يعد القلق حالة طبيعية تتولد لدى الإنسان عندما يتعرض لضغوط شديدة، وأشد حالات القلق تظهر عند كثير من الناس في مواقف التحدث أمام الآخرين.
والتحدث أمام الآخرين أمر مثير للقلق عند معظم الناس، إذ يتخذ ذلك القلق العديد من الصور، مثل: خوف المتحدث من سخرية السامع، أو خوفه من جفاف حلقة، أو عدم مقدرته على إيجاد الكلمة المناسبة، أو عدم معرفته كيف يوظف بدنه أثناء التحدث.
ونتيجة لهذا القلق والارتباك تحدث بعض التغيرات الفسيولوجية التي تسبب أعراضاً متعددة مثل: ارتباك المعدة، أو افراز العرق، أو ارتعاش اليدين والساقين، أو زيادة عدد ضربات القلب.
وحينما يفقد المتحدث ثقته بنفسه فإنه لن يستطيع في العادة نقل الآراء، وتبادلها بفاعلية مع الحضور، وسيواجه صعوبة حتى في نطق الكلمات، وقد يقفز من عنوان لآخر دون منطق واضح.
ويتساءل العديد من المتحدثين عن كيفية التخلص من القلق والارتباك الذي يحدث أثناء التحدث والإجابة تتمثل في أنه لا يمكن التخلص من مخاوف الأداء، وإنما يجب أن ينصب الاهتمام على كيفية التحكم فيها.
إن الطريقة المناسبة لضبط القلق تكمن في قدرة المتحدث على تكوين اتجاه صحيح نحوه, وذلك بأن يدرك المتحدث أن التغيرات الجسمية التي تحدث تعد أمراً عادياً، وهي تؤهله لكي يقوم بجهد أحسن، فحينما يكون الفرد اتجاهاً صحيحاً نحو القلق فإنه بمجرد حدوث التغيرات الجسمية، فإنها ستزيد من قدرته على التركيز وتحسن قدرته على التفكير.
ومن الأمور التي تساعد على التحكم بمشاعر القلق أثناء التحدث أن يقف المتحدث منتصباً بطول قامته وينظر مباشرة إلى أعلى الجمهور، ويبدأ حديثه بثقة كما لو كان كل واحد منهم مدين له بمبلغ من المال، حيث يقول ديل كارنجي: تصور أن الجمهور مدينون لك فعلاً، وأنهم اجتمعوا أمامك حتى يتسلموا منك مدة تمديد مدة الدين.كما أن من أهم الأمور التي تجعل المتحدث يلقي حديثه بثقة: التحضير الجيد لموضوعه، والإلمام به؛ لأن الإنسان حينما يتحدث في موضوع يجيده، أو يحيط علماً به فإن ثقته بنفسه تزداد، ورهبته من الموقف تقل بعكس إذا تحدث في موضوع لا يحسنه فإنه سيشعر بالرهبة والإحباط.
إن كسب الثقة بالنفس، والقدرة على التفكير بهدوء أثناء التحدث إلى مجموعة من الناس ليس أمراً كما يتخيل معظم الناس ولكن التدريب الجيد يساعد في عمليات التحكم وينبذ القلق أثناء التحدث.
ومن هنا فإن التدرب على مواجهة الجمهور يزيل التوتر، ويكسب الثقة والجرأة، ويجعل الإنسان قادراً على التعبير عن نفسه، ونقل أفكاره، وآرائه في أي مكان وأي موقف، ويمكن التدريب على ذلك من خلال التدرج في إلقاء الحديث، والوقوف أمام المستمعين، حتى تزداد الثقة تدريجياً، ويزول التوتر والقلق شيئاً فشيئاً.ومن هنا يأتي دور المؤسسات التربوية في إتاحة الفرصة للمتعلمين في ممارسة هذه المهارات والتدرب عليها بطريقة منهجية منظمة ويمكن أن يتم ذلك من خلال تخصيص المناشط الصفية واللا صفية للتدريب على هذه المهارات إضافة إلى إتاحة الفرصة للمتعلمين في إبداء آرائهم في جو من الحرية يكفل لهم طرح رؤآهم ويتيح لهم تصحيح أخطائهم، ويضمن لهم قدراً مناسباً من التدريب حتى يستطيعوا أن يتحدثوا بكل جراءة وثقة.
albashri@yahoo.com