في كل نقاط التوتر على الخارطة العربية ثمة أيد أجنبية تعبث بمقومات وحدة الشعوب من المغرب العربي وصولا إلى مشرقه، أي من المحيط إلى الخليج حسب التعبير الشائع، ومن ثم فإن الحاجة تبدو ملحة لتحفيز مقومات الوحدة وإعادة تنشيطها في كل بؤر التوتر تلك..
وفي دعوة المملكة الأخيرة عبر مجلس الوزراء إلى العراقيين واللبنانيين والفلسطينيين هناك هذا التأكيد على التماسك في جبهة واحدة، سواء أكان ذلك في لبنان أو فلسطين أو العراق، لأن هذا الأمر إن وجد طريقه إلى التحقيق في كل من هذه الدول فإن ذلك كفيل بإسقاط كل مبررات التدخلات الأجنبية الظاهرة والخفية..
فالتدخل الأجنبي يتسلل متى كان هناك وهن في جدار الوطن يسمح بتسربه إلى الداخل وإعمال عناصر الهدم فيه، يصدق ذلك في الأمثلة الثلاثة التي أمامنا وفي غيرها..
وفي الأمثلة الثلاثة هناك سخونة في الأحداث؛ بعضها على نار التوترات السياسية، وبعضها تنتقل بالسياسي من دائرة الجدل إلى ساحة الفعل العسكري؛ حيث القتال بين الإخوة الذين يفترض أنهم في خندق واحد ضد الاحتلال، كما في حالة فلسطين، وضد التدخلات الإقليمية والدولية كما في حالة العراق، وفي لبنان يظل الجدل محصورا في تلك الدائرة السياسية مع مؤشرات ومهددات حقيقية بإمكانية الانتقال إلى ساحة الفعل العسكري المقيت، مهما كانت الحصانة التي يملكها لبنان باعتباره شهد حربا أهلية طويلة ومضنية طوال 15 عاما يعمل اللبنانيون بكل السبل لعدم العودة إليها مجددا، ومع ذلك فإن الإرادة الوطنية اللبنانية حتى وإن نجحت في الصمود في وجه عناصر الانزلاق إلى دائرة الحرب فإن الأطماع الإقليمية قد يكون لها حسابات أخرى تشمل إشعال لبنان من أقصاه إلى أقصاه.. من هنا فإن دور الأطراف العربية الفاعلة يستوجب الوقوف بحزم أمام محاولات ذلك الدفع باتجاه إشعال فتيل التوتر، ومن هنا أيضا هذا السعي الدائم للمملكة في إبعاد شبح الحرب عن الساحة اللبنانية ومساعدة مختلف الأطراف على الإعلاء من مقومات الوحدة والتلاقي الوطني على الأطماع الخارجية.. ويعتمد التحرك السعودي بهذا الصدد على وقوف المملكة على مسافة واحدة من جميع أطراف الأزمة اللبنانية، الأمر الذي يتيح لها التحرك بسهولة بينهم جميعهم والدفع بالإيجابيات التي من شأنها تقريب شقة الخلافات على قاعدة تغليب مصلحة لبنان على ما عداها من مصالح دولية وإقليمية.