الحكاية نفسها، وبسيناريوهات واحدة، توزَّع الاتهامات الأمريكية - الإسرائيلية للدول العربية والإسلامية بسعيها للحصول على التقنية النووية لتصنيع أسلحة ذرية.
فبعد فضيحة العراق الذي ظل تحت طائلة الاتهام أكثر من عقد من الزمن حاولت أجهزة وكالة الطاقة النووية والأمم المتحدة، وبتمويل من إيرادات العراق النفطية تأكيد التهمة على العراق، وظلت فرق التفتيش تبحث في العراق حتى وصل الأمر إلى (التنقيب) في منازل كبار المسؤولين، ووضعوا أجهزة تنصت وكاميرات تصور كل شيء في المواقع (المشبوهة)، واستُقدم لهذا الغرض مئات الخبراء والعسكريين الذين كانت هوايتهم استفزاز العراقيين!!.
وكل ذلك كان يتم بأموال العراقيين، وبعد كل ذلك لم يجدوا ما يؤكد تهمهم وادعاءاتهم مما اضطروا إلى (تلفيق) أدلة قدمها وزير الخارجية الأمريكية آنذاك كولن باول أمام مجلس الأمن الدولي، وبعد خروجه من الوزارة اعترف بكذب أدلته التي جمعتها المخابرات الأمريكية للتغطية على غزوهم للعراق!!.
والسيناريو نفسه ينفَّذ الآن مع إيران بالتهم والادعاءات نفسها، وفرق التفتيش الدولية تذهب إلى طهران ثم تغادرها، وكل مرة يطلبون شيئاً جديداً، وعندما لا تستجيب السلطات الإيرانية لهذه الطلبات يُضغط عليها بالتهديد بفرض عقوبات، تارة اقتصادية وتارة بتوجيه إشارات باللجوء للعمل العسكري، وكل هذا يتم عن طريق الأمم المتحدة ووكالة الطاقة الذرية، اللتين لا تستطيعان رفض كل ما تطلبه واشنطن وحليفاتها من الدول الغربية الخمس: فرنسا وبريطانيا وإيطاليا وألمانيا إضافة إلى صاحبتي العضوية الدائمة بمجلس الأمن الدولي روسيا والصين، اللتين وإن حاولتا الحد من الضغوط الدولية التي تُفرض على إيران إلا أنهما لا تستطيعان أن توقفا سعي واشنطن والغرب لمنع إيران من تطوير قدراتها النووية، خوفاً من استعمالها لتصنيع أسلحة نووية كما (تحذر) واشنطن والعواصم الغربية وإسرائيل..
هذا التحذير وبالادعاءات نفسها انتقل إلى سورية هذه المرة لإكمال حلقة استهداف الدول التي تعتبرها إسرائيل خطرة على أمنها وأنها تهدد وجودها!!.
وبالسيناريو نفسه الذي استُعمل مع العراق ويُنفَّذ الآن مع إيران بدأت أولى خطواته ضد سورية؛ في البداية سربت أجهزة المخابرات الإسرائيلية معلومات عن قيام طائرات إسرائيلية بتدمير منشأة نووية سوريَّة قيد الإنشاء قرب الحدود السوريَّة التركيَّة العراقيَّة، وبعد فترة أضيفت معلومة أخرى بأن المنشأة في منطقة دير الزور، وزاد من تداول الخبر تأكيد السلطات السورية استهداف مصنع سوري في منطقة دير الزور، وأن المصنع لم يكتمل بناؤه، وبعد أن (جُهِّز الطعم) قدمت إسرائيل -كما تزعم- معلومات استخبارية إلى واشنطن طالبة منها تقديمها إلى الأمم المتحدة (لتكشف) قيام سورية ببناء (مفاعل نووي)، وأن هذا المفاعل النووي كان يقام بالقرب من الحدود العراقية بمساعدة من كوريا الشمالية، وأن سلاح الجو الإسرائيلي (اضطُر) إلى تدمير المنشأة النووية السورية التي كادت أن تكتمل وتبدأ إنتاج أسلحة نووية، حددتها بسلاح واحد كل عام!!.
الاتهامات نفسها والأساليب نفسها.. ويظهر أن البداية تشير إلى ضم سورية إلى إيران للتخلص من نظاميهما بعدما تم التخلص من نظام العراق السابق!!.
jaser@al-jazirah.com.sa