تبكيك يا عمتي كل الكلمات؛ وتحزن لفراقك كل الحروف؛ وتتسابق لرثائك كل المفردات؛ وتعجز عن وفائك كل الجمل.. لقد تحرك قلمي ليجمع صفاتك الجميلة ويلملم في السطور عذوبة حياتك وجمال مناقبك؛ فإذا بالقلم يقف أمام عطاء سخي لأم رؤوم؛ ودعت الدنيا بعد مرض عانت منه طويلاً.. كان يوم الوداع الحزين صبيحة باكرة من يوم الجمعة السادس من ربيع الأول لعام ألف وأربعمائة وتسعة وعشرون للهجرة وخلال ساعاته الفاضلة وسويعاته المباركة والناس تتهيأ لصلاة الجمعة إذا بالنبأ يتسلل بين مسارب الحياة ليقول للجميع بأن عمتي ودعت الدنيا وتركت من بعدها جيلاً يحمل الأمانة والعطاء بهدوء وسكينة.. إنه جيل أحمد وزيد ومساعد وحمد أولئك الذين كانوا يحملون من الخيرية الشيء الكثير ولا زالوا على نفس المنهج يترسمون تلك الخطى النقية التي اختطتها لهم تلك الأم الرؤوم التي حملت الأمانة وقادت مسؤولية البناء الشامخ بعد وفاة والدهم المغفور له بإذن محمد الشرار -رحمه الله- فخرج لنا هذا الجيل المهذب من الرجال الأفاضل وشقيقاتهم الفاضلات ومعهم أخوة يعبرون عن وفاء الأخوة بكل الصدق والإخلاص متمثلاً في شخصية الأستاذ صالح وشقيقه عبدالله ليكتمل جهد الأوفياء والمخلصين في ترابط أسري إيماني رائع.
عمتي.. أيتها النقية هل نقول وداعاً؟ وقد خلفني هذا الجيل النقي الذي سيظل يحمل تلك الصورة الناصعة لنقاء سريرتك وصفاء قلبك وإيمانك العظيم..
عمتي.. أيتها الفاضلة هل نقول وداعاً؟ وقد تركتي ذكراً عطراً وسيرة حسنة سيظل الجميع يقلب صفحاتها ويروي محاسنها في صورة مفعمة بالدعاء لك أن يجعلك مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا.
اللهم إني أسأل المغفرة والرحمة لها ولأموات المسلمين ونقها من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس وجازها بالإحسان إحسانا وبالسيئات عفواً وغفرانا.
اللهم بارك بخطوات الجميع الذين سعوا للمشاركة في تشييع جنازتها وقدموا واجب العزاء واجعل ذلك في موازين حسناتهم.. اللهم آمين يا أرحم الراحمين.