الفتاوى أو شيوخ الاقتصاد لاعب (قديم جديد) على الساحة الاقتصادية، فلا تكاد شركة تفكر في حملة علاقات عامة تمهيداً لاكتتاب، أو توسعات جديدة إلا ووضعت في أجندتها فتوى أو صك براءة يقدمها إلى المستهلكين.
المتأمل في هذه الإشكالية لا يستطيع تجاوز حقيقة أننا مجتمع متدين يساهم في دعم هذه الظاهرة ويرسخها، ولا يمكن لأحد أن يلوم امرأً على التحقق من مصادر الرزق والتأكد من موافقتها للشريعة الإسلامية، لكن الأمر - وللأسف - لا يقف عند هذا الحد.
الدين اليوم أضحى وسيلة لمن يسعى لكسب تعاطف الناس وإقبالهم على منتجه، وبدلاً من أن تقوم الشركات والمؤسسات بمحاربة الظاهرة لتأمين المنافسة بينها أصبحت تساهم في تأجيجها بالقفز على عربتها والزج بالدين في الترويج.. وأطرف ما رأيته مؤخراً إعلان يصف سيارة في السوق بأنها السيارة الإسلامية !!
المعاملات الإسلامية أصبح لها مفعول السحر، ونشاطها تجاوز الحدود بسبب الطلب الكبير على منتجاتها، ومع ذلك نفتقد في المملكة إلى المتخصصين في هذا المجال؛ فكثير من العاملين في مجالات الاقتصاد الإسلامي ينتمون إلى خلفيات فقهية وشرعية بعيدة عن التطبيق، لذا فإن معرفتهم بواقع الاقتصاد التطبيقي ضعيفة إن لم تكن معدومة.. ورغم تصاعد الجدل حول صواب دخول الفتاوى كعنصر فاعل في المنافسة الاقتصادية فإنه لا أحد يستطيع تجاهل حقيقة الطلب عليها، ولكن الخلاف الذي مايزال عالقا هو تقنينها.
ومن وجهة نظري أن التقنين يجب ألا يجعلها عشوائية تطلق من شيوخ لا علاقة لهم بتطبيقات الاقتصاد وإنما من متخصصين تتم إجازتهم من جهات رسمية شرعية واقتصادية ليقدموا خدماتهم لمن يريد في مكاتب استشارات اقتصادية شرعية متخصصة على غرار شركات الاستشارات التي تقدم توصيات لعملائها. أما أن تطلق في الهواء لتتناقلها الركبان دون تمحيص أو سند وتؤثر في الشركات سلباً أو إيجاباً فهذا أمر مرفوض ولا يجب التساهل معه!