«الجزيرة» - عبدالعزيز السحيمي
حذر خبير في أسواق البناء من مستقبل مظلم لصناعة الصلب في المملكة حيث إن الطاقات الإنتاجية الحالية والمستقبلية المعلنة لن تغطي حاجة المملكة.
وأوضح المهندس منصور الشثري أن أسواق الحديد تعيش في الفترة الحالية فوضى عارمة نتيجة عدم توفر الحديد رغم ارتفاع أسعاره المستمر وبقفزات سعرية كبيرة وكميات معروضة قليلة مما صنع سوقا سوداء رائجة خاصة للمشاريع التي تخشى خطر التوقف لعدم وجود حديد التسليح.
وقد قامت سابك بزيادة أسعارها مرتين خلال شهر إبريل الماضي بنسبة زيادة تصل إلى أكثر من 35% وبرغم الزيادة إلا أنها لم تقم بتزويد موزعيها بحصصهم المتفق عليها وما تم توريده لهم لا يتجاوز 30% من الكميات المطلوبة والمتفق على توريدها شهريا بالإضافة لانعدام توريد بعض الأقطار المطلوبة مما جعل سوق الحديد يغلي وأصبح مجالاً خصباً للشائعات مما جعل بعض التجار يساهمون في تعطيش السوق بعدم عرض المتوفر في مستودعاتهم وتخزينه لحين ارتفاع سعره أو تصديره في ظل الارتفاعات المتصاعدة للأسعار في الأسواق العالمية.
وأضاف أن صناعة الصلب تمر بمراحل إنتاجية ثلاث الأولى مصنع الاختزال المباشر ويتم فيه تحويل خام الحديد باختزال أكاسيد الحديد الموجودة فيه إلى حديد إسفنجي نقي، يليه مصنع الصلب، الذي يتم فيه تحويل خليط الحديد الأسفنجي (70%) والحديد الخردة (30%) إلى كتل صلب بواسطة أفران القوس الكهربائي، وأخيرا مصنع الدرفلة وهي تختلف حسب نوع المنتج النهائي ويتم فيها تمرير كتل الصلب عبر مجموعة من الدرافيل التي تقوم بتحويل شكله من مقطع مربع (13 سم) إلى مقطع دائري بأحجام مختلفة لينج منها حديد التسليح.
ومن خلال ذلك يتضح أن صناعة الصلب من أكثر الصناعات استهلاكاً للطاقة . وتعد شركة حديد سابك هي المجمع الصناعي الوحيد المتكامل في المملكة الذي يحتوي على المراحل الصناعية الثلاثة (مصنع الاختزال المباشر, ومصنع الصلب, ومصنع الدرفلة) بينما المصنعان الآخران في المملكة المنافسان لسابك يشتملان على مصنعي درفلة يستوردان كتل الصلب من الخارج لدرفلته لديهما ويخططان في المستقبل القريب لإضافة مصنع الاختزال المباشر ومصنع الصلب لتكون هي الأخرى مصانع متكاملة. ومعلوم أن طاقة إنتاج مصنع حديد سابك لا تغطي سوى 50 % من استهلاك المملكة.
وحول أهم المؤثرات التي تؤثر على سعر المنتج النهائي في صناعة الصلب قال الشثري يبرز سعر الطاقة كأبرز المؤثرات وتتميز المملكة (أكبر مصدر للبترول في العالم) بتوفير سعر طاقة كهربائية مدعوم للصناعات المحلية... وصناعة الصلب تستهلك كمية كبيرة جدا من الطاقة مما جعل المصانع الخارجية (في الهند وتركيا مثلاً) تتأثر كثيراً بارتفاع أسعار البترول الذي يزيد كلفة الطاقة الكهربائية عليها وبالتالي ترفع أسعارها.
ومن المؤثرات أيضا سعر خام مكورات الحديد، وهذا العنصر يؤثر في إنتاج سابك فقط نتيجة تفردها بمصنع الاختزال المباشر. وسعره يتحدد خلال الاجتماع السنوي الذي يعقد بين الشركة البرازيلية والشركة الاسترالية ويتحكمان في 80 % من إنتاج خام مكورات الحديد في العالم، وقد أسفر اجتماعهم الأخير في بداية شهر إبريل الماضي عن رفع سعر إنتاجهم من مكورات الحديد بنسبة 87% نتيجة الطلب المتنامي عليه.
ومن مؤثرات الأسعار سعر كتل الصلب (البليت) عالميا وتتأثر به مصانع الدرفلة المحلية بينما يقل تأثيره على سابك التي تنتجه في مصانعها.
وقد دفع ارتفاع أسعار البترول عالميا وكذلك الغاز والفحم واتجاه الدول المنتجة له على حساب تكلفة الإنتاج على أساس حجم الطاقة المستخدمة في إنتاجه بعد أن تجاوز سعر البترول 126 دولارا مما حدى بهذه الدول وخصوصا الصين والهند إلى فرض رسوم تصدير عليها .وقد استمرت أسعار كتل الصلب في الارتفاع في الأشهر الماضية ليتجاوز سعرها في بورصة لندن للمعادن ألف دولار للطن الأسبوع الماضي.
وأضاف الشثري إن أسعار الحديد الخردة تؤثر هي الأخرى بالأسعار وقد ارتفعت أسعاره بشدة بعد أن قررت المملكة رفع الحظر على تصديره بعد انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية وقد تجاوز سعر الطن ألفين وخمسمائة ريال متبعا بذلك الأسعار العالمية المتزايدة نتيجة تضاءل نسبة المعروض منه سنويا.
وأشار المهندس الشثري إن هنالك اختلالا في هيكل صناعة الصلب في المملكة لان هنالك مصنع واحد فقط يعمل بشكل متكامل شاملا كل مراحل الإنتاج بينما المصانع الأخرى ينحصر عملها في الدرفلة فقط وأسعار الحديد تتحدد وفقا لأسلوب تصنيع كل مصنع. ومعلوم أن المصنع المتكامل تكون تكلفة إنتاجه أقل بنسبة لا تقل عن 30% خصوصا في المملكة المتوفر فيها الطاقة الكهربائية الرخيصة المدعومة من الدولة والتي يتم استهلاكها بصورة كبيرة في مصنع الاختزال المباشر ومصنع الصلب وعليه نتوقع أن يكون سعر حديد سابك اقل بنسبة 30% من سعر مصانع الدرفلة الأخرى الموجودة في المملكة وكذلك لعدم تأثرها بأسعار كتل الصلب عالميا وللأسف فإن إنتاج سابك لا يغطي سوى 50% من استهلاك المملكة للحديد.
وقدم المهندس منصور الشثري اقترحا بأن تسعى شركة سابك بالاستحواذ على مناجم الحديد في بلدان خارجية (مثلما فعلت شركة صناعات قطر) للحد من الخضوع للأسعار العالمية المرتفعة المفروضة من شركة فالي البرازيلية المنتجة لخام مكورات الحديد وهو ما أعلنته سابك مؤخرا . وان تقوم سابك بالتركيز على زيادة إنتاج الحديد الأسفنجي وكتل الصلب وترك الدرفلة للمصانع المحلية حيث أنها صناعة ثانوية.
واقترح الشثري أيضا تقديم الدعم الفني لأي مصنع درفلة يرغب في التحول إلى مصنع متكامل للصلب، وقيام الدولة بمساعدة مصانع الدرفلة السعودية لكي تستكمل جميع مراحل الإنتاج من صناعة الحديد الأسفنجي وكتل الصلب والدرفلة وذلك بتوفير الدعم المادي والتسهيلات من أراضي وعمالة.
إضافة إلى السماح لمقاولي المشاريع الحكومية باستخدام الحديد المستورد ما دام أنه مطابق للمواصفات القياسية السعودية.