بقدر ما ساءني وكدر خاطري نبأ وفاة العم الشيخ حمد بن إبراهيم الحقيل فقد زال بعض ذلك عندما اطلعت على كثير من الكتابات والمقالات والقصائد التي سطرها محبوه وخلطاؤه والمعجبون بعلمه وأدبه، فاستحال ذلك سروراً وحبوراً لعلمي أن الموت غاية كل حي، وأن ما بقي لنا من علم الشيخ وكتبه وأخباره هو عمر مديد متصل لا ينقطع ولا يفنى.عاش شيخنا - رحمه الله - عمراً مديداً نشر فيه علما جمّا، نهل منه القريب والبعيد، واستفاد منه الباحثون والدارسون واستمتع به القراء على اختلاف مشاربهم وأذواقهم.
و قد استوقفني من تلك الكتابات مقال كتبه أستاذنا محمد بن عبدالعزيز القشعمي - وفقه الله- في هذه الجريدة الغراء، وجاء في حلقتين: الحلقة الأولى كانت بتاريخ 3-3-1429هـ والثانية بتاريخ 6-3-1429هـ وهي كتابة جيدة وثرية وماتعة. رصد فيهما الأستاذ محمد باختصار حياة الشيخ حمد وطرفا من أخباره وطرائفه، كما أثبت مؤلفات الشيخ حمد، وذكر من ترجم له، وليسمح لي أستاذنا محمد والقراء الكرام أن أعقب على مقاله مصححا ومنوها.
فقد ذكر الأستاذ - محمد أن من كتب الشيخ حمد - رحمه الله- كتاب : (سلمان الفارسي لو كانت الحقيقة في المريخ لشد الرحال إليها). وأنه صدر في بيروت سنة 1400هـ.
والصواب أن الشيخ حمد ليس مؤلف هذا الكتاب، بل المؤلف هو العم أحمد بن إبراهيم بن عبدالله الحقيل - رحمه الله- أديب اخترمته يد المنون وهو في ريعان الشباب، وزهرة العمر، فقد ولد أواسط سنة 1376هـ وتوفي - رحمه الله- في ليلة الثلاثاء 4 -5- 1402هـ ولم يجاوز عمره السادسة والعشرين من عمره، وكانت وفاته بعد طبع هذا الكتاب بأقل من السنتين إثر حادث سيارة على طريق الرياض سدير. فبكاه كثير من الأدباء الذين كانت له بهم علاقة أدبية، ورثاه آخرون ممن كان يقدر علمه وأدبه، ومنهم : الأستاذ -أحمد عبدالغفور عطاره - رحمه الله-، والأستاذ- عبدالرحمن المعمر، والأستاذ : عامر العقاد (رحمه الله).
وهذا الكتاب كان باكورة مؤلفاته وإنتاجه الأدبي، و توفي وقد انتهى من كتاب آخر هو: الرذاذ. وهو مجموعة من الخواطر وخلجات النفس، تجد فيه حكمة الشيوخ وتفاؤل الشباب والإحساس بآلام الأمة.
ولا أعلم من أين أتى الأستاذ محمد بهذه المعلومة خاصة وأنه لم يحل إلى مصدر نقل منه؟ ولعله انتقال ذهن واختلاط بين الاسمين نظرا لتشابههما في اسم الأب والجد والأسرة.
ولعلي أكثر التعجب منه وهو جليس الشيخ حمد منذ فترة طويلة، كيف يخيّل إليه أن يكون للشيخ مثل هذا الكتاب، ثم لا يطلع عليه ولا يراه عند الشيخ حمد! ولو كان اطلع عليه لعرف أنه ليس للشيخ حمد ولا من كتبه.
كما لاحظت أن الأستاذ محمد ذكر بعض كتب التراجم التي ترجم فيها للشيخ حمد، وجميعها تراجم قصيرة ومقتضبة، جاءت في سياق كتب تراجم أو كتب البيلوجرافيا، ولم يذكر كتاب الأستاذ الفاضل صلاح بن إبراهيم الزامل واسمه: (شيخ الأدباء وأديب الشيوخ الشيخ حمد بن ابراهيم الحقيل). وهو كتاب قيم أجاد فيه وأفاد، وحفظ لنا كثيراً من أخبار الشيخ حمد في صغره وكبره، فجاء كتابا ثريا ممتعا لا تمل منه. وهو بلا شك يغني عن كل ترجمه أخرى للشيخ حمد مما كتب وطبع. ويقع في مئتين وستين صفحة. حلاه بوثائق خاصة بالشيخ حمد زادت الكتاب عمقا وتشويقا، وأعطت صورة صادقة لعصر عاشه الشيخ حمد وكان فيه ممن يسمع صوته وتسري شفاعته.
وفي الختام.. لا يسعني إلا أن أدعو بالرحمة والمغفرة للشيخ حمد وبالشكر الجزيل لأستاذنا محمد.
هذا ما أحببت أن أذكره شاكراً لجريدة الجزيرة تفاعلها وتواصلها مع قرائها.