براءات الاختراع باتت في مهب الريح، فهناك من يُسوِّف بأهلها، وهناك من لا يأبه بأمرهم أصلاً، بل إن الرؤية غير الجادة نحو المخترع والمكتشف على ندرته تتعاظم وتتفاقم لدى أصحاب القرار في الجهات المعنية التي يفترض فيها أن ترعى مثل هذه الاكتشافات.
فحينما يكون الاختراع أو الاكتشاف محققاً لشرطية اكتمال عناصر تقديم العمل الخارج عن العادة والذي لم يسبق لأحد أن قدمه فبمجرد تسجيله في الجهات الرسمية يصبح حقاً مشروعاً للمتقدم فيه لا سيما حينما يقدم المخترع ما يثبت تحقيقه لهذا الإنجاز أو ذاك.
هذا الأمر غاية في البساطة والسلاسة لكن في بعض دوائر العمل الحكومي لدينا الصورة مقلوبة أو مجرد أمر صوري قد لا يحقق سوى المتعة الآنية لهؤلاء الشباب، فالفرحة في إنجاز اختراعه قد تتلاشى، وقد تنطفئ شعلة الحماس لديه، وقد لا يجد له نصيراً في دوره ورسالته في الحياة..
الشاب المخترع لبعض الأدوات والآلات (في الدول المتقدمة - على طريقة طاش ما طاش) يلقى كل عناية واهتمام من قبل الجهات الراعية لنشاطه، وعطائه، لكن أن تخترع وتطور آليات عمل قائم وتنتج ما تحسبه فتحاً علمياً مذهلاً فيذهب هذا الجهد أدراج الرياح فهو عين الألم وقلة التوفيق، فالذي قرأ أحد التقارير الصحفية حول مجهود الباحثين الصغار والمكتشفين يدرك أننا لا زلنا في مرحلة متأخرة من النمو والتطور والرشد التقني.
فأهل براءات الاختراع تائهون، ولا يكفّون عن البحث عن أي مخرج لهم من هذا المأزق الذي وقعت فيه أعمالهم وتجاربهم الغضة.. ومن المُلح والطرف أن واحداً من هؤلاء اكتشف أمراً يود أن يسجل باسمه يتمثل في أن الكثير مما يكتشفونه أو يخترعونه لا يسجل، فقد عرض أحدهم أن رقم تسجيله في اكتشاف تم قبل عام لم يتغير حتى اليوم وهو يقول بشكل غريب أنه ومنذ تسجيل هذا الاختراع لم يتم متابعته وتقديمه أو الاستفادة منه، وهذه حالة واقعة لا تحتاج إلى نفي أو تجاهل فالجهات المعنية بشأن البحث والاكتشاف تدير أكتافها عن كل شيء منذ زمن ولن يكون هذا التقرير هو الأول الذي يكشف ما آلت إليه جهود هؤلاء الشباب.
شكوى المخترعين الجدد - وإن فُنِّدت - ستظل الطريق حتماً نحو الجهات التي بات من المفترض أنها ترعى شأنهم، وتحتضن بحنو مكتشفاتهم وإنجازاتهم حتى وإن كانت بسيطة.. فالهدف الأول هو التشجيع والحث على الابتكار.
فقد أكد هؤلاء الشباب في التقرير الذي تراجعوا عن بعض مقولاتهم فيه لاحقاً أن معاناتهم مستمرة وأن هناك من لا يعبأ بأمرهم، بل يقلل من شأنهم، وشأن ما يقدمونه للمجتمع من أفكار وتصورات عملية مناسبة ربما لخوف يسكن عقول البعض ممن يفترض فيهم الرعاية للمخترعات وأهلها، لأنه يشعر خطراً، ويتواهم أن هذه المواهب الصغيرة ستفسد متعتهم الاستهلاكية، دون التفكير في أمر منجز أو صناعة ما تدر على الوطن مكاسب مناسبة تفوق ما قد يستورد من حيث الجودة والقيمة المادية والمالية.
Hrbda2000@hotmail.com