علم الأنساب هو علم (ظنّي) قائم على الاستفاضة والتواتر و(العنعنة) والربط والمقاربة والفراسة (في بعض الأحيان) وهو علم عربي بحت مثل علم الفلك حينما لم تكن للعرب تقاويم مكتوبة لذلك يستدلون بتحولات النجوم والكواكب والأفلاك (اقترابها عن بعض واقترانها ببعض وابتعادها عن بعض) وذلك حينما كان الإنسان العربي والبدوي خصوصاً عبارة عن نقطة ضئيلة في الكون يقع بين صفحتين فقط تتخذ الأولى زرقة السماء وتتخذ الأخرى صفرة الصحراء وليس له شاغل سوى التأمل في هاتين الصفحتين وقراءة ما ينطبع فوقهما من مشاهد وتغيرات، لذلك قرأ حركة النجوم في السماء وحركة المخلوقات على الأرض وتعلم علم الفلك و (قص الأثر) وطبيعة النبات (نموه وازدهاره وذبوله وتلاشيه) ومدى الاستفادة منه (له ولمواشيه) على حد سواء، ولعل العلم الأول الأنساب هو علم عربي صميمي اهتم به العرب للاحتفاظ بأنسابهم انطلاقاً من (أن الناس مؤتمنون على أنسابهم)، أما علم الفلك فقد دخل فيه علماء مسلمون من غير العرب وأبدعوا فيه واستفادت منه الأمم التي لها علاقة بالملاحة والبحار ثم طورته تلك الأمم وأرسلت المراكب الفضائية والأقمار الصناعية وغزت الفلك وهبطت على الكواكب بسفنها الفضائية وتركت لنا الأرض وعلم الأنساب(!!) وقص الأثر فقط!! لذلك قال الشعراء الذين نسميهم (بالشعوبيين) والذين لا تهمهم الأنساب:
(لا تقل أصلي وفصلي إنما
أصل الفتى ما قد حصل).
وقال الآخر:
(ليس الفتى من يقول كان أبي
إنما الفتى من يقول هاأنذا).
وقال ثالث:
(مالي عقلي وهمتي حسبي
وما أنا مولى وما أنا عربي
إذا انتمى منتمٍ إلى أحد
فإنني منتمٍ إلى أدبي)
وقال أبو نواس:
(عاج الشقي على رسم يسائله
وعجت أسأل عن (..) البلد
يبكي لى طلل الماضين من (أسد)
لا در درك قل لي من بنو أسد)
***
بقي أن نقول إنه حتى علم الأنساب القائم على (الظن) لدى العرب قد أصبح قائماً على الحقيقة لدى الآخرين حينما اكتشفوا البصمة الوراثية وعلم الجينات والحمض النووي فلم تعد الحاجة إذا إلى علم الأنساب لأن علم الجينات يكشف من خلال البصمة الوراثية حتى بصمة الإقليم بل وتصنيف الأجناس والقول الفصل لل (D.N.A) وليس للنسابين.