«الجزيرة» - سعود الشيباني
تشكل جرائم المخدرات، من حيازة وتعاطٍ واتجار، واحدة من أكثر القضايا التي تتعامل معها المملكة العربية السعودية بحزم شديد، وتطبق فيها العقوبات المنصوص عليها في الشريعة الإسلامية.
وتبذل المديرية العامة لمكافحة المخدرات جهوداً واضحة في محاربة هذه الآفة التي تفتك بالمجتمعات وتحيل شبابها إلى مرضى وأشباح لا قدرة لها بالإنتاج أو النجاح، ناهيك عن تكوين حياة كريمة.
وكثيراً ما أحبط منسوبو مكافحة المخدرات محاولات كثيرة لتهريب كميات كبيرة من تجارة الموت (المخدرات)، ويواجهون في سبيل ذلك مخاطر جمة.
ولا تقل خسائر رجال مكافحة المخدرات عند حد الإصابات أو الكدمات أو السحجات الطفيفة، بل تصل إلى درجة الإعاقة أحياناً أخرى، فيما نجدهم يقدمون أرواحهم الطاهرة في سبيل الله أولاً ومن أجل حماية الوطن والمواطن ثانياً من تلك الآفات التي تفتك به، وتستهدف أهم شريحة في المجتمع ألا وهي شريحة الشباب.
وفي هذا الصدد قدم أكثر من (400) ضابط وفرد من منسوبي وزارة الداخلية أرواحهم فداء للوطن والقاطنين على أرضه من مواطنين ومقيمين وذلك خلال تصديهم لتجار وعصابات المخدرات داخل المملكة وخارجها، بل وتعدى الأمر إلى التنسيق الفاعل والإيجابي مع بعض دول الجوار.
حيث شهدت عدة مواقع من مناطق المملكة الدماء الطاهرة التي قدمها رجال تصدوا لمروجي السموم داخل المملكة، فقد سجلت المديرية العامة لمكافحة المخدرات عدة حوادث متفرقة استشهد فيها رجال قدموا أرواحهم الطاهرة فداءً للدين ثم المليك والوطن في مواجهات مع عصابات المخدرات، ورجال مكافحة المخدرات طوال الأعوام الماضية لم يتخاذلوا تجاه هذه الفئة التي تسعى لنشر الفساد بين شبابنا، حيث استطاعوا أن يلقوا القبض على العديد من مروجي هذه السموم ويحبطوا العديد من عمليات الترويج ويضبطوا كميات كبيرة من مختلف أنواع المخدرات التي كانت جاهزة للترويج في أوساط الشباب.
وشهدت الأحداث التي وقعت بين رجال المكافحة وهؤلاء العاقين للوطن والمجتمع قصصاً عديدةً كان من بينها قصة استشهاد الوكيل رقيب جمعان بن محمد المسردي القحطاني الذي لقي ربه أثناء تأدية واجبه وخلال مشاركته في عملية ملاحقة لمطلوب في قضية ترويج مخدرات وقتل حيث بدأت خيوط القضية عن توفر معلومات بتواجد أحد المروجين في منطقة صحراوية خارج مدينة النعيرية.
وأكد شقيق الشهيد جعفر بن محمد المسردي القحطاني أن شقيقه الذي يعمل في إدارة مكافحة المخدرات بالنعيرية قد استشهد إثر ملاحقته لمروج ومطلوب في قضية قتل أحد المواطنين الذي رصدت أجهزة الأمن معلومات عن تواجده في منطقة صحراوية شمال محافظة النعيرية.
وقال القحطاني إن الشهيد وزميليه مكثا في الصحراء المجاورة للمحافظة مدة يومين للإطاحة بالمروج دون قتله حيث تم رسم خطة محكمة للقبض عليه، مشيراً إلى أن شقيقه الشهيد تعرض للعطش وتلوث الهواء مما سبب له أزمة قلبية نقل على أثرها للمجمع الطبي بالظهران وأُدخل العناية المركزة وفارق الحياة بعد (4) أيام قضاها بالعناية المركزة وأعلن الأطباء وفاته - رحمه الله - متأثراً بالعطش وتقلبات الجو الساخنة، وكان ذلك عام 1422هـ.
ووصف القحطاني أخاه الشهيد بأنه كان يتمتع بأخلاق رفيعة ومحاربة للمنكر وحب للوطن، وتقديم كل غالٍ ونفيس من أجله، وجاء على لسان شقيقه: إنه قد صدق النية لله تعالى وحقق الله أمنيته التي طالما رددها وهي نيل الشهادة في سبيل محاربة الباطل، ورغم علمه أن العمل بمكافحة المخدرات فيه الكثير من المخاطر - على حد قوله - رحمه الله - لكنه بحث عن الشهادة في هذا الميدان فرزقه الله ما أراده، والحمد لله أنه استشهد في ميدان العمل وأثناء أداء الواجب وليس بعيداً عنه، وأضاف أنه كان يطارد واحداً من أشد العناصر الإجرامية التي تشكل خطورة على أمن المواطن والمقيم على حدٍ سواء، بل إنه شرف لأبنائه الذين يعرفون أن والدهم قدم روحه الطاهرة في ميدان الشرف. وأضاف أن الشهيد له من الأبناء خمسة، ثلاثة أولاد وبنتان.