صنعاء- الجزيرة عبدالمنعم الجابري- الوكالات
قتل الجيش اليمني أمس الأحد 19 من المتمردين الزيديين في معارك بمحافظة صعدة (شمال غرب) في إطار السيطرة على معسكر.
وقال مسؤول محلي طلب عدم الكشف عن هويته إن ستة جنود أصيبوا بجروح في المعارك التي بدأت بعد الظهر واستمرت في المساء في قرية دفعة بمديرية حيدان في محافظة صعدة.
وقد شن الجيش هجوماً لاستعادة السيطرة على معسكر دفعة من أيدي المتمردين الذين يسيطرون عليه منذ ثلاثة أشهر، كما أوضح هذا المسؤول، مؤكداً أن الجنود تمكنوا من دخول المعسكر.
وكانت وزارة الدفاع اليمنية قد حذرت المتمردين الحوثيين في محافظة صعدة (شمالي اليمن) من مغبة الاستمرار في ارتكاب الأعمال الإرهابية والتخريبية والجرائم.
من جهة ثانية أكد المصدر وقوف أتباع الحوثي وراء حادثة تفجير مسجد للسنة بمحافظة صعدة يوم الجمعة الذي خلف 18 قتيلاً ونحو 48 جريحاً.
وقال إن كل المعلومات والدلائل تؤكد أن عناصر إرهابية من أتباع المتمرد الحوثي هي التي تقف وراء حادث التفجير الإرهابي الذي استهدف مسجد بن سلمان بمحافظة صعدة يوم الجمعة.. وأنهم هم الذين خططوا ونفذوا تلك العملية الإرهابية بواسطة دراجة نارية مفخخة. وعلى صعيد ذي صلة كشفت مصادر موثوقة في العاصمة اليمنية عن حصول عناصر تنظيم القاعدة في اليمن على مواد متفجرة حديثة ومتطورة.وأشارت المصادر إلى أن التحقيقات التي تجريها سلطات الأمن اليمنية في حوادث التفجيرات الأخيرة التي استهدفت بعض المصالح اليمنية والأجنبية في صنعاء ومناطق أخرى أظهرت أن القاعدة استخدمت في تلك العمليات قذائف هي الأولى ولم يسبق أن تم استخدامها في اليمن.
وقالت المصادر إنه ومن خلال التحقيقات فقد تبين أن القذائف المستخدمة في هجمات عدة باليمن هي من نوع جديد (أوروبية الصنع) وأن المعلومات التي تم التوصل إليها تفيد بأن هذا المتفجرات يتم تهريبها لعناصر القاعدة في اليمن عن طريق البحر وذلك من إحدى دول منطقة القرن الأفريقي وتحديداً من الصومال، مضيفة أن من مميزات هذا النوع من القذائف أنها لا تصدر أصواتاً أو وميضاً عند إطلاقها، كما لا يُسمع دوي انفجاراتها إلا بعد وصولها الهدف، مرجحة أنه يتم إطلاقها من خلال سيارة متحركة سرعان ما تغادر المكان قبل اكتشافها.
وحسب المصادر فإن خلية نشطة من تنظيم القاعدة لا تزيد عن ثلاثة أشخاص هي التي تقوم بتنفيذ تلك الهجمات الخاطفة، حيث يجيد افراد تلك الخلية التي يجري تعقبها من قبل الأجهزة الأمنية عملية الاختفاء السريع عقب تنفيذهم لعملياتهم الإرهابية بأسلوبهم ووسائلهم الجديدة التي تتم عادة عبر إطلاق القذائف من مسافات تتراوح عادة بين 500 و600 متر.
وزادت المصادر أن المعلومات التي توصلت إليها أجهزة الأمن تشير إلى أن منفذي الهجمات التي شهدتها العاصمة اليمنية صنعاء، هم أنفسهم من يقفون وراء تلك العمليات التي كانت قد استهدفت (نقاطاً أمنية) في حضرموت، وأن جميع هذه العمليات نفذت بنفس الطريقة والأسلوب وبذات النوع من القذائف.. وهو ما يعني بحسب المصادر أن تلك العناصر تتنقل من محافظة إلى أخرى.. منوهة بأن الأوضاع المضطربة في الصومال أوجدت أرضية مناسبة وهيأت الأجواء لتنامي أنشطة (القاعدة) في هذه المنطقة، وهو ما سهل مهمة تزويد (القاعدة) في اليمن بالأسلحة والمتفجرات بل وبالعناصر المدربة التي تتسلل إلى السواحل اليمنية متخفية في أوساط آلاف اللاجئين الصوماليين الذين ينزحون إلى اليمن بصورة شبه مستمرة.
وفيما تؤكد أجهزة الأمن اليمنية أنها تكثف حالياً من تحرياتها ومتابعتها لعناصر تلك الخلية من القاعدة، والتي يسارع أفرادها إلى التخفي في بعض المناطق القبلية، خاصة في منطقة عبيدة بمحافظة مارب، في أعقاب تنفيذ عملياتهم الإرهابية أو عندما يشعرون بأن ثمة إجراءات مشددة من جانب سلطات الأمن.. تشير معلومات محدودة التداول إلى أن بعض عمليات القرصنة البحرية التي تعرضت لها مؤخراً عدد من السفن التجارية والسياحية في البحر العربي وخليج عدن، تقف وراءها خلايا إرهابية من تنظيم القاعدة الموجودة داخل الأراضي الصومالية التي وجدت فيها تلك الخلايا أماكن آمنة للتدريب من جهة وللتواصل السهل مع قيادات التنظيم والتنسيق معها في كثير من الأمور بما في ذلك تلقي التوجيهات لتنفيذ عمليات إرهابية.. وحسب المعلومات فإن عناصر صومالية منتمية إلى تنظيم القاعدة هي التي قامت ببعض عمليات القرصنة البحرية، وذلك في إطار الاستراتيجية الجديدة للقاعدة والتي تسعى من خلالها إلى إقلاق سلامة الملاحة الدولية ونقل معركة المواجهة إلى البحر حيث المصالح كبيرة والأهداف سهلة رغم وجود الأساطيل العسكرية لدول التحالف في المنطقة.
وكما يرى بعض المراقبين فإن خلايا تنظيم القاعدة في اليمن والتي كانت قد تراجعت عملياتها الإرهابية بشكل كبير خلال الفترة الماضية في ظل الإجراءات الأمنية المشددة التي اتخذتها سلطات الأمن، ربما أنها وجدت في انشغال سلطات الدولة بتطورات الأحداث الجارية سواء في بعض المحافظات الجنوبية أو في (صعدة) في ظل المواجهات العسكرية المستمرة بين القوات الحكومية وأتباع الحوثي، فرصة لاستنهاض قواها والعودة مجدداً إلى مسرح الأحداث من خلال تفعيل نشاطها والقيام بعمليات إرهابية في أكثر من منطقة يمنية، وذلك من باب إثبات وجودها من جهة، ومن جهة ثانية الانتقام لمقتل العديد من العناصر النشطة بتنظيم القاعدة في مواجهات مع قوات الأمن وكذا اعتقال عدد آخر من تلك العناصر، وهو ما كانت خلايا القاعدة قد هددت به وأعلنته في عدة بيانات اصدرتها في وقت سابق.
ومع أن الهجمات الأخيرة من جانب عناصر القاعدة في اليمن لم تسفر عن أضرار مادية أو بشرية بصورة مباشرة، إلا أنها وعلى ما يبدو قد حققت بعض أهدافها وبالذات على صعيد هز الثقة لدى بعض الأطراف الدولية وبالذات الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي في قدرة أجهزة الأمن اليمنية على ضبط الوضع الأمني، بالإضافة إلى الإضرار بمصالح اليمن وتكبيدها خسائر اقتصادية كبيرة من خلال تراجع حركة النشاط السياحي بشكل كبيرة وبالذات من جانب السياح الغربيين، خاصة بعد أن سارعت بعض السفارات ومنها سفارة الولايات المتحدة إلى إطلاق تحذيرات لرعاياها.. وهي التحذيرات التي ترى السلطات اليمنية أن ثمة مبالغة كبيرة فيها من جانب تلك السفارات.
وكما يقول المراقبون فإن تجدد نشاط خلايا القاعدة في اليمن من خلال الهجمات الإرهابية الأخيرة، جاء في وقت تمارس فيه الولايات المتحدة الأمريكية ضغوطاً كبيرة على اليمن، جراء عدم تلبيتها طلب واشنطن تسليم أحد مواطنيها ( جمال البدوي) المتهم الرئيسي في الهجوم على المدمرة ( كول) في شواطئ عدن عام 2000م، على اعتبار أن دستور اليمن يحرم تسليم أي مواطن يمني لدولة أخرى.
ويشير المراقبون إلى أن ما هو حاصل حالياً على صعيد المواجهة بين السلطات اليمنية وخلايا تنظيم القاعدة أمر في حد ذاته يثير تساؤلات عديدة وبخاصة فيما يعلق بالتعاون الأمني بين الولايات المتحدة الأمريكية واليمن التي ظلت على مدى الفترة الماضية تعد نفسها شريكاً فاعلاً للولايات المتحدة والمجتمع الدولي عموماً في الحرب على الإرهاب..
بحيث يمكن القول ان اليمن ربما وجدت نفسها أخيراً وفي ضوء المعطيات الجديدة وحيدة في مواجهة تنظيم القاعدة، على الرغم من أنها كانت قد دفعت ثمناً باهضاً لتعاونها في هذا الجانب، سواء على الصعيد السياسي في الساحة اليمنية، من خلال مواقف بعض الأحزاب والقوى السياسية تجاه ذلك التعاون والتقارب بين صنعاء وواشنطن وكذلك بعض الأطراف الدولية الأخرى في إطار التحالف ضد الإرهاب، حيث واجهت الحكومة اليمنية ضغوطاً داخلية غير عادية من جانب بعض الأطراف السياسية التي استغلت الموقف الرسمي من الحرب على الإرهاب لتحقيق بعض المكاسب، وذلك في إطار ما يعتمل داخل الساحة اليمنية من حراك سياسي وصراعات قوية بين أطراف العمل السياسي.