Al Jazirah NewsPaper Sunday  11/05/2008 G Issue 13009
الأحد 06 جمادى الأول 1429   العدد  13009
قرآن يتسع به الأفق!
د. سعد بن عبدالقادر القويعي

لم تكن رعاية وتكريم سمو الأمير سلمان أمير منطقة الرياض لحفظ القرآن الكريم للبنين والبنات في دورتها العاشرة التي تنظمها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد إلا خطوة رائدة ورسالة سامية لدفع أبنائنا وبناتنا على حفظ القرآن الكريم وتلاوته وتدبره. ذلك أن إكرام حافظ القرآن الكريم هو من إجلال الله تعالى فعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط). رواه أبو داود (4843).

إن حفظ القرآن الكريم من خصائص الأمة المحمدية، فهو منهاج دعوة من حيث نزوله على مدى عشرين عاماً من الزمان على مقتضى الظروف والأحوال، وهو دستور حياة الأمة التي استجابت وآمنت بالفعل. فكان شاملاً وباقياً وحياةً للروح، لا سيما أن الله وعد بحفظ القرآن من عبث الهوى وشطط العقل. بل وصف الله - تعالى - القرآن بقوله: {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ}. وثبت في الحديث القدسي الذي رواه مسلم أن الله - تعالى - قال لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: (أنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك، وأنزلت عليك كتاباً لا يغسله الماء، تقرأه نائماً ويقظان) قال النووي - رحمه الله - (17-204): (فمعناه: محفوظ في الصدور لا يتطرق إليه الذهاب بل يبقى على مر الزمان).

فأحاطوه بقلوبهم وجداناً، وبعقولهم فهماً ودرساً.

وقد جاءت معجزة القرآن الكريم وافية بحاجات الإنسان، مثيرة لمواهبه كلها، متجهة لبناء شخصية جديدة تتميز بالعمل والإنتاج وبعث القوة المعنوية والقيمة العملية، فبسط القرآن عقائد الإيمان كلها بأدلتها العقلية القريبة القاطعة. وبين أصول الأحكام وأمهات مسائل الحلال والحرام ووجوه النظر والاعتبار، مع بيان حكم الأحكام وفوائدها في الصالح الخاص والعام. وبين مكارم الأخلاق ومنافعها ومساوئ الأخلاق ومضارها مما يحصل به الفلاح بتزكية النفس والسلامة من الخيبة بتدسيتها وعرض علينا هذا الكون وعجائبه ونبهنا على ما فيه من عجائب الحكمة ومصادر النعمة لننظر ونبحث ونستفيد ونعمل.

ودعانا إلى تدبره وتفهمه والتفكر في آياته. وعلمنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - هو المبين للناس ما نزل إليهم من ربهم وأن عليهم أن يأخذوا ما آتاهم وينهوا عما نهاهم عنه.

لقد أدرك المربون اليوم الحاجة الملحة للتربية على معالي الأمور، لا سيما أن الناظر لواقعنا يرى وضعاً سيئاً تعيشه الأمة لم يمر عليها طوال الأزمنة المتقدمة بسبب هجمات الأعداء، انحرف بسببها كثير من أبنائنا، فكان لزاماً على الجميع معرفة قواعد التربية الصحيحة لتخريج جيل يتمثل المعاني الجادة في حياته، والقيام بكل الوسائل المتاحة لتمنحنا النتائج التي نبتغيها وننشدها.

وبعد... فإن إدراك التنشئة التربوية القائمة على القرآن الكريم هي هدفنا الأهم والأسمى ولا شك، فالقرآن الكريم هو عقل المؤمن ودستور حياته، بل هو أعظم ما يجب صرف الهمم إليه. فبه يتعلم توحيد ربه ويأنس بكلامه وينشأ نشأة صالحة، وبه يتحقق الأمن الفكري ببعده عن الغلو وحمايته من الأفكار المنحرفة. فلا يشقون عصا الطاعة، ولا يفرقون الجماعة، ولا ينازعون الأمر أهله، ولا يثيرون الفتنة. فهو مستودع الفكر والوعي ومنهج الاستقامة والهداية.







drsasq@gmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد