الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب.
وفصله لأولي الألباب بشيرا للمؤمنين ونذيرا للعالمين.
جعله تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين. ثم الصلاة بعد والسلام على نبي هديه القرآن يحل حلاله ويحرم حرامه ويعمل بأمره ويترك نهيه فكان عليه الصلاة والسلام خلقه القرآن في كل أحواله والسلام على الآل والأصحاب والتابعين إلى يوم الدين.
أما بعد:
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا}، وقال جل وعلا: {يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}، وقال تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا}، وقال تبارك وتعالى: {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا}.
فهذا هو دستورنا فيه كل ما تحتاجه الحياة من دقيق وجليل ربط الله عز هذه الأمة بالعلم به والعلم بمقتضاه من خالف أمره قصمه الله ومن تركه خذله الله والأمة اليوم بحاجة إلى العلم بكتاب الله تلاوة وحفظا وتدبرا وتفسيرا ثم العلم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم رواية ودراية وتطبيقا وعناية فالفقه في دين الله أضحى ضرورة في العقيدة والعبادات والمعاملات والأخلاق ليكون المسلمون على بصيرة من دينهم أمة واحدة دستورها واحد هو الكتاب والسنة وهذا لا يكون بالتحلي ولا بالتمني وإنما بالعمل الجاد المتواصل ومن الكل كل بحسب استطاعته فأهل العلم عليهم نشره وتبليغه والعمل به وأهل المال عليهم تهيئة ما يلزم. فأمة الإسلام هي خير أمة أخرجت للناس وخير هذه الأمة من تعلم القرآن وعلمه وهذه الخيرية تشمل كل صغير وكبير ثنى ركبته يتعلم القرآن ليعمل به وتشمل كل من كان عالما أسهم في التعليم بنفسه أو دعا إلى ذلك بلسانه أو قلمه وتشمل أيضا من أنفق ماله وجاهه لتعليم القرآن وعلومه.
ومن هذا انطلقت مسابقة الأمير سلمان بن عبدالعزيز لحفظ القرآن الكريم التي رغم عمرها القصير قد أثرت تأثيرا بالغا في شباب وشابات المملكة حيث الفوز بهذه الجائزة هو فوز حقيقي لا يحصل عليه إلا متمكن من كتاب الله وبات الفوز بهذه المسابقة أمنية للأبناء وللبنات وللآباء والأمهات ولقد كان لهذه الجائزة والأسلوب التحفيزي والإعلامي الدال عليها أثر بالغ الأهمية في تنافس طلاب الحلق للفوز بالجائزة ولقد فاز بهذه الجائزة أكثر من ثمانمائة واثنا عشر حافظا وحافظة.
نفع الله بهم العباد والبلاد في إقراء القرآن وإمامة الناس وكانوا متميزين أخلاقيا وعقائديا وفكريا، لأن العناية بهذه المسابقة وتجديد أهدافها ورسم البرنامج التربوي لها له أثره القوي فجزى الله الأمير سلمان بن عبدالعزيز الخير على إنشاء هذه المسابقة ورعايتها والاهتمام بها فهي من خير أعماله التي سبق بها أقرانه. فكان متميزا بعمل كل خير والحث عليه فأنزل الله حبه في قلوب أهل الخير والعلم والصلاح وبات رمزا من رموز العطاء العلمي والديني والاجتماعي ووفقه الله لخدمة هذا الوطن ومواطنيه وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
* رئيس محاكم منطقة المدينة المنورة