل في مرمى إندونيسيا أو غيرها هو نفسه من جندل الإنجليز على استاد الملك فهد الدولي ولم يتوقف زحفه إلا عندما عانق الشباك بهدف أسطوري.
ومن يقلل من طريقة تسجيل ماجد للأهداف عليه العودة لكشف مرمى الأرجنتين وسيجد أن راقصي التانغو لم يستطيعوا منع السهم في يوم من الأيام من هز شباكهم على مرأى ومسمع من العالم كله.
ولأن أهدافه ساحرة فقد تفنن في طريقة توجيهها حتى يسهّل المهمة على كاتبي التاريخ اختيار ما يناسب توجهاتهم ورصدهم، فمن يريد فن المغامرة يعود لنهائي كأس آسيا 1984م حيث سيجد ماجد عبد الله يتسلم الكرة من رفيق دربه محمد عبد الجواد ثم يسير واثق الخطى ليكسر سور الصين ويسجل هدف التأكيد بأن كأس آسيا 1984م هي أول لقب قاري في تاريخ الكرة السعودية وأن ماجد أحد أهم صانعيه.. ومن يعشق أهداف الرأس الذهبية فما عليه إلا إعادة شريط نهائي كأس الملك في عام 1987م ليشاهد قفزة ماجد المذهلة كيف تصل للكرة وتوجهها لمرمى المنافس الهلال بقيادة نجمه الكبير صالح النعيمة وتطبع أجمل هدف في تاريخ النهائيات السعودية.
ومن يحب تموجات البحر على مستطيل الملاعب ما عليه إلا العودة مرة أخرى لعام 1984م وسيجد كيف أجاد ماجد تنفيذ تلك الحركة بطاقم الدفاع النيوزيلندي (يمنة ويسرة) حتى وصل للهدف التاريخي.
في أهداف ماجد العجب والعجاب، ماجد لا يقبل هدفاً عادياً وإذا قبل به لحظات فهو يعوضه حتى يمسح من الذاكرة الأهداف التقليدية، ولأنه هداف عالي المقام فإنه يرفض الأهداف غير الشرعية وهو ما حدث بالفعل عندما أودع في أحد المواسم كرة في مرمى فريق أُحد واحتسبه الحكم هدفاً لكن ضمير ماجد الحي رفض الظلم على الفريق المديني فنبه الحكم أن الكرة اخترقت الشباك الخارجية فما كان من الأخير إلا الاستسلام لقمة الأخلاق وإلغاء ذلك الهدف.
عن أهداف ماجد نال السهم الملتهب الكثير من الثناء والكثير من الجوائز، ففي عام 1981م توجه الشيخ زايد بن سلطان بالحذاء الذهبي كهداف للعرب، وفي عام 1984م سجل ستة أهداف في التصفيات الأولمبية المؤهلة لأولمبياد لوس أنجلوس فكان هداف التصفيات قبل أن يكون في أمريكا أو لاعباً سعودياً يسجل هدفاً أولمبياً وفي مرمى البرازيل، وتوجته آسيا بلقب نجمها الأول ثلاثة أعوام متتالية بداية من عام الكرة السعودية الذهبي 1984م، وحقق ماجد لقب هداف الخليج للأندية مرتين، ولا أحد ينسى أهدافه في دورات الخليج الشرسة دفاعياً فهو المنافس والشريك في أكثر من لقب.. لكن الأهم أن الكرة الخليجية لن تنسى لهذا العبقري أنه أول لاعب يسجل خمسة أهداف في مباراة واحدة عندما زار مرمى قطر في خليجي 5 بكل الطرق التهديفية الماجدية، أما على الصعيد المحلي فرقمه كهداف للدوري لست مرات سيبقى كسره من الإعجاز الكروي.
... يتبع غداً