وسماع بعض الأمثال الخاطئة، فمن يتأخر عن الدوام يقولون له (دوام وزير) فكأنها صفة مدح للمتأخر، أو سماع ما يدور في المجالس خلال مناقشات منسوبي القطاع الحكومي: (لا تحرص الدعوى ضائعة)، (أتريد أن تصلح الكون)، (إذا كان المدير يتأخر لماذا أنا أبكر)، (مديرنا حبيب وطيب لا يقول شيئاً عن التأخر)، (أساس الترقية الواسطة، وليس إتقان العمل)، (رؤية بعض المديرين: أهم شيء لديه الإنجاز أما الالتزام بالوقت فلا يهم)، (المدير يكتب علينا ورقة خصم، ولا يرفعها ويحفظها في الدرج)، (المدير لا يرصد مدة التأخر، أو مدة الخروج قبل نهاية الدوام)، (لم يتم تطبيق نظام البصمة في الحضور والانصراف لاعتراض المدير مخافة أن تلزمه البصمة بالدوام)، (بعض الموظفين يحضر دون إنتاج).
وما سبق لا يمثل غالبية المجتمع، ولكنها نماذج ملاحظة في المجتمع، ويجب القضاء عليها قبل أن تصبح عامة، فمعظم النار من مستصغر الشرر، والمطر الغزير، بدايته (قطرة).
لذلك يحدونا الأمل بإعادة ثقافة حب العمل وإتقانه للجميع، حتى تصبح قناعة راسخة في أجيالنا الصاعدة، الذين يمثلون مستقبل الوطن، وذلك عن طريق جميع مؤسسات المجتمع، فالمنزل مسؤول ببث الثقافة عن طريق القدوة قولاً وعملاً، من خلال حث الوالدين ابنهما على حسن أداء أي عمل يؤديه سواء كان واجباً مدرسياً، أو عملاً أمراه به، مع إعطائه الثقة الكاملة، إضافة إلى التطبيق الفعلي من الوالدين في أدائه لعملها. والمسجد له دور من خلال التزام المؤذن والإمام بالوقت والحضور وعدم التخلف، وتناول ما يخص إتقان العمل من خلال خطبة الجمعة، وما يلقى من دروس ومحاضرات وكلمات. ودور المدرسة كبير من خلال التزام منسوبيها بالمحافظة على الدوام، وحسن الأداء، ومحاسبة المقصر، وتضمين تلك الثقافة في مقرراتها الدراسية.
والمؤسسات الإعلامية المختلفة تؤدي واجبها في التوعية الإرشادية للمجتمع، واستقطاب كل من يستطيع إضافة ولو بسيطة في مجال ثقافة العمل. والدوائر الحكومية الأخرى تضع الخطط الملائمة لضبط حضور الموظفين وانصرافهم، والقضاء على التسيب خلال وقت الدوام، مع قياس الإنتاجية لمعرفة مدى تحقيق الأهداف، مع توصيف مفصل للوظيفة، وللجهات الرقابية دور في الإرشاد والتوعية والمتابعة وتطبيق الجزاءات على المقصرين، ولا يمنع الاستفادة من نظام الشركات والمؤسسات الخاصة، والتي يلتزم بها الموظفين التزاماً كاملاً، من دقة في الحضور والانصراف، والإنتاجية المثمرة، وأن يكون المدير قدوة لموظفيه، مع ملاحظة مهمة هي: أن العمل الحكومي ليس ضماناً اجتماعياً، إنما هو (الأجر مقابل العمل)، وذلك لأن بعض المديرين يتوهم أنه عند محاسبة المقصر، يكون قد أضر به وعائلته، والصحيح أن المدير أدى الأمانة الموكل بها، وأعطى الموظف ما يستحقه.
ختاماً.. يجب أن نعلم أن التغيير إلى الأفضل في مجال العمل، ليس صعباً، فديننا الإسلامي يوجب علينا أداء الأمانة على الوجه الصحيح، والوفاء بالعقود، ومنها العقد المبرم بين المنشأة والموظف، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ}.
aljndl@hotmail.com