تقرير - حازم الشرقاوي
مرت منطقة دول الخليج العربي خلال السنوات القليلة الماضية بطفرة اقتصادية غير مسبوقة ولا تزال مستمرة حتى يومنا هذا، مدعومة بالعديد من العوامل التي أدت إلى ارتفاع أحجام اقتصاديات المنطقة إلى مستويات قياسية. إلا أن هذا النمو جاء متزامنا مع صعوبات عديدة منها الانكماش الاقتصادي في أكبر الاقتصاديات عالميا والذي أدى إلى ضرورة قيام الجهات الرقابية الأمريكية بتقليص أسعار الفائدة، وتراجع قيم الأسهم والأدوات الاستثمارية بشكل عام وأزمة الائتمان العقاري الأمريكية.
ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يرتفع التضخم في دول الخليج إلى نحو 7% خلال العام الجاري وأكد الصندوق أن التضخم في المملكة، ارتفع بنسبة تجاوزت 4.1% في 2007م، وظل التضخم منخفضاً بشكل تقليدي في المملكة، على عكس جارتيها قطر والإمارات.
وفي دول الخليج الأخرى، ازداد التضخم بنسبة 5.5% تقريباً في عمان في 2007م، وازداد أيضا بنسبة تجاوزت 5% في الكويت وفاقت 4% في البحرين..
وقال الشيخ طارق بن فيصل القاسمي، رئيس مجلس إدارة مجموعة الإمارات للاستثمار على هامش منتدى الاقتصاد العربي: إن أسعار الفائدة المنخفضة واقترانها بزيادة الإنفاق الحكومي يغذي ارتفاع الأسعار، وإن دول الخليج الآن تمر بمرحلة حرجة أحدثتها الظروف الاقتصادية العالمية وترابطاتها المتعددة.
وإن حجم السيولة المتدفقة لمنطقة الخليج هي الأعلى تاريخيا، وأن عمليات النمو والتوسع المطلوبة لاستيعاب هذا النمو المطرد يتطلب إنفاق حكومي كبير جدا لتحديث وتوسيع البنية التحتية من جهة، وضرورة تخفيض أسعار الفائدة من جهة أخرى لارتباط العملة بالدولار الأمريكي الذي وصل إلى مستويات هي الأدنى له منذ خمس سنوات في الوقت الذي وصلت فيه الموازنات الخليجية إلى مستويات هي الأعلى، وأن المعادلة الرئيسية الاقتصادية التي تجتمع فيها آراء المدارس والأفكار الاقتصادية تجمع على أن أسعار الفائدة المنخفضة واقترانها بزيادة الإنفاق الحكومي يغذي ارتفاع الأسعار.
وأضاف القاسمي: أن التحكم بأسعار الفائدة محدود جدا بسبب الارتباط، وأن الدخول في فصول فك الارتباط فيه الكثير من الأبعاد التي لا تدرك عواقبها، خاصة وأن الكثير من صادرات الخليج مسعرة بالدولار الأمريكي وأن التعاقدات الآجلة متفق عليها بالدولار، بالتالي سندخل مرحلة المضاربة بالعملات التي لها وجهان ولا أعتقد أن أحد مستعد للمجازفة في الوقت الراهن).
واستقر رأي القاسمي إلى ضرورة إيجاد بدائل أخرى للتحكم بمعدلات التضخم التي دخلت مرحلة متقدمة من التعقيد والواجب وضع الحلول المناسبة قبل دخولها إلى مرحلة فقدان السيطرة والتي ستنعكس سلبيا على التنافسية التي توفرها المنطقة والتي تمكنت من أن تستأثر بنسبة لا بأس بها من الاستثمارات الأجنبية والاهتمام المؤسساتي العالمي بالمقارنة مع الفترة الزمنية القصيرة جدا بالمقارنة مع الدول الأخرى.
واعتبر القاسمي، أن ارتفاع أسعار العقار في المنطقة كان سبباً رئيسياً في زيادة معدلات التضخم الذي أحدث تداعيات بأشكال مختلفة.
لذلك، مثلما تم وضع حلول للحد من الارتفاعات غير المنطقية في عمليات الاكتتابات الأولية من خلال تحديد سقف التمويل للمكتتب الواحد، وتنويع شرائح وطبقات الاكتتاب وغيرها من القوانين التي أعادت الاكتتابات إلى مستويات أكثر منطقية.
بالتالي، فإن وضع قوانين حازمة للسيطرة على التدفقات الاستثمارية في القطاع العقاري سيكون له آثار إيجابية على المستوى المتوسط والبعيد على الرغم من إمكانية أن يؤدي إلى تراجع في أحجام المبيعات العقارية على المدى القصير وهو أمر لا ضرر فيه بل يؤدي إلى عودة منطقية للأسعار إن كانت إنشائية، عقارية، والقطاعات المرتبطة بها.
وأضاف أن قرارات من هذا الشأن تعيد التوازن إلى سوق الإيجارات في المنطقة ويحمي المجتمع من آثار التضخم ويخفف من أعباء المستأجرين.
ويحمي من الهجرة المعاكسة للمستثمرين إلى خارج المنطقة، كما سيؤثر إيجاباً على أصحاب الأعمال الصغيرة والمتوسطة وهو قطاع له أهميته في دورة الاقتصاد في الدولة.