شهد إبريل الجاري بدء العمل بما عرف بالمؤشر الحر، وهو المؤشر الجديد لسوق الأسهم السعودية الذي اعتمدته شركة السوق المالية (تداول). ويقوم المؤشر الحر على أساس احتساب الأسهم القابلة للتداول فعلياً وليس إجمالي الأسهم المصدرة، كما كان متبعاً من قبل.
ويضم المؤشر الحر 115 شركة مساهمة، كما في شهر إبريل 2008م الجاري، يبلغ عدد أسهمها المصدرة نحو 34.7 مليار سهم، منها نحو 12.3 مليار سهم قابلة للتداول فعلياً وداخلة في حساب المؤشر الحر، وهي تمثل نحو 35.5% من إجمالي الأسهم المصدرة. ووفقاً للتنظيم الجديد لمؤشر الأسهم السعودية، فإن قيمة الأساس للمؤشر الحر ستكون 5000 نقطة، وفق تاريخ الأول من شهر يناير 2007م الماضي، وبالتالي سيكون هذا المستوى هو الذي تقارن على أساسه تغيرات السوق اليومية. والمؤشر الحر الجديد هو معيار رقمي يعكس أداء الشركات المساهمة المدرجة في سوق الأسهم في يوم التداول.
ومن سمات سوق الأسهم السعودية أن التعاملات المباشرة من قبل المستثمرين، والمضاربين بشكل خاص، تمثل السواد الأعظم، وذلك بتداولهم المباشر عبر صالات وشاشات التداول في البنوك التجارية أو عبر شبكة الإنترنت. ويقدر عدد المستثمرين في السوق حالياً بنحو 3.6 مليون شخص، وفق تقديرات رئيس إدارة الأبحاث والتطوير في شركة السوق المالية (جريدة المدينة المنورة - 11 إبريل 2008م).
ولعل هذه السمة هي التي تجعل السوق عرضة للتذبذب والتغير غير الطبيعي نتيجة لغياب الدور الفاعل لشركات الوساطة في السوق حتى الآن، على الرغم من وجود 22 شركة وساطة تعمل في السوق حالياً.
ويبدو أن تأصيل ثقافة الاستثمار في سوق الأسهم السعودية عن طريق شركات الوساطة، كما هي الحال في أسواق الأسهم العالمية، يحتاج إلى وقت وإلى تفهم وإدراك المستثمرين السعوديين لدور وأهمية ومهنية شركات الوساطة.
ويلعب مستوى الوعي الاقتصادي في المجتمع، ونوعية الثقافة الاستثمارية السائدة، وانحسار فرص الاستثمار البديلة، دوراً مهماً في سيطرة التعاملات الفردية المباشرة على التداول في سوق الأسهم السعودية، وهو ما يتيح فرصاً كثيرة للتدخل في مسار الأسعار وخلق تشوهات في السوق تدعمها إشاعات موجهة تستثمر وسائل اتصال جماهيرية متعددة مثل منتديات الإنترنت والقنوات الفضائية ورسائل الجوال، والصحف المحلية إلى حد ما. وقد أفرز هذا المناخ غير الصحي عدداً ممن يسمون بمحللي سوق الأسهم، وهم في الغالب يفتقرون إلى التخصص والخلفية العلمية المهنية، وغير مرخص لهم أصلاً من قبل الجهة المختصة، وهي هيئة السوق المالية.
وقد أسهم هذا المناخ غير الصحي، بالإضافة إلى ضعف التعامل مع شركات الوساطة المتخصصة والمرخص لها من قبل هيئة السوق المالية، في تعرض الكثير من المستثمرين، وخصوصاً المستثمرين الصغار، لخسائر فادحة في السوق. وقد ألقت هذه الخسائر الفادحة بظلالها على فئات كثيرة من المجتمع السعودي. ولعل هذا ما حفز هيئة السوق المالية لإعداد نظام للمحللين الماليين، وذلك في إطار الجهود التي تبذلها الهيئة لتطوير أداء السوق وتوعية المستثمرين، وفق قول محافظ الهيئة الدكتور عبد الرحمن عبد العزيز التويجري (جريدة الجزيرة - 16 إبريل 2008م). وهذا ما دعا أيضاً بعض المهتمين بالشأن الاقتصادي إلى إنشاء جمعية أهلية لتوعية صغار المستثمرين، وهي الجمعية السعودية للمحللين الفنيين التي يرأسها الأمير عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عبد العزيز آل سعود. وقد نقلت جريدة الشرق الأوسط (5 إبريل 2008م) عن الأمير عبد العزيز قوله بأن (صغار المتداولين أصبحوا ضحية لبعض كبار المتعاملين، حيث وقعوا ضحية التلاعب بأموالهم، لينتهي بهم المطاف مدينين لجهات عديدة، بعد أن كانوا يسعون للحصول على مكاسب لهم ولعائلاتهم، إلا أنهم لم يتمكنوا من تحقيقها، بسبب تأثرهم بموجات من التصريحات غير المدروسة أو التي لها أهداف تخدم جهات أخرى، فكان هذا هو الدافع لإنشاء الجمعية، وهو حماية صغار المستثمرين وإبداء حقائق قد يخفيها البعض للحصول على مكاسب أو منافع شخصية).
ووفقاً لما نقلته الجريدة أيضاً عن الأمير عبد العزيز، فقد حصلت هذه الجمعية على الموافقة النهائية من الاتحاد الدولي للمحللين الفنيين، وإن كانت لم تحصل بعد على موافقة هيئة السوق المالية، أو أي جهة حكومية أخرى.
* رئيس (دار الدراسات الاقتصادية) - رئيس تحرير مجلة (عالم الاقتصاد) - الرياض