لم تعد مشكلة استقدام العاملات في البيوت، وتكاليف استقدامهن الباهظة هي المشكلة فقط، فعلى الرغم من التضييق على الاستقدام نفسه وما يتعرض له الناس من معاناة مع وزارة العمل وإجراءات الاستقدام الخرافية أقلها أنه لا يكفي تفويض معتمد رسمي لشخص ما إلا بالوكالة الشرعية من المحكمة ليتسنى للمعقب متابعة إحضار العاملة أو العامل مع ما يأخذ ذلك من جهد ووقت ومال، وقد لا تكون نتيجة حتى مرضية.! على الرغم من ذلك كله تبرز مشكلات غاية في الخطورة والقهر الذي نعانيه، خاصة فيما يتعلق بحفظ وصيانة حقوق الطرفين المستخدم - بكسر الدال - والمستخدم - بفتحها -.
ما يحدث من سرقات في البيوت والمزارع وأماكن تواجد العمالة ليس بجديد، ومع تزايده وازدياد البطالة أصبح الأمر أكثر خطورة، وأشد أثراً سلبياً على المجتمع.
حين تفقد من بيتك مالاً أو مقتنيات وتعرف يقيناً أن اليد التي امتدت إليها لم تأتِ من الخارج ولأنه ليس هناك في الداخل إلا هذه العمالة، فإنك بلا شك ترجح أن اليد الداخلية هذه هي من فعلت فعلتها، وحين تهرب هذه العمالة بعد ما تحس بانكشاف الأمر يرقى الشك إلى مرحلة اليقين بأنها هي الفاعلة. ولأن الشرطة هي الملجأ في هذه الحالة، ولأن جوازات السفر والإقامة الخاصة بتلك العمالة هي لدى أصحاب الشأن أقصد البيوت والمزارع، فإن الأمر يبدو على هذه الشاكلة مطمئناً.
يتم تسجيل البلاغ، ويتم تدوين المفقودات وتبدأ المعاناة الحقيقية مع مراكز الترحيل. كل يوم وآخر يتم استقبال مكالمة أو أكثر من تلك المراكز تقول بأن هناك عاملة ضُبطت بمبالغ مالية أو غيرها ربما تكون ضالتكم، ولكنها لا تكون لأنها ضالة أناس آخرين. يمضي الوقت ويبقى أهل الحاجة معلقين بين ما فقدوه؛ وبين حاجتهم إلى عاملة أو عامل بديل.
ولأن هذا البديل مستحيل، فإن حجم المعاناة يصبح أكبر وملامح الحل تبدو أقل وضوحاً.
وحين يتم الإمساك بالهاربين أو المتواطئين، ولا يعترفون، فإن القرار الأخير يكون بالترحيل، وتضيع معه الحقوق ويفوز المجرمون بالغنائم.! ولأن الترحيل ومتطلبات الحجز في مراكزه يتم ذلك مجاناً وبيسر وسهولة إن لم يتحمل تلك الأعباء المواطن فإن الدولة جزاها الله عنا ألف خير تتحملها!! وهو ما يعزي تلك الفئة بتناقل هذه المعلومات واستغلالها لتبدو بعدها الجريمة لديها سهلة كيف لا وهي تنتهي بالعودة إلى الديار (سالمين غانمين مكرمين)؟!
الملايين من العمالة من الممكن أن يعنيهم هذا الأمر والتعميم فيه باطل لأن هناك من الأمينين من هم كثر، لكن لابد من صياغة وصون أمر عقود العمل والجزاء وما يتعلق بهما بصورة شاملة تحفظ الحقوق وتؤدي الواجبات.. ويكفي أن تظل المواقف تسير إلى جانب العمالة بوصفها مسكينة.. ضعيفة.. لا حول لها ولا قوة... وتاليتها؟!!
