«الجزيرة» - الرياض
أكد صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن مساعد بن عبدالعزيز على أهمية أن يكون لشباب الأعمال أهداف وطموحات وتصميم كبير على مواجهة أي عقبات أو مشكلات قد تصادفهم في طريق الحياة، مشيراً سموه إلى أهمية الانتباه للتفاصيل الصغيرة قبل الكبيرة في إنجاز أي مشروع، وعدم ترك الأمور للمصادفة، واستشارة الأشخاص ذوي الخبرة، خصوصاً الذين يخالفونهم الرأي وذلك لترسيخ أقدامهم على طريق النجاح في عالم العمل الشاق والجدية الذي قد لا يخلو في كثير من الأحيان من المخاطرة وبخاصة في بداية المشوار العملي. جاء ذلك في محاضرة ضمن لقاءات سلسلة برامج التطوير الذاتي التي تنظمها عمادة السنة التحضيرية بجامعة الملك سعود والتي أقيمت مؤخراً بقاعة حمد الجاسر بحضور ووكلاء الجامعة وعمداء الكليات وعدد من أعضاء هيئة التدريس وجمع من الطلاب الذين حضروا المحاضرة للاستفادة من تجربة سموه الشخصية في عالم الأعمال والإدارة والتي تعد جزءاً من قصة نجاح كبيرة رسمتها (شركة الورق) لتصبح واحدة من كبريات الشركات في المنطقة والعالم، وأرست تجربة غنية لتوطين التقنية الصناعية وانتقالها من المحلية إلى العالمية.
جاءت المحاضرة ضمن أهم لقاءات سلسلة برامج التطوير الذاتي التي تنظمها عمادة السنة التحضيرية والتي كانت بعنوان (قصة نجاح)، وكان أسلوب الأمير عبدالله بن مساعد مؤثراً في الحضور وبدت قاعة حمد الجاسر مشدودة للمحاضر في لقاء لا تنقصه الصراحة، حيث تفنن سموه في نقل تجربته الثرية لأبناء وطنه، ووضع الأمير عبدالله بن مساعد خلاصة تجربته العملية أمام طلبة السنة التحضيرية حيث تحدث عن تجربته الإنسانية والعملية ونشأته الدينية، وبيّن تجربته العملية في صناعة الورق منذ كان طالباً في كلية الهندسة بجامعة الملك سعود عام 1987، حيث حصل منها على درجة البكالوريوس في الهندسة الصناعية، وبعدها بثلاث سنوات حصل على الماجستير بعد أن عمل معيداً في الجامعة حيث قال سموه: فكرة مشروع مصنع الورق تطورت معالمها الأساسية وأنا في الفصل الدراسي الأخير في جامعة الملك سعود عندما قابلت رجل أعمال دنماركي كان في زيارة لمدينة الرياض لمدة لم تتجاوز ثلاثة أيام.
وكان هذا اللقاء - على ما أذكر - عن طريق الخال أحمد النجرس، إذ قدمني لرجل الأعمال الدنماركي هذا، ومن حسن الحظ أنه كان يحمل معه فكرة مشروع لإنشاء مصنع لإنتاج عجينة الورق من سليلوز قش القمح. وأضاف سموه: وفي ختام اللقاء الأول حدّدنا لقاء آخر للتباحث في تفاصيل هذا المشروع.
وبعد ذلك بفترة بسيطة جداً بدأتُ أُفكّر جدّياً في تنفيذ هذه الفكرة التي طرحها المستثمر الدنماركي، وبالفعل قمت بإعداد دراسات الجدوى الاقتصادية الخاصة للمشروع، وطورت تلك الدراسات فكرة مشروع إنتاج عجينة الورق إلى البدء بمشروع صناعة منتجات الورق الصحي بأنواعه وبدأت أنا وفريق العمل الذي كوّنته فيما بعد بتركيز جهودنا على تنفيذ هذا المشروع.
كما استعرض سموه بداية مشواره في عالم الأعمال والصناعة والإسهام في تأسيس صرح صناعي وطني كبير هو (الشركة السعودية لصناعة الورق) والذي نبه سموه إلى منزلقات الإخفاق والفشل وعوامل الإحباط، والتأكيد على ضرورة التغلب على اليأس مهما بلغ داخل الإنسان، إضافة إلى الصفات التي ينبغي على الشباب أن يتحلوا بها لترسيخ أقدامهم على طريق النجاح في عالم العمل الشاق والجدية الذي قد لا يخلو في كثير من الأحيان من المخاطرة وبخاصة في بداية المشوار العملي.
وتحدث عن مشواره في عالم الأعمال وأوضح الصعوبات التي واجهته، وكيف تغلب عليها، وكيف واجه الخسائر وثابر من أجل تحويلها إلى أرباح، وأشار سموه إلى وصفة النجاح في الموازنة بين الوقت وبين العمل والمسؤوليات والالتزامات الأسرية والاجتماعية، مبيناً رؤيته حول أن نجاح رجل الأعمال الحقيقي لا يكتمل إلا بنجاحه في تكوين فريق عمل جيد حوله.
كما بين الأمير عبدالله بن مساعد أن هناك عدة مرتكزات أساسية للنجاح، منها كثرة الدعاء إلى الله، حيث كان لحوح الدعاء، وحريصاً على اختيار الأوقات المستجاب فيها، إضافة إلى التحصيل العلمي المتميز، ووضوح الهدف فلا بد أن يكون لكل شخص هدف وطموح يمشي معه ويستمر طوال حياته، وأن يتحلى بروح المبادرة والتصميم فلا بد ألا يفقد الشخص الأمل، ويكون لديه تصميم كبير ومواجهة أي عقبات أو مشكلات قد تصادفه، مبيناً ضرورة الانتباه للتفاصيل الصغيرة قبل الكبيرة في إنجاز المشروع، وعدم ترك الأمور للمصادفة، واستشارة الأشخاص ذوي الخبرة، خصوصاً الذين يخالفونك الرأي.
بعد ذلك تحدث الأمير عبدالله بن مساعد عن نشأته حيث قال: نشأت وترعرعت تحت تربية دينية في كنف والدي الأمير مساعد بن عبد العزيز، تعلمت منه الاعتماد على النفس في تحقيق أي طموح والصبر والتواضع والوفاء والكثير مما كان له التأثير في مسيرتي الإدارية لاحقاً.
ثم تحدث عن حياته العملية وهو الآن يشغل منصب رئيس مجلس إدارة الشركة السعودية لصناعة الورق والشركة السعودية لإعادة تدوير الورق والمخلفات، كما يشغل مناصب في عدد من الجهات العقارية والمشاريع ذات العلاقة بالقطاع المالي. وتطرق سموه لصناعة الورق في المملكة، مؤكداً أن مجال إعادة التدوير كبير ويحمل الكثير من الفرص الاستثمارية الواعدة التي لم تُستغل بعد في المملكة، وأن السوق السعودية بشكل عام فيها فرصة ضخمة في المجال التجاري والصناعي، خصوصاً على مستوى المنشآت الصغيرة والمتوسطة. وتوقف ضيف اللقاء عند مرحلة توفير تمويل مشروع صناعة الورق، وما واجهه من صعوبات لمدة عامين تقريباً حتى تمكن من تأمينه، وتأثير هذه المرحلة في شخصيته وإدارته لباقي مراحل المشروع حتى بدأ الإنتاج.
بعد ذلك أجاب سموه على أسئلة الطلبة الذين تحلقوا حوله بعد نهاية المحاضرة في جو من الشفافية والبساطة، بعد ذلك قدم الدكتور عبدالعزيز العثمان عميد السنة التحضيرية درعاً تكريمياً لسموه على تشريفه للجامعة، وتحدثا بعد ذلك حول مخرجات التعليم الجامعي المواكب لسوق العمل ودور الجامعة في هذا الاتجاه، وأشار الدكتور العثمان إلى أهمية الاستثمار في الشباب ذلك المعين الذي لا ينضب ودور الجامعة في هذا الاتجاه باعتبارها أحد الرهانات الإستراتيجية للوطن من أجل التحول إلى الاقتصاد المبني على المعرفة، وأعطى لسمو الأمير فكرة عن السنة التحضيرية وأهدافها في تنمية مهارات الطلاب ليحصلوا بعد تخرجهم على الوظيفة الملائمة لهم, خصوصاً وأن هناك 6 براءات اختراع سجلت بأسماء عدد من طلاب السنة التحضيرية في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية.