رجح فضيلة الدكتور محمد بن إبراهيم الغامدي الأستاذ المشارك في كلية الشريعة وأصول الدين بجامعة الملك خالد بأبها أنه يصح بيع المسجد للمصلحة؛ لأن هذا لا يبطل الوقف، بشرط أن يكون إبداله يكون بمثله أو بخير منه للمصلحة. وكذا الحكم في بيع الوقف لصالح المسجد.
وقال في بحثه عن أحكام الوقف: إن مسألة إزالة الوقف أو بعضه لشق طريق عام مثلاً أو لأجل مشروع خيري لم يجد من الفقهاء من نص على حكمها غير فقهاء المالكية. فأجازوا بيع العقار الموقوف ولو لم يخرب لتوسيع مسجد وطريق ومقبرة فيجوز بيع حبس غير هذه الثلاثة لتوسيع الثلاثة وسواء تقدم الحبس على أحد هذه الثلاثة أو تأخر.
وفي مسألة أخرى قال: لقد جوز جمهور العلماء تغيير صورة الوقف للمصلحة، كجعل الدور حوانيت والحكورة المشهورة قال ابن قندس أن كثيراً من الأوقاف كان بساتين، فأحكروها وجعلت بيوتاً وحوانيت، ولم ينكر ذلك العلماء الأعيان وفي مجموع الفتاوى سئل الشيخ -رحمه الله- عن تغيير صورة الوقف فأجاب: الحمد لله أما ما خرج من ذلك عن حدود الوقف إلى طريق المسلمين، وإلى حقوق الجيران: فيجب إزالته بلا ريب، وأما ما خرج إلى الطريق النافذ فلا بد من إزالته، وأما ما كان خرج إلى ملك الغير فإن أذن فيه وإلا أزيل.
وأما تغيير صورة البناء من غير عدوان فينظر في ذلك إلى المصلحة فإن كانت هذه الصورة أصلح للوقف وأهله أقرت، وإن كان إعادتها إلى ما كانت عليه أصلح أعيدت، وإن كان بناء ذلك على صورة ثالثة أصلح للوقف بنيت، فيتبع في صورة البناء مصلحة الوقف، ويدار مع المصلحة حيث كانت، وقد ثبت عن الخلفاء الراشدين - كعمر وعثمان- أنهما قد غيرا صورة الوقف للمصلحة بل فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه ما هو أبلغ من ذلك حيث حول مسجد الكوفة القديم فصار سوق التمارين، وبنى لهم مسجداً في مكان آخر وهل يشترط أن يكون في الدرب أو البلد الذي فيه الوقف الأول أم يجوز أن يكون بغيره إذا كان ذلك أصلح لأهل الوقف مثل أن يكونوا مقيمين ببلد غير بلد الوقف، وإذا اشتري فيه البدل كان أنفع لهم؛ لكثرة الريع ويسر التناول؟
فأجاب الشيخ تقي الدين -رحمه الله- قائلاً: ما علمت أحداً اشترط أن يكون البدل في بلد الوقف الأول؛ بل النصوص عند أحمد وأصوله وعموم كلامه وكلام أصحابه وإطلاقه يقتضي أن يفعل في ذلك ما هو مصلحة أهل الوقف؛ فإن أصله في هذا الباب مراعاة مصلحة الوقف؛ بل إن أصله في عامة العقود اعتبار مصلحة الناس؛ فإن الله أمر بالصلاح، ونهى عن الفساد، وبعث رسله بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها.