الرياض - أحمد القرني
نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز افتتح معالي وزير الزراعة رئيس الدورة الثلاثين لاجتماعات الجمعية العمومية للمنظمة العربية للتنمية الزراعية الدكتور فهد بن عبدالرحمن بالغنيم، ظهر أمس الاجتماع الوزاري للجمعية بقاعة الملك فيصل للمؤتمرات بفندق الأنتركونتننتال في الرياض، بحضور معالي وزراء الزراعة في الدول العربية ومعالي مدير عام المنظمة العربية للتنمية الزراعية.
هذا وقد بدئ حفل الافتتاح بتلاوة آيات من الذكر الحكيم ثم ألقى المدير العام للمنظمة العربية للتنمية الزراعية د. سالم اللوزي كلمة أكد فيها أنه مما يدعو للفخر والاعتزاز أن تحظى هذه الدورة برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله- الذي دأب على رعاية العمل العربي المشترك ودعم مؤسساته كما يولي القضايا العربية على مختلف أصعدتها وفي شتى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية كريم اهتمامه. معرباً عن فخره واعتزازه بما حققته المملكة من إنجازات في شتى المجالات جعلتها تحتل هذه المكانة المرموقة على الخارطة العربية والدولية مبيناً أن الإنجازات التي حققتها المملكة في المجال الزراعي خلال العقدين الماضيين تفوق الإعجاز.
وتستحق الإعجاب وذلك بفضل الإرادة والرعاية الكريمة من لدن القيادة الرشيدة والاهتمام الكبير الذي توليه حكومة خادم الحرمين الشريفين لهذا القطاع علاوة على الجهد والتميز والتضامن بين القائمين عليه.
وقال: إن الرياض احتضنت قبل عام اجتماعات القمة العربية التاسعة عشرة والتي شهدت ميلاد إستراتيجية التنمية الزراعية العربية المستدامة للعقدين القادمين وها هي اليوم تحتضن اجتماعات الدورة الثلاثين للجمعية العمومية للمنظمة العربية للتنمية الزراعية التي تضم قادة القطاعات الزراعية في الدول العربية لرسم خطة جديدة للعمل الزراعي العربي المشترك في إطار هذه الإستراتيجية التي تعتبر الأولى من نوعها في هذا المجال والتي تتوافر لها كافة مقومات النجاح بدءاً من الإرادة السياسية التي يجسدها قرار القمة العربية مروراً بالتوافق الكامل من قبل كافة الدول الأعضاء على رؤيتها وأهدافها وأولوياتها وضرورتها وحتميتها في هذه المرحلة الحاسمة على الصعيدين القطري والقومي ووصولاً إلى الزخم والحماس غير المسبوقين من شركاء التنفيذ لشحذ الهمم وحشد الطاقات وتعبئة الموارد للتنسيق والتعاون فيما بينهم لتطبيق برامجها ومكوناتها التنموية وهذا ما يعتبر بحد ذاته إرادة تاريخية في عمر المنظمة الحافل بالإنجاز والعطاء.
وأضاف بأن المنظمة العربية للتنمية الزراعية، وتمشياً مع قرارات قمة الخرطوم بشأن تطوير منظومة العمل العربي المشترك، وتحقيقاً وبلوغاً لغايات الرؤية وأهداف الإستراتيجية المعتمدة في قمة الرياض، قامت بإجراء تعديلات مؤسسية تطويرية إصلاحية امتدت إلى إعادة صياغة أهدافها ومهامها وفق رؤية مستقبلية للزراعة العربية.
ثم ألقى السفير خليل أبو عفيفه كلمة جامعة الدول العربية دعا فيها المنظمة العربية للتنمية الزراعية وكافة مؤسسات العمل العربي المشترك للمساهمة في طرح الموضوعات ذات الاهتمام المشترك خلال القمة الاقتصادية والتنموية والاجتماعية التي تعقد في دولة الكويت في شهر يناير 2009م والتي تلمس كل مواطن عربي مبيناً أن المنظمة تقدمت بالعديد من الموضوعات والمشروعات تعتبر مجال دراسة من قبل اللجان المتخصصة مشيراً إلى أن قمة دمشق أكدت أهمية عقد القمة الاقتصادية والتنموية والاجتماعية بهدف تفعيل وتعزيز الاستراتيجيات التنموية الشاملة وضرورة التدقيق في اختيار المشروعات بحيث تكون لها عوائد ملموسة ومباشرة لدى المواطن العربي وتعزز التكامل والاندماج الاقتصادي العربي.
وأضاف أبو عفيفه بأن تحقيق الأمن الغذائي العربي مسؤولية كبيرة وأن المنظمة العربية للتنمية الزراعية تتحمل الجزء الأكبر لتحقيق الأمن الغذائي العربي مما يتطلب دراسة علمية وطرح الموضوع بشفافية وتوفير الإمكانات اللازمة للمنظمة لتحقيق الإستراتيجية التي وافقت عليها قمة الرياض.
ثم ألقى معالي وزير الزراعة الدكتور فهد بالغنيم، كلمة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله، قال فيها: (إن من الثوابت الراسخة في قناعات وسياسات المملكة هي تعزيز التنسيق والتعاون والتكامل العربي والإسلامي ودعم وتقوية التضامن والتعاون الدولي والإخاء الإنساني. فلهذا دائماً يجد منا العمل العربي المشترك في كل المجالات وفي كل الأوقات كل اهتمام ورعاية ودعم ومساندة.
.. أيها الأخوة والأخوات تُعقد اجتماعات هذه الدورة في وقت يتعرض فيه العالم ومناطقه المختلفة ومن ضمنها المنطقة العربية لمتغيرات اقتصادية واجتماعية وسياسية ومناخية كبيرة متسارعة ومتداخلة. ومن هذه المتغيرات التي تدعو للقلق موجة الغلاء والتضخم العالية المتزايدة التي لا سابق لها كظاهرة أصابت معظم دول العالم وانعكست في زيادات كبيرة في أسعار السلع الغذائية وبالأخص الزراعية منها بنسب تتفاوت في المتوسط بين 47% إلى 85%. هذه الزيادة في أسعار السلع الغذائية تهدد تحقيق أهداف إزالة الفقر والجوع في العالم خصوصاً في الدول الفقيرة، كما أن توجه بعض الدول المنتجة الرئيسة لبعض المحاصيل الزراعية إلى إنتاج الوقود الحيوي من هذه المحاصيل أدى إلى النقص في إمدادات هذه المحاصيل الغذائية، مما سوف ينعكس سلباً على حياة الإنسان في هذا الكوكب وخصوصاً في عالمنا العربي، وزاد الأمور تعقيداً تغيرات المناخ العالمي التي ما فتئت تسبب أضراراً جسيمة على الإنتاج الزراعي.
أيها الأخوة والأخوات .. لقد ألقت هذه المتغيرات بظلالها السلبية على الزراعة والأمن الغذائي العالمي والإقليمي خصوصاً في الوطن العربي الذي ما زال من المناطق المستوردة للغذاء. ويتطلب هذا الأمر مواجهة هذه المتغيرات بتضافر الجهود وتعزيز العمل الزراعي العربي المشترك عن طريق تنسيق السياسات وتطوير العمل المشترك في إطار إستراتيجية تنموية زراعية ترفد الجهد الوطني وتدعم التكامل الزراعي العربي الذي ينسجم مع الأهداف الوطنية والعربية المتفق عليها والمنافع المشتركة، ونحمد الله كثيراً أن إستراتيجية التنمية الزراعية العربية المستدامة للعقدين 2005 - 2025م التي أعدتها المنظمة العربية للتنمية الزراعية استجابة لدعوة القادة العرب في بيان تونس عام 2004م حول التنمية الزراعية المستدامة والأمن الغذائي قد اعتمدت وأقرت في قمة الرياض العام الماضي، ونسأل الله أن تكون هذه نقطة تحول في مسيرة العمل الزراعي العربي لتضعنا على الطريق القويم نحو تحقيق الأهداف والآمال المرجوة، ونتطلع إلى البدء الجاد في تنفيذها وترجمتها إلى مشروعات محددة وعملية قابلة للتنفيذ، كما نأمل جميعاً أن يناقش هذا الاجتماع أفضل السبل لمواجهة تحديات الزراعة العربية وإزالة المعوقات التي تعرقل تطورها.
الجمع الكريم .. تولي المملكة اهتماماً كبيراً بقطاع الزراعة لما له من دور بارز في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتوازن البيئي، وبتوفيق من الله لقد أثمر عملنا الدؤوب المبني على التخطيط والمشاركة الفاعلة من القطاع الخاص في تحقيق الاكتفاء الذاتي في بعض المحاصيل الزراعية مثل الألبان والتمور وبيض المائدة بالإضافة إلى الوصول إلى مراحل جيدة من الاكتفاء الذاتي في الخضراوات والفواكه ولحوم الدواجن واللحوم الحمراء والأسماك.. أيها الأخوة والأخوات .. لقد آن الأوان للتوصل إلى اتفاق حول نظام تجاري عالمي متوازن يحقق أهداف الألفية الثالثة المتعلق بالأمن الغذائي والتنمية الزراعية المستدامة للعالم بصورة عامة وللدول النامية بصورة خصوصاً التي منها عالمنا العربي. وتبرز أهمية هذا الأمر في الوطن العربي الذي مازال يواجه اتساعاً مستمراً في الفجوة الغذائية التي تزداد لعدم مواكبة الإنتاج للزيادة المتسارعة في الطلب من جراء التصاعد المستمر في أعداد السكان في الوطن العربي الذي زاد من نحو 224.3 مليون نسمة عام 1990م إلى نحو 337 مليون نسمة عام 2007م. هذا في الوقت الذي يزخر الوطن العربي والحمد لله بالموارد الطبيعية من ماء وأرض وظروف مناخية مناسبة وإن كانت غير متساوية التوزيع بين دوله. هذه الحالة تستدعي التنسيق والتعاون الوثيق للاستفادة من هذه الموارد من منظور عربي إقليمي.
.. يُعتبر الاستثمار في الزراعة في الدول ذات الموارد الطبيعية المتوفرة والميزة النسبية في إنتاج السلع الغذائية أحد المتطلبات الأساسية لتضييق الفجوة الغذائية العربية. في هذا السياق تؤكد المعلومات المتوفرة ضعف الاستثمارات العربية الموجهة إلى الزراعة مقارنة بالقطاعات الأخرى في معظم الدول العربية. فلهذا يجب الاستمرار في مراجعة وتطوير السياسات والتشريعات والبرامج والآليات التي تجذب الاستثمار في المجال الزراعي في الدول ذات الإمكانات والموارد الزراعية المتوفرة خصوصاً من القطاع الخاص .. فلهذا آمل أن تترجم قرارات اجتماعكم هذا وما سبقه إلى آليات ومشروعات محددة لتعزيز الاستثمار الزراعي في الوطن العربي، كما آمل أن تناقش هذه الدورة تأثيرات المتغيرات العالمية على الأمن الغذائي في الوطن العربي شاملاً أنجع السبل لمواجهة هذه المتغيرات العالمية .. كما يطيب لي في هذه المناسبة أن أنوه بدور المنظمة العربية للتنمية الزراعية والقائمين عليها على ما بذلوه من جهد في تعزيز وتطوير العمل الزراعي العربي المشترك متمنين للمنظمة والعاملين بها مزيداً من التوفيق والنجاح.
.. أتمنى لهذا الاجتماع النجاح والتوفيق والسداد في مداولاته والتوصل إلى النتائج المرجوة في تطوير وتكامل الزراعة في الوطن العربي.. سدد الله خطاكم لما فيه مصلحة الجميع).
عقب ذلك قدم د. اللوزي مدير عام المنظمة درع شكر وتقدير لراعي هذا الحفل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز تسلمه نيابة عنه معالي وزير الزراعة د. فهد بالغنيم، هذا وقد حضر حفل الافتتاح عدد من أصحاب السمو والمعالي والسعادة وكبار المسؤولين في القطاع الزراعي ثم قام د. بالغنيم ووزراء الزراعة العرب بافتتاح المعرض المصاحب لهذه الاجتماعات الذي احتوى على مشاركات وزارة الزراعة بالمملكة والجهات المرتبطة بها والمنظمة العربية للتنمية الزراعية والعديد من الشركات الزراعية الرائدة.
هذا وقد سبق حفل الافتتاح الرسمي للاجتماعات، افتتاح اجتماع الجمعية العمومية للمنظمة العربية للتنمية الزراعية في دورتها الثلاثين التي بدأت بتلاوة آيات من الذكر الحكيم ثم ألقى معالي وزير الزراعة بجمهورية مصر العربية أمين أحمد أباظة رئيس الدورة السابقة للمنظمة أشار فيها إلى أن انعقاد هذا المؤتمر يأتي في ظل العديد من المستجدات والتحديات التي تواجهها الدول العربية في مجالات الزراعة والغذاء.