بيروت -منير الحافي
ماذا بعد؟ سؤال طرح نفسه بقوة بعد الانقلاب الذي نفذه حزب الله وحلفاؤه في حركة أمل والحزب السوري القومي الاجتماعي وغيرها في بيروت (بيروت الغربية تحديداً: أي في الجزء الغربي الإسلامي في العاصمة اللبنانية).
ماذا بعد سيطرة ما يسمى (المقاومة ضد إسرائيل) على كل المناطق الإسلامية (ذات الغالبية السنية) بعد أن كانت تتربع فقط على مناطق ذات طابع شيعي؟ ماذا بعد تفجير حزب الله لبعض مكاتب تيار المستقبل برئاسة سعد الحريري، وقيام حليف لها هو الحزب السوري القومي بتفجير مبنى تلفزيون المستقبل القديم في الروشة؟ ماذا بعد تطاول حزب الله، حتى على (مؤسسة الحريري) وهي مؤسسة تربوية جامعية تقوم في منطقة الجناح، والعبث بمحتوياتها وحتى تدمير أثاثها؟ وماذا عن تهديده لوسائل إعلام الحريري، عبر تفجير بعضها (الجريدة) ووقف بث أو صدور البعض الآخر (التفزيون والإذاعة)؟ ماذا أيضاً، عن محاصرة زعيم (المستقبل) سعد الحريري في منزله في قريطم، ورئيس اللقاء الديموقراطي النيابي وليد جنبلاط في منزله في كليمنصو، وهو الذي رفض أن يغادره، مثل الحريري، إلى مناطق أكثر أمناً، كالجبل (ذي الغالبية الدرزية) أو الشمال، حيث الغالبية تدور في فلك تيار المستقبل.
بعد كل ما جرى، من عنده أجوبة في لبنان عن الخطوات المقبلة؟ هل يعرف غير حزب الله والإنقلابيون معه، ما هي الخطوات التي ستقوم بها ميليشيا حزب الله وحلفاؤها؟ وعلى الصعيد السياسي، ماذا سيحصل؟ أولاً، ماذا سيحل بالحكومة، حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، التي (يحوم) حولها المسلحون في كل الجهات في مقرها في السراي الحكومي؟ هل سيستقيل السنيورة (وهو الذي عرض بنوداً للحل لا تشمل استقالته حتى الآن) واضعاً كرة النار في مرمي الآخرين، فيصنع المعارضة والانقلابيين وحتى الجيش والمجتمعين العربي والدولي في معادلة: أن المؤسسة الوحيدة الشرعية التي كانت باقية قبل الإنقلاب، قد استقالت، وبات لبنان بمؤسساته الشرعية والأهلية بيد الانقلابيين.
وإذا كانت استقالة السنيورة، وراءها معوقات دستورية وسياسية، فإن الحل الآخر قد يكون عجائبياً.
بمعنى أن يظل السنيورة متمسكاً بحقه (وواجبه) في أن يبقي على آخر مؤسسة دستورية قائمة في لبنان، معتمدا على أمرين:
1- الأول، أن يتراجع مجلس الوزراء عن القرارات التي اتخذها عشية انقلاب حزب الله وكلام أمينه العام وأوامره الواضحة إلى عناصر الحزب ومن يدور في فلكهم من الشيعة والمناصرين، لاحتلال بيروت بكافة أطيافها.
وهذه القرارات للتذكير، هي وضع يد الدولة على الكابلات الأرضية لاتصالات حزب الله التي وصلت إلى أماكن بعيدة جداً عن الجنوب، وإعفاء المسؤول الأمني في المطار العميد وفيق شقير من مهامه.
2- الثاني، الاعتماد على تحرك عربي ودولي للضغط على الانقلابيين. ومن بوادر التحرك العربي، اجتماع وزراء الخارجية العرب اليوم الأحد.
وهذا الاجتماع يمكن أن يبنى عليه الكثير، إذا جرى ضغط سعودي - مصري باتجاه استصدار قرار عربي يكون قابلاً للتنفيذ، على عكس ما جرت عليه القرارات العربية السابقة. وفي هذا الإطار يُعول على تحريك المباردة العربية ولكن بطرق جديدة ووسائل ناجعة هذه المرة.
أما التحرك الدولي، عبر مجلس الأمن والاتصالات الدولية والإقليمية، فيمكن أن يكون فاعلاً في حل الأزمة اللبنانية المستجدة. وهنا أيضا يعتقد المحللون أن العالم الذي يرى ما يحصل في بيروت كما حصل في غزة سابقاً، عليه أن يزين المسألة ويقرر.