Al Jazirah NewsPaper Saturday  26/04/2008 G Issue 12994
السبت 20 ربيع الثاني 1429   العدد  12994
السائق هو الحل
د. عبد الملك بن إبراهيم الجندل

بعيداً عن المثاليات والتنظير البعيد عن الواقع، هذه حكاية واقعية لشخص لديه خمسة أولاد، وكلهم في التعليم، وفي مدارس متفرقة، إضافة إلى والدتهم الموظفة، معاناته في عملية إيصالهم للمدرسة، وأمهم لعملها، وإرجاعهم بعد ذلك، يقول: في الصباح، صرت مثل الكرة في الملعب التي تتقاذفها الأرجل، أذهب بهذا هنا، وهذا هناك، حتى إذا تعبت، و(غصت) في زحمات الرياض وصلت إلى عملي منهكاً ومتأخراً.

وهذا تهون عند أختها، وهي: عملية إرجاع العائلة إلى المنزل، فكل واحد من الخمسة: (الأولاد) زائد واحد (الزوجة) له موعد للخروج، والويل ثم الويل لي وله إن تأخرت، فالويل لي من العتاب والمساءلة عن التأخير، والويل له من مدرسته التي ما إن تقارب النصف ساعة بعد الخروج، إلا ويبدأ التأفف وكتابة الأسماء، وورود الاتصالات من المدرسة (تعال خذ ولدك، وإلا انقله عنا)، والزوجة وعتابها، بسبب (رصّتها) في الحر الشديد.

فجعلت أهرب من عملي، لإيصال واحد أو اثنين، ثم أرجع للعمل، وقبل نهاية الدوام أتسلل لأحضر البقية.

ففكرتُ: عملية الإيصال الصباحي قد أتمكن من حلها، أو أتغاضى عن سلبياتها، ولكن المشكلة الكبرى التي تحتاج إلى حل عملي هي ما بعد الدوام المدرسي، فلماذا لا يتم إنشاء صالات في المدارس، أو استغلال الصالات الموجودة، وذلك لانتظار الطلاب، وتكون مساحتها لعدد طلاب المدرسة، وتجهز بالتكييف، ودورات المياه، وبعض الكراسي والطاولات، ويستحسن توفير بعض الألعاب، ويشرف على تلك الصالات موظفون ليسوا معلمين، ويحدد عملهم بالساعات، مثلاً: من العاشرة صباحاً، حتى الثالثة بعد الظهر، لملاحظة الطلاب المتأخرين، أو بقاء كاتب المدرسة حتى الساعة الثالثة واحتساب ذلك الوقت خارج دوام أو بمكافأة مقطوعة، وتتساوى كذلك مدارس البنات، في إقامة مثل تلك الصالات وتوفير الموظفات.

ولكن.. تلك الفكرة ما زالت في الخيال، ولم تنزل بعد إلى أرض الواقع، ويظهر أنها لن تنزل.

قلت: إن ليس لي إلا وسائل النقل المدرسي، فتوصلت إلى أني سأدفع حوالي عشرين ألف ريال سنوياً، مع ملاحظة التأخير في التوصيل، ورداءة كثير من وسائل النقل تلك.

لذلك (طنّت) فكرة في رأسي، وطبقتها، وهي استقدام سائق يكون تحت الطلب ليلاً ونهاراً، مع الحرص على ركوب امرأتين وأكثر مع السائق تجنباً لحصول الخلوة المحرمة، صحيح أني دفعت مبلغاً في الاستقدام والإقامة ورخصة القيادة وما سيتقاضاه شهرياً، ولكن بعد الحساب والجمع والطرح، توصلت أني لم أخسر كثيراً بالنسبة لما سأدفعه لوسائل النقل، إضافة إلى أن زوجتي أصبحت راضية عني، وأولادي يدعون لي يومياً، ويشكروني على هذا السائق، وحصلت على خطاب شكر من مديري في العمل، عندما لاحظ حضوري واجتهادي، وعدم هروبي وتسللي من العمل، وتخفيضاً للنفقات قامت (الزوجة) بنقل بعض الموظفات من بيوتهن إلى العمل وإرجاعهن.

وبصراحة ارتحت كثيراً، وبدأ يصيبني العجز والكسل، فإذا أردت شيئاً صحتُ على السائق بإحضاره، والعائلة (فكّوا) ارتباطهم بي، فلهم طريقهم ولي طريقي. ويضيف صاحبنا: هذه تجربتي، فهل ما فعلته صحيح؟ وهل سأستطيع مستقبلاً الاستغناء عنه إذا انتهت الحاجة إليه؟ أو هو باب إذا فتح لن يغلق، مثل العاملة المنزلية؟ وأترك لكم الإجابة.





aljndl@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد