تصطف الأفكار فوق شفتيها...
العربية بكل خزينتها تفتح فاها...
الكلام الذي لا يعبر عن بوابة القلب لا يستوعبه إدراك العقل...
وتبتسم
مياه النهر ماضية في جداولها لكنهم لا يصغون لما يتنائر على الأرصفة...
تتقافز الأفكار أيها تطير للفضاء وأيها تجنح حول القناديل...
وأيها تستدفئ من الصقيع...
وأيها تستظل من الزمهرير...
وأيها تتباهى باحتفاء الناطقين والسامعين...
كلهم ينتظرون الأفكار فوق كف الشمس لا تختبئ في خفر...
لكن أبجد وحده من يقطع المسافة بين الأذان والشفاه ويداه فوق جنبي خاصرته
ثمانية وعشرون نجمة تعتلي كتفيه...
والأفكار مرهونة بقوالبه تكتسي بها في لحظة ظهور...
من يمنح الأرصفة العذر حين تتزيا بتراب العابرين..؟
من يمنح الدروب العذر حين تنبت فيها بقايا الأحذية ..؟
من يصغي لطير أنهكه الترحال قد ضل عن السرب...وما وجد ملجأ غير مستودع الحروف...؟
التفَّت حوله كل منها تعالج رمقه و لهاثه... جوعه وغربته...؟
وحدها خزينة أبجد تتوالد عن شفتيها الأفكار فتهمي بذوراً تنبت مروج الامتداد للناظرين...
الحياة عاجلة تدور في دولاب لا يكل من الركض ولا يستريح عن اللهاث...
شفة العربية الناطقة بجروح الحياة حين تنطق فلا يعبر عن أنين قدميها ولا صداع رأسها غير أفكارها...
صفوف كما الجنود هي حروفها مدججة بكل عتاد حتى اللمحة ووجه الشبه والمديح بما يشبه الذم...
من يلتقط هذه الأفكار ويعيد ترتيبها في خط لا اعوجاج فيه أمام مخبز الفرح فثمة اتجاه للنهر نحو بركان أحزان ملأت صدور الواقفين للرغيف...