من المتعارف عليه فنياً أن دراسة المشاريع دراسة دقيقة من حيث تخطيطها ودراسة جدواها الاقتصادية وتصميمها وتطبيق قواعد الهندسة عليها وتحديد كمياتها وتكلفتها الفعلية ترفع من أدائها ومستواها ومطابقتها للمواصفات القياسية وقللت من تكاليف صيانتها. وتمر هذه المشاريع عادة بثلاث مراحل مستقلة من تخطيط ودراسة وتصميم وإنشاء حتى إكمال المشروع. وتكون هذه المراحل تحت إشراف إدارات مستقلة تمام الاستقلال ومنفصلة حتى تأخذ كل مرحلة دورها الكامل ولا تطغى مرحلة على أخرى.
ولضمان تطبيق هذه الأمور الفنية في مجال الطرق, قسمت إدارات الطرق عالمياً من حيث مشاريع الطرق إلى إدارات نقل تكون مسئولة عن وضع المواصفات لتخطيط ودراسة وتصميم الطرق وضمان تطبيقها وهيئة عامة مستقلة للطرق تكون مسئولة عن تنفيذ الطرق وصيانتها.
وقد افتقدت المشاريع في وزارة النقل (المواصلات) جزءاً كبيراً من هذا الدور نظراً لسرعة طلب إنجاز هذه المشاريع وتوفر التمويل لها ووجود وكالة الطرق ضمن جهازها وليس في هيئة مستقلة كما هو الحال في أغلب دول العالم المتقدمة.
فأصبح دور النقل والتخطيط في مشاريع الوزارة يأتي غالباً مكملاً بعد اتخاذ القرار وتحديد مسار الطريق الفعلي After the Fact مما أثر على مستوى هذه المشاريع ومستوى السلامة فيها وكذلك رفع تكاليف صيانتها.
وقد أوحى تغيير مسمى الوزارة بوزارة النقل بأن النقل والتخطيط سوف يأخذ دوره الطبيعي ولا يقتصر دوره على إصدار الرخص وإعداد الدراسات المكملة وأن وكالة الطرق سوف تنفصل وتستقل بهيئة مستقلة.
ولكن لم يتغير شيئاً في الوزارة نظرا لهيمنة وكالة الطرق على جميع الوكالات والوكالات المساعدة الأخرى وقدرة جهازها الكبير على احتواء أي تغيير قد يؤثر على قياداتها للوزارة وطريقة أدائها الروتيني.
حتى أصبح طغيان تنفيذ المشاريع بأطوالها وميزانيتها المعتمدة على جودة تصميمها وتخطيطها وملاءمتها للمواصفات القياسية والتنازل عن العديد من المواصفات القياسية والجدول التنفيذي المقرر لها هي العلامة المميزة لأغلب مشاريع الوزارة.
ومن أجل اكتمال دور الوزارة ورفع أدائها وتطوير أداء موظفيها الهندسي والفني وللحد من تداخل المصالح بين قطاعاتها المختلفة ورفع كفاءة المشاريع المنفذة فإنه أصبح من الضروري كخطوة أولى الفصل بين وكالات الوزارة ودمج بعضها وترفيع وإحداث بعض الإدارات على النحو التالي:
- دمج وكالتي الوزارة للتخطيط والنقل في قطاع واحد.
- تقسيم وكالة الوزارة للطرق إلى ثلاث وكلات مستقلة.
- استقلال وترفيع المستوى الإداري لإدارات الطرق إلى وكالات مستقلة أو مساعدة.
- إحداث إدارة عامة جديدة للفحص الفني.
دمج وكالتي الوزارة للتخطيط والنقل في قطاع واحد
دمج وكالتي الوزارة للتخطيط والنقل في قطاع واحد للتخطيط على أن يكون رئيسه بمستوى نائب وزير, تكون مسؤولة عن وضع خطة متكاملة لتطوير النقل البري والبحري والسكك الحديدية ووسائل النقل المختلفة بصفة عامة وإعداد دراسة متكاملة بصفة مستقلة عن وكالة الطرق لأولية الطرق التي سوف تطرح للتنفيذ وجدواها الاقتصادية لتحديد مسارها العام وعدد المسارات المقترحة.
تقسيم وكالة الوزارة للطرق إلى ثلاث وكالات مستقلة
أصبح من الضروري فصل إدارات وكالة الطرق ورفع مستوى تمثيلها إلى وكالات مستقلة حتى تتمكن من رفع مستوى أدائها وللحد من تضارب المصالح بينهم خاصة بعد اتساع حجم المشاريع المنفذة والمصانة. ونقترح أن تقسم فيها وكالة الوزارة للطرق إلى ثلاث وكالات مستقلة كما يلي:
1- وكالة الوزارة للشئون الفنية: تكون فيها مسئولة عن الشئون الفنية للوزارة من تصميم المشاريع وإعداد الدراسات اللازمة للمواد المستخدمة في تنفيذ وصيانة الطرق وتقديم الخدمات الفنية لإدارات الوزارة المختلفة وتطوير مواصفات الوزارة الفنية. ويكون فيها فرق عمل منفصلة لكل مشروع للمشاركة في تصميم المشاريع مع المكاتب الاستشارية.
2- وكالة الوزارة للمشاريع: تكون فيها مسئولة عن تنفيذ المشاريع والإشراف عليها بصفة مباشرة بواسطة فرق عمل منفصلة أو الاشتراك مع وكالات الطرق في المناطق، وذلك يتضمن إعداد الجدول التنفيذي للمشروع وتكاليفها بصورة دقيقة وتطبيق المواصفات الهندسية عليها لرفع أداء الطرق وتخفيض تكاليفها.
3- وكالة الوزارة للصيانة: تكون فيها مسئولة عن وضع خطة متكاملة لرفع كفاءة أداء فرق الصيانة وتنفيذ مشاريعها بصورة جيدة مما يرفع من أداء شبكة الطرق والحفاظ على مستواها. ويكون الإشراف على هذه المشاريع بصفة مباشرة من وكالات الطرق في المناطق.
استقلال وترفيع المستوى الإداري لإدارات الطرق إلى وكالات مستقلة أو مساعدة
مع اتساع شبكة الطرق المنفذة والمصانة وحجم العمل اليومي واستقلال قطاع النقل أصبح من الضروري استقلال إدارات الطرق في المناطق وأن يكون ارتباطها بالوزارة عن طريق المسئول الأول (وزير النقل) مباشرة ويرفع مستوى تمثيلها إلى وكالات مستقلة في المدن التي توجد فيها أمانات كمنطقة الرياض ومكة والمدينة والدمام أو مساعدة في المناطق الأخرى.
وذلك بحيث يكون مستوى تمثيل إدارات الطرق أقل بدرجة واحدة على الأكثر من نظائرها في وزارة البلديات. مما سوف يكون لها أكبر الأثر لرفع مستوى أداء إدارات الطرق لاتخاذ القرار المناسب بعيداً عن تدخلات وكالة الطرق في عملها ورفع أدائها الفني.
إحداث إدارة عامة جديدة للفحص الفني
تعتبر إدارات الفحص الفني عموماً عين الجهاز المسئول في الجهات التنفيذية لضمان جودة التنفيذ وسرعة تبليغ ومتابعة مشاكل الطرق الفنية كتشققات الطرق وتعرجاتها وانسداد مجاري السيول وكذلك المشاركة مع الشئون الفنية في رفع مستوى الطرق المنفذة لتلائم المقاييس العالمية.ومن المستحسن ربط هذه الإدارة بالمسئول الأول أو وكالة الوزارة للشئون الفنية لضمان حيادها واستقللالها بعيداً عن تأثير الوكالات المختلفة.
إن العمل بهذا التنظيم المقترح هو خطوة أولى لفصل الهيئة العامة للطرق عن وزارة النقل خاصة بعد اتساع أعمال الوزارة وشبكة الطرق الرئيسة والفرعية.
الأمر الذي سيضمن إلى حد بعيد مرور المشاريع بدورتها الطبيعية من دراسة وتخطيط وتصميم وتنفيذ في جهات مستقلة عن بعضها بدون هيمنة جهاز على آخر مما سيكون له الأثر الأكبر في تطوير أداء جهاز الوزارة بصفة عامة.
إن هذه المقترحات هي مجرد نقد بناء لطريقة عمل وزارة النقل ومن الطبيعي أنها تحتاج إلى مراجعة وتقييم للاستفاده منها. والله من وراء القصد.
* متخصص في الهندسة