كمتتبع لنشاطات أرباب الإرهاب والفكر الضال هنا في المملكة بدا لي شيء في قمة الغرابة، وهي تركيز هؤلاء الإرهابيين على فكرة الحور العين في الجنة بشكل خيالي وبشكل كبير جداً وصل إلى حد الهوس.
مثلاً عند مطالعة عدد من أدبيات الإرهاب نجد أن عدداً من هؤلاء الشباب سجل لنفسه شريطاً قبل القيام بعملية إرهابية وهو يقول (ما بينك وبين الحور العين إلا ضغطة زر)
.. وآخر يقول (الحور العين الآن في انتظارك)، وثالث يقول (تجد الحور العين الآن في استعداد لاستقبالك)، وهكذا حتى أنه شاع قبل قيام إرهابي بعمل تفجير فإنه تُعمل له زفة الشهيد ويقوم أصدقاؤه من أرباب الإرهاب والفكر الضال بالتجمع في مكان سري وينشدون له نشيداً هستيرياً يقول إن هذا الشخص الواقف معهم سيُزف قريباً للحور العين. وأكد شهود عيان عن أحد الإرهابيين الانتحاريين العرب الذي فجر نفسه في أحد مواقع الانتخابات العراقية، حيث سمعه بعض الشهود ممن بقوا على قيد الحياة وهو يقول (أيتها الحور العين أقبلن أقبلن)، ثم فجر نفسه وقتل وجرح العشرات من الأبرياء. ومع اعترافي بعدم علمي في بعض أمور ثقافتنا الإسلامية الرائعة، لم أجد حالة واحدة من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم من ركز على هذه النقطة بالذات، وقد كانوا رضي الله عنهم في حالة جهاد مستمر، فكانوا يطلبون الجنة ويتمنون ريحها، كما ذكر عبدالله بن رواحه رضي الله عنه قبل أن يستشهد في مؤتة، وورد عن عدد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تذكر الجنة قبل لقاء العدو، ولكن لم أعرف حادثة واحدة مطلقاً تركز فقط على الحور العين. فما هو الذي دفع عدداً من أرباب الإرهاب والفكر الضال إلى التركيز على الحور العين دون غيرها من مسائل الجنة والدار الآخرة وما أعده الله تعالى لعباده. وهنا لا بد من الدخول قليلاً لتحليل شخصية الإرهابي ودراسة العوامل التي دفعته لهذه الخاتمة.
أولاً: هؤلاء الإرهابيون صغار سن وأغلبهم مراهق، حيث إن كبار السن منهم لا يقدم مطلقاً على الانتحار، ولا أعرف حالة واحدة أن أقدم إرهابي كبير في السن على قتل نفسه أو الانتحار باسم الشهادة، ولكن هذا الإرهابي الخائن والخبيث يدفع صغار السن لهذه النهاية المأساوية.
ولما سئل أحد كبار الإرهابيين: لماذا لا يقدم هو على القيام بعملية انتحارية؟ قال وبالحرف الواحد (إذا أنا مت من يجهز الشباب). أرباب الإرهاب والفكر الضال من المخططين الإرهابيين والمفكرين الإرهابيين والممولين الإرهابيين، أقولها بكل صدق.. هم جبناء ولا يواجهون المشكلات وإنما يدفعون صغار السن والمراهقين للمحرقة. وقد يكون بسبب أن هذا الشاب المراهق، قليل التعليم، يحلم ببيت زوجية ويرى هذا الحلم بعيد المنال. فهنا وللأسف دخل أرباب الإرهاب من هذا الباب فزينوا لهذا الشاب النهاية المأساوية والدموية له أنها لا تعدو كونها ذهاب لفسحة مع إحدى الحور العين. وللأسف استغل أرباب الإرهاب والفكر الضال كعادتهم في استغلال كل ثغرة في تفكير الشاب المراهق، استغلوا رغبة هذا الشاب الجنسية فعبؤوه للآخر في هوس جنسي مجنون يدفعه دفعاً للانتحار وبأسرع وقت بحثاً عن هذه اللذة الذي وعده إياها أرباب الإرهاب. وللأسف لو كان ما يقوله أرباب الإرهاب والمخططون الإرهابيون لهذا الشاب المراهق حق لكانوا هم الأول والأسرع للذهاب واستغلال هذه المتعة، ولكن هي فقط نزوة وهوس جنسي استغله وابتزه أرباب الإرهاب لإيهام هذا الشاب المراهق ليجعل من نفسه كبش فداء رخيص لأهدافهم القذرة والخبيثة ولخيانتهم العظمى لأمتهم ووطنهم ومجتمعهم.
هل يصدق عاقل أني قرأت أن أحد الشباب من أهل الفكر الضال وهو ذاهب لينحر نفسه ويبيعها رخيصة للشيطان ولرغبات ونزوات وخطط أرباب الإرهاب الفاسدة والخبيثة والمدمرة وبعد أن قام بتشريك نفسه وتجهز للانتحار قام بلف عضوه التناسلي بقطعة من الفولاذ لحمايته من التمزق الذي سوف يمزق جسده كله ويحوله إلى أشلاء ممزقة، عمل هذا للحفاظ عليه للحور العين كما ورد في عدد من الكتابات. وهذا الشاب المراهق ثبت في عدد من الدراسات بعضها محلي أن عدداً من الإرهابيين الشباب هم من ذوي سوابق جنائية في غالبها مخدرات وجرائم أخلاقية وشذوذ جنسي ولذلك تستهويهم فكرة الحور العين لأنها تعني لهذا الشاب المراهق تاريخه الأسود في عالم الشذوذ الجنسي ولكن بطريقة نرجسية بطولية صدرها له أرباب الإرهاب على أنها نصر للأمة واستشهاد في سبيل الله. وهنا يركز أرباب الإرهاب على الغريزة الجنسية لما لها من مفعول سحري على هؤلاء الشباب وأيضاً ثبت من تحليل أشلاء عدد من الإرهابيين الذين فجروا أنفسهم وانتحروا في عدد من البلدان العربية، أنه وبعد تحليل الأشلاء ثبت احتواء هذه الأشلاء على كميات كبيرة جداً وعالية من المخدرات خصوصاً الهروين والكوكايين. إذاً هنا دمج وزواج أرباب الإرهاب لهذا الشاب الإرهابي لدفعه للموت بهذه الطريقة المؤلمة والمؤذية التي فيها انتهاك لحرمته وإنسانيته بين الجنس والمخدرات لدفع الشاب وإقناعه بالحور العين كنهاية لتفجير نفسه لخدمة أرباب الإرهاب والفكر الضال. وفكر إيذاء النفس وجرحها وإيلامها هو فكر قديم بدأ في الغالب مع رهبان البوذية حيث كان الرهبان يؤمنون أن إيذاء النفس وإيلامها يمكنهم من الصعود إلى ملكوت السموات، والفكر نفسه وجد لدى بعض أرباب الطرق الصوفية كوسيلة للارتقاء والصفاء والوجدانية المطلقة. ومع فساد عقائد هاتين الفرقتين إلا أنها أفضل تعاملاً مع النفس الإنسانية من ناحية الإيلام والأذية من أرباب الإرهاب الذين ينحرون أنفسهم بطريقة بشعة مؤلمة ومؤذية.
هنا عبأ أرباب الإرهاب عقول هؤلاء الشباب المحبط والفاشل دراسياً والمعبأ بفكر وعقلية الكراهية والحقد والتكفير، الذي تتسم شخصيته بالانطوائية والابتعاد عن الحياة الاجتماعية والصمت والخجل من الماضي الجنائي المأساوي والوصمات المنحرفة والنفسية الضعيفة والجاهزة للتأثر والإحياء. ويستغل أرباب الإرهاب هذه الشخصية المنحرفة فعلياً لتعبأ وتملأ وتسخر للقتل والتفجير والموت بواسطة نرجسية هائلة بأهمية الجهاد ضد الكفار وإخراج المشركين من جزيرة العرب ومكانة الاستشهاد ووجوب الطاعة العمياء والتقيد حرفياً بما يمليه آمر الخلية حيث يعطيه جرعات كبيرة ومركزة في عقيدة وثقافة اللامبالاة بآلام الناس واسترخاص دمائهم واحتقار حياتهم ومصادرة مستقبلهم على مذابح أوهام ساذجة ترى أن النحر والانتحار غاية في حد ذاتها وهواية محببة للنفوس الظامئة إلى السلطة والدم في استهتار مقيت بالقيم الدينية والدنيوية.
وهذا الإرهابي بهذا الفكر الذي عبأه به أرباب الإرهاب يؤمن أنه يبتعد عن حياة اللهو والفسوق والفجور والكفر وكل ما يمت للحضارة الحديثة. ويعتقد هذا الإرهابي كذلك أن سعيه لتدمير العالم والتفجير والتدمير والقتل والانتحار إنما هو لاستئصال جذور الشر من هذا العالم. بينما الحقيقة الواضحة وضوح الشمس في كبد السماء أن هذا الإرهابي الشاب وأربابه أرباب الإرهاب والفكر الضال هم من ينشر الضلال والفساد والدماء والأشلاء في هذا العالم بأسماء وصفات تتغير بتغير الظروف وتغير المصالح وتغير الإستراتيجيات وتغير القوى العالمية.
هذا الشاب الإرهابي الفاشل في كل مناحي الحياة تقريباً يجب علينا جميعاً كمجتمع أن نعيد لمن بقي منهم ولمن يخاف عليه دخول هذا المستنقع القذر الخبيث في عالم الإرهاب والفكر الضال ولباقي شبابنا عدة أمور لتحميهم من هذا الوباء العضال والسم الزعاف، لعل منها تسهيل أمور الزواج حيث إن الشاب والشابة إذا ارتبطا شرعياً صعب عليه الهروب للخيال ومجاراة أرباب الإرهاب.. وأهم من ذلك بكثير يجب إيجاد خطط فعلية تنفيذية عاجلة لإيجاد آلاف من فرص العمل لهؤلاء الشباب، فيجب أن لا يوجد شاب سعودي واحد بلا عمل مع وجود أكثر من سبعة ملايين أجنبي يعملون في بلادنا حتى لو تطلب الأمر حلولاً مؤلمة ومكلفة كالاستغناء عن عدة آلاف من الأجانب لإحلال السعوديين محلهم. كذلك يجب نشر فكر وروح وثقافة المرح والفرح والسرور والسعادة والابتعاد عن فكر الحزن والكآبة بطرق مؤسساتية منظمة بعيدة عن العشوائية لطرد الفكر الإرهابي.
إذاً نستنتج من هذا أن أرباب الإرهاب والفكر الضال قاموا وللأسف بعمل مخزٍ وكعادتهم دائماً بتحويل وتحوير أمر هو ذروة سنام الإسلام إلى هوس جنسي لا يبتعد عن فكر أخوهم في الضلالة عالم التحليل النفسي اليهودي سيقمند فرويد الذي أرجع كل أفعال الإنسان ونواياه وحياته جمعها جميعاً في غرائز جنسية كمحركة لهذا الإنسان. وهذا بالضبط ما يقوم به أرباب الإرهاب والفكر الضال من دفع الشاب المراهق للموت والانتحار ولتدمير وطنه ومجتمعه وممتلكاته مدفوعاً بواسطة هوس جنسي غرائزي مثير للتقزز. ولكن وللأسف وكالعادة أرباب الإرهاب دائماً يبحثون عن أي طريق لاستغلال إنسانية هذا الشاب المراهق حتى ولو ذهبوا لمواطن وسخة وقذرة. وهذه حالهم دائماً في أن الغاية تبرر الوسيلة مهما كانت حتى ولو كانت هوساً وجنوناً جنسياً وذلك بتحويل هذا الشاب لأن يضرب ويدمر ويفجر عشوائياً في أمن وطنه ويطارد ويقتل الأبرياء ويفجر الفزع في النفوس ويروع الأطفال ويحرم الأسر والمجتمع كافة من واحدة من أهم وأكبر نعم الله على هذا الوطن الكريم ألا وهي نعمة الأمن والاستقرار والرفاه.هذا الفكر الإرهابي الخبيث كبل العقل وسجن التسامح واعتقل المحبة وطارد الخير وحاول طمس صورة سماحة الإسلام الحنيف الرائعة وربطه بالإرهاب، وصنع قبوراً بدلاً من حدائق، وموتاً بدلاً من الحياة، وهوساً جنسياً ثجاً وهابطاً وقذراً مختلطاً بمفاهيم هابطة وخبيثة تدعو للإرهاب والفكر الضال وتدمير الوطن وقتل المواطن وهدم المجتمع ووأد التنمية الشاملة التي نعيشها جميعاً تحت سماء وطننا الحبيب وطن الإسلام والإيمان ومهبط الوحي ومنبع الرسالة تحت قيادتنا الراشدة لهذا الوطن. ولله الأمر من قبل ومن بعد.
أستاذ علم الإجرام ومكافحة الجريمة المشارك -جامعة القصيم